﴿عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا﴾ [الانسان :21]
قدْ جلَّلَ أهلَها ثيابُ الحريرِ الأخضَرِ الرَّقيق، وآخَرُ مِنَ السَّميكِ المُبَطَّنِ اللَّامِع، وزُيِّنوا في أيدِيهمْ بأساوِرَ مِنْ فِضَّة، وسَقاهمُ اللهُ شَرابًا مُطهَّرًا لا كدَرَ فيه.
﴿إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَآءٗ وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا﴾ [الانسان :22]
ثمَّ يُقالُ لهم: إنَّ كُلَّ هذا التَّكريمَ والإحسَانَ، هوَ في مُقابَلةِ أعمالِكمُ الصَّالحة، التي قدَّمتُموها في الدُّنيا، وكانَ عمَلُكمْ بطاعةِ اللهِ مَقبُولاً مَرضيًّا.
﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ الۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا﴾ [الانسان :23]
نحنُ نزَّلْنا عَليكَ القُرآنَ العَظيمَ أيُّها النبيُّ مُتفَرِّقًا، ليَكونَ أكثرَ عَونًا على الفَهمِ والتدَبُّر، وأيسرَ للحِفظ، وأوقعَ في النَّفسِ بعدَ الوقَائع.
﴿فَاصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا﴾ [الانسان :24]
وكما أكرمَكَ اللهُ بهذا التَّنزيل، فاصبِرْ على قَضاءِ اللهِ وقدَرِه، وتحمَّلْ أذَى قَومِك، ولا تَضجَرْ مِنْ تأخُّرِ النَّصر، ولا تُطِعِ المُنافِقينَ والكافِرينَ إذا أرادُوا صدَّكَ عنْ سَبيلِ الله.
﴿وَاذۡكُرِ اسۡمَ رَبِّكَ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا﴾ [الانسان :25]
وداوِمْ على ذِكرِ اللهِ أوَّلَ النَّهارِ وآخِرَه.
﴿وَمِنَ الَّيۡلِ فَاسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا﴾ [الانسان :26]
وصَلِّ لهُ بَعضَ اللَّيلِ واخضَعْ له، واذكُرْهُ، وتَهجَّدْ لهُ قِطَعًا مِنَ اللَّيلِ طَويلاً. (ويُراجَعُ تَفسيرُ الآيةِ الأخيرَةِ مِنْ سُورَةِ المُزَّمِّل).
﴿إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ الۡعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمۡ يَوۡمٗا ثَقِيلٗا﴾ [الانسان :27]
إنَّ هؤلاءِ الكافِرينَ مُنهَمِكونَ في حُبِّ الدُّنيا، ومُقبِلونَ على لذَّاتِها الفانيَة، ويَدَعونَ يَومَ الحِسابِ والجَزاء، المَحفوفَ بالصُّعوباتِ والشَّدائدِ والمَكارِه.
﴿نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا﴾ [الانسان :28]
نحنُ خلَقناهُم، وأحكَمْنا خَلقَهمْ وأتقَنَّاه، وإذا أرَدنا بَعثَهمْ بدَّلناهمْ فأعَدناهمْ خَلقًا جَديدًا.
﴿إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا﴾ [الانسان :29]
إنَّ هذهِ الآياتِ فيها مَوعِظَةٌ وعِبرَة، فمَنْ شاءَ أنْ يَنتفِعَ بها ويَسلُكَ طَريقًا يَهتَدي بها إلى طاعَةِ ربِّهِ فليَسلُكْها، فإنَّ سبُلَ الهدايَةِ مَفتوحَةٌ ومَمَهَّدَة.
﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ اللَّهُۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا﴾ [الانسان :30]
وأنتُمْ لا تَشاؤونَ شَيئًا، ولا تَختارونَ طَريقًا، إلاّ بمَشيئةِ اللهِ تَعالَى، وهوَ عَليمٌ بما تُكنُّهُ قُلوبُ العِباد، مِنَ الاستِعدادِ للإيمَانِ والتَّوَجُّهِ إلى الخَير، أو ضدِّه، فإذا عَلِمَ استِحقاقَهمْ للهِدايَةِ يَسَّرَها لهم، وسهَّلَ أسبابَها عَليهم، وهوَ الحَكيمُ في فِعلِه، لا يَشاءُ إلاَ ما تَقتَضيهِ حِكمَتُه.
﴿يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَالظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا﴾ [الانسان :31]
واللهُ يَرحَمُ مَنْ عَلِمَ فيهِ الخَيرَ والصَّلاحَ فيُدخِلُهُ الجنَّة، وأعدَّ للمشرِكينَ الظَّالِمينَ عَذابًا شَديدًا في جهنَّم.