وقالَ المشرِكونَ تعَنُّتًا ولجاجَة: هَلاّ نزَلَ هذا القُرآنُ دُفعَةً واحِدَةً على محمَّدٍ كما نزَلَتِ الكتُبُ السَّابقَةُ على الأنبِياء، بدَلَ أنْ تَنزِلَ سُوَرٌ وآياتٌ مُتفَرِّقاتٌ بينَ مُدَّةٍ وأخرَى؟
وقَدْ نَزَّلناهُ مُتَفَرِّقًا لنُقَوِّيَ بهِ فؤادَك، وبيَّنَّاهُ وفَصَّلناهُ تَفصيلاً.
وقدْ أنزلَ اللهُ تعالَى القُرآنَ الكريمَ إلى السَّماءَ الدُّنيا جُملَةً واحِدً في ليلَةِ القَدْر، ثمَّ نزَلَ مُتَفَرِّقًا على رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على مدَى ثلاثٍ وعِشرينَ سنَة، بحسَبِ الحوادِثِ والوقائع، وعندَ الحاجَةِ إلى مَعرِفَةِ الأحكام؛ ليَثبُتَ في القُلوب، وفيهِ تَيسيرٌ لحِفظِهِ وفَهمِ مَعانيه، وتَجديدٌ للإعجازِ وتَذكيرٌ به، ورَدٌّ على الطَّاعِنينَ والمُشَكِّكينَ والمُنافِقين، وفوائدُ أُخرَى.