تفسير الجزء 27 من القرآن الكريم

  1. أجزاء القرآن الكريم
  2. الجزء السابع والعشرون
27
سورة الذاريات (31- 60)
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد

﴿أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ﴾ [الطور:32]


أمْ أنَّ عُقولَهمْ تأمرُهمْ أنْ يَقولوا فيكَ هذهِ الأقوالَ الباطِلة؟ - وكانَ زُعماءُ قُرَيشٍ يُوصَفونَ بالأحْلامِ والعُقولِ -، بلْ همْ ضالُّونَ مُعانِدون، مُستَكبِرونَ عنِ اتِّباعِ الهُدَى وقَولِ الحقّ.

﴿أَمۡ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥۚ بَل لَّا يُؤۡمِنُونَ﴾ [الطور:33]


أمْ أنَّهمْ يَقولونَ إنَّهُ اختلَقَ القُرآنَ مِنْ عندِهِ ونسَبَهُ إلى الله؟ بلْ همْ كافِرونَ مُعانِدون، لا يُؤمِنونَ بالقُرآنِ استِكبارًا وعِنادًا، ولذلكَ يَقولونَ ما يَقولون، ويَرمُونَكَ بهذهِ الأباطِيل.

﴿فَلۡيَأۡتُواْ بِحَدِيثٖ مِّثۡلِهِۦٓ إِن كَانُواْ صَٰدِقِينَ﴾ [الطور:34]


فليَأتوا بمثلِ ما جاءَ بهِ الرسُولُ مِنْ هذا القُرآن، نَظمًا ومَعنًى، إنْ كانوا صادِقينَ مِنْ أنَّهُ كلامُ البشَر. إنَّهمْ لا يَستَطيعونَ ذلك، ولو اجتمَعَ لهمُ النَّاسُ جَميعًا، أوَّلُهمْ وآخِرُهم.

﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ الۡخَٰلِقُونَ﴾ [الطور:35]


أمْ أنَّهمْ وُجِدوا مِنْ غَيرِ خالِق، أمْ أنَّهمْ همُ الذينَ أوجَدوا أنفُسَهم؟!

﴿أَمۡ خَلَقُواْ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ﴾ [الطور:36]


أمْ أنَّهمْ همُ الذينَ خلَقوا السَّماواتِ العَظيمَةَ والأرْضَ ومَنْ فيها، ولذلكَ فهمْ يَتكبَّرونَ ولا يُؤمِنون؟ بلْ همْ غَيرُ مؤمِنينَ باللهِ الخالِق، فإنَّ الإيمَانَ بهِ حَقًّا يؤدِّي إلى امتِثالِ أمرِه.

﴿أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ الۡمُصَۜيۡطِرُونَ﴾ [الطور:37]


أمْ أنَّ عندَهمْ مَفاتِحَ خَزائنِ الكَونِ فهمْ مُسَلَّطونَ عليه، وأربابٌ قاهِرونَ لهُ يتَصرَّفونَ فيهِ كما يَشاؤون؟

﴿أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمٞ يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ فَلۡيَأۡتِ مُسۡتَمِعُهُم بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ﴾ [الطور:38]


أمْ أنَّ لهمْ سُلَّمًا يَصعَدونَ بهِ إلى السَّماءِ ويَستَمِعونَ إلى المَلائكة، فيَعرِفونَ ما يأمرُهمْ بهِ رَبُّهمْ مِنْ أمرِ العِباد، وعَلِموا بذلكَ أنَّهمْ على حقّ؟ فَليَأتِ مَنْ سَمِعَ ذلكَ منهمْ بحُجَّةٍ بيِّنةٍ تدُلُّ على صِدقِ سَماعِه.

﴿أَمۡ لَهُ الۡبَنَٰتُ وَلَكُمُ الۡبَنُونَ﴾ [الطور:39]


أمْ أنَّ للهِ البَناتِ ولكمْ أنتُمُ البَنون، فتَفتَخِرونَ بذلكَ على ربِّكم؟! وكانوا يَقولونَ - منْ جَهلِهمْ وضَلالِهمْ - إنَّ الملائكةَ بَناتُ الله، ويُحِبُّونَ أنْ يَكونَ لهمُ الذُّكور، ويَتشاءَمونَ مِنَ الإناث!

﴿أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ﴾ [الطور:40]


أمْ أنَّكَ تَسألُهمْ أُجرَةً على تَبليغِ رسَالَةِ الله، ولذلكَ فهمْ يُعرِضونَ عنك، ويتَبرَّمونَ ويَتثاقَلونَ ممَّا تَطلبُهُ منهم، وكأنَّ عَليهمْ غَرامةً ماليَّةً مِنْ ذلك؟

﴿أَمۡ عِندَهُمُ الۡغَيۡبُ فَهُمۡ يَكۡتُبُونَ﴾ [الطور:41]


أمْ أنَّ عندَهمُ القُدرَةَ على العِلمِ بما في الغَيبِ فهمْ يَكتبونَ منه، ويَقِفونَ مِنْ خِلالِهِ على حَقيقَةِ الأمُورِ والأخبَار، فعَلِموا بذلكَ أنَّهمْ على حقّ؟

﴿أَمۡ يُرِيدُونَ كَيۡدٗاۖ فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الۡمَكِيدُونَ﴾ [الطور:42]


أمْ يُريدونَ مِنْ خِلالِ مَواقفِهمُ السيِّئةِ منكَ ومِنَ الدِّينِ أنْ يَمكروا بكَ ويُهلِكوك؟ فإنَّ ضرَرَ مَكرِهمْ سيَعودُ عَليهم، ويَقضي على خُطَطِهم.

﴿أَمۡ لَهُمۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ اللَّهِۚ سُبۡحَٰنَ اللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [الطور:43]


أمْ أنَّ لهمْ إلهًا غَيرَ اللهِ في هذا الكونِ فهمْ يَتوَجَّهونَ إليهِ ويَعبُدونَه؟ تَقدَّسَ اللهُ وتَنزَّهَ عمَّا يَفتَرونَهُ عليهِ ويُشرِكونَ به.

﴿وَإِن يَرَوۡاْ كِسۡفٗا مِّنَ السَّمَآءِ سَاقِطٗا يَقُولُواْ سَحَابٞ مَّرۡكُومٞ﴾ [الطور:44]


وإذا رَأوا قِطعَةً مِنَ السَّماءِ ساقِطةً عَليهمْ لَما صدَّقوا أنَّهمْ سيُعَذَّبونَ بها، ولَما انتهَوا عنْ كُفرِهم، ولَقالوا مِنْ فَرْطِ عِنادِهمْ وطُغيانِهم: هذا سَحابٌ مُتراكِمٌ بَعضُهُ على بَعضٍ يَسقينا!

﴿فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصۡعَقُونَ﴾ [الطور:45]


فدَعهمْ ولا تَكتَرِثْ بهم، حتَّى يُلاقُوا يَومَ القِيامَة، الذي يَهلِكونَ فيهِ (عندَ النفخَةِ الأُولَى).

﴿يَوۡمَ لَا يُغۡنِي عَنۡهُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ﴾ [الطور:46]


في ذلكَ اليَومِ العَصيب، لا تَنفَعُهمْ مُخطَّطاتُهمُ الكيديَّةُ شَيئًا، ولا أحدَ يَنتَصِرُ لهمْ ويُخَلِّصُهمْ مِنْ عَذابِ الله.

﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الطور:47]


وإنَّ للكافِرينَ عُقوباتٍ تَنالُهمْ في الدُّنيا قَبلَ الآخِرَة، ولكنَّهمْ لا يَعلَمونَ الحِكمةَ مِنْ هذهِ المصائبِ والابتِلاءات، فهيَ إشاراتٌ وتَنبيهاتٌ ليَتفكَّروا ويَعتَبِروا، وليَرجِعوا إلى ربِّهم.

﴿وَاصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الطور:48]


واصبِرْ لأمرِ ربِّكَ في بَقائكَ بينَهمْ وتحمُّلِكَ أذاهُم، فإنَّكَ بمَرأىً منَّا، وفي حِفظِنا وحِراسَتِنا، واجمَعْ بينَ حَمدِهِ وتَسبيحِهِ حينَ تَقومُ إلى الصَّلاة.

وكانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ في ابتِداءِ الصَّلاةِ (قَبلَ الفاتِحَةِ): "سُبحانَكَ اللهمَّ وبحَمدِكَ، وتَباركَ اسمُكَ، وتَعالَى جَدُّكَ، ولا إلهَ غَيرُك"، كما صحَّ في الحديثِ الذي رَواهُ الحاكِمُ وأبو داودَ وغَيرُهما.

﴿وَمِنَ الَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ النُّجُومِ﴾ [الطور:49]


واذكُرْهُ في بَعضِ اللَّيلِ وصَلِّ له، فإذا غابَتِ النُّجومُ وبدا ضَوءُ الصُّبح، فصَلِّ لهُ كذلك. والمَقصودُ رَكعتا سُنَّةِ الفَجر، وكانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَريصًا عَليهما أكثرَ مِنْ كُلِّ النَّوافل، كما صحَّ في حَديثِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها.

سورة النجم - مكية - عدد الآيات: 62

53

﴿وَالنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ﴾ [النجم:1]


أُقسِمُ بالنَّجمِ إذا سقطَ مِنْ عُلوّ. أيَّ نَجم. وعيَّنَهُ بَعضُهمْ ظنًّا واجتِهادًا.

واللهُ سُبحانَهُ يُقسِمُ بما شاءَ مِنْ مَخلوقاتِه، لحِكمَة، ولا يَنبَغي للمَخلوقِ أنْ يُقسِمَ بغَيرِ الله.

﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ﴾ [النجم:2]


ما انحرفَ صاحبُكمْ محمَّدٌ عنِ الحقّ، وما اعتقدَ باطِلاً.

﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الۡهَوَىٰٓ﴾ [النجم:3]


ولا يَقولُ قَولاً عنْ هوًى ورَغبَةٍ في نَفسِه،

﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ﴾ [النجم:4]


ما هوَ إلاّ وَحيٌ يُوحَى إليهِ مِنَ الله، فيُبلِّغُهُ لكمْ كما هو.

﴿عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ الۡقُوَىٰ﴾ [النجم:5]


علَّمَهُ القُرآنَ جِبريلُ عَليهِ السَّلام، الذي آتاهُ اللهُ قوَّةً عَظيمَة.

﴿ذُو مِرَّةٖ فَاسۡتَوَىٰ﴾ [النجم:6]


فهوَ ذو قوَّةٍ وشِدَّةٍ في خَلقِه، معَ حِكمَة، وحُسنِ مَنظَر، فاستَقامَ على صُورَتِهِ التي خلقَها اللهُ تَعالَى عَليها.

﴿وَهُوَ بِالۡأُفُقِ الۡأَعۡلَىٰ﴾ [النجم:7]


وهوَ في الجهةِ العُليا مِنَ السَّماء.

﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ﴾ [النجم:8]


ثمَّ هَبَطَ وتَدلَّى إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهوَ على الصُّورَةِ التي خلقَهُ اللهُ عَليها، فسَدَّ الأُفُق.

﴿فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ﴾ [النجم:9]


فاقتَربَ منهُ صلى الله عليه وسلم حتَّى كانتْ مَسافَةُ قُربِهِ منهُ مِقدارَ قَوسَين، أو أقربَ مِنْ ذلك. ويَعني القَوسَ الذي يُرمَى به.

﴿فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ﴾ [النجم:10]


فأوحَى اللهُ بواسِطَةِ جبريلَ إلى عَبدِهِ ونَبيِّهِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ما أوحاهُ إليه.

﴿مَا كَذَبَ الۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ﴾ [النجم:11]


ما كذَبَ فؤادُ الرسُولِ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ما رآهُ ببَصَرِهِ مِنْ صُورَةِ جِبريل.

﴿أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ﴾ [النجم:12]


أفتُكذِّبونَهُ وتُجادِلونَهُ على ما يَراهُ بعَينِه؟ وكانَ ذلكَ في مَبدَأ الوَحي.