﴿إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ مَفَازًا﴾ [النبإ :31]
إنَّ للمؤمِنينَ المُخلِصينَ فَوزًا ونَجاة.
﴿حَدَآئِقَ وَأَعۡنَٰبٗا﴾ [النبإ :32]
بساتينَ فيها أنواعُ الشجَرِ المُثمِر، والرَّياحينِ والأزْهار، وأعنابًا.
﴿وَكَوَاعِبَ أَتۡرَابٗا﴾ [النبإ :33]
وحُورًا نَواهِد، في سِنٍّ واحِدَة.
﴿وَكَأۡسٗا دِهَاقٗا﴾ [النبإ :34]
وكأسًا مُمتَلئةً منَ الخَمرِ اللَّذيذةِ التي لا تُسكِر.
﴿لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوٗا وَلَا كِذَّـٰبٗا﴾ [النبإ :35]
لا يَسمَعونَ في الجنَّةِ كلامًا لا فائدَةَ منه، ولا كلامًا كذِبًا فيهِ إثْم.
﴿جَزَآءٗ مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابٗا﴾ [النبإ :36]
وهذا الذي أُثيبوا عليهِ تَفضُّلٌ منَ اللهِ وإحسَانٌ منهُ لهم، وهوَ جَزاءٌ لِما وُعِدوا به، كافيًا وافيًا.
﴿رَّبِّ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا الرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا﴾ [النبإ :37]
رَبِّ السَّماواتِ والأرْضِ وما بينَهما، وخالقِهما والمُتصرِّفِ فيهما وَحدَه، الذي وَسِعَتْ رَحمَتُهُ كُلَّ شَيء، لا يَقدِرُ أحَدٌ على مُخاطبَتِهِ إلاّ بإذنِه، في زيادَةِ ثَوابٍ أو نَقصِ عَذاب.
﴿يَوۡمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ الرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا﴾ [النبإ :38]
يَومَ يَقومُ الرُّوحُ - جِبريلُ أو غَيرُهُ - والمَلائكةُ مُصطَفِّين، لا يتَكلَّمُ أحَدٌ إلاّ إذا أَذِنَ اللهُ لهُ وقالَ كلامًا حقًّا.
﴿ذَٰلِكَ الۡيَوۡمُ الۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا﴾ [النبإ :39]
ذلكَ هوَ اليَومُ الثَّابتُ المُحَقَّق، الكائنُ لا مَحالَة، فمَنْ أرادَ الثَّوابَ مِنْ عندِ اللهِ ذلكَ اليَوم، سَلكَ طَريقًا مُستَقيمًا، ومَرجِعًا طيِّبًا كريمًا إلى الله، بطاعتِهِ وتَقواه.
﴿إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ الۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ الۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا﴾ [النبإ :40]
لقدْ أنذَرناكمْ عَذابًا قَريبًا، هوَ عَذابُ الآخِرَة، يَومَ يُعرَضُ على كُلِّ امرىءٍ جَميعُ ما عَمِلَ مِنَ خَيرٍ وشَرٍّ في صَحيفَتِه، ويَقولُ الكافِرُ يَومَئذٍ وهوَ في غايَةِ الخَيبَةِ ونِهايَةِ التَّحَسُّرِ والألَم، وقدْ نظرَ إلى أعمالِهِ الفاسِدَة: يا ليتَني كنتُ تُرابًا في الحيَاةِ الدُّنيا، فلمْ أُخلَقْ ولمْ أُكلَّف. أو أنَّهُ يَقول: ليتَني كنتُ تُرابًا في هذا اليَومِ ولم أُبعَث.
سورة النازعات - مكية - عدد الآيات: 46
79
﴿وَالنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا﴾ [النازعات :1]
أُقسِمُ بالمَلائكةِ التي تَنزِعُ أرواحَ بَني آدم، وتأخذُ بَعضَها بقوَّةٍ وعُسر، فتُغرِقُ في نَزعِها(156) .
(156) الغَرْق: اسمٌ أُقيمَ مقامَ الإغراق، أي: والنازعاتِ إغراقًا، والمرادُ بالإغراق: المبالغةُ في المدّ. (البغوي).
الإغراقُ في النزع: التوغلُ فيه، والبلوغُ إلى أقصى درجاته، يقال: أغرقَ النازعُ في القوس: إذا بلغَ غايةَ المدِّ حتى انتهى إلى النصل. (روح البيان).
﴿وَالنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا﴾ [النازعات :2]
والمَلائكةِ التي تَنشُطُ الأروَاحَ مِنَ الأجسَاد، أي تَجذِبُها، وتأخذُ بَعضَها بسُهولَةٍ وكأنَّما نشَطَتْ عُقدَةً، أي فكَّتْها.
﴿وَالسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا﴾ [النازعات :3]
والمَلائكةِ التي تَهبِطُ مِنَ السَّماءِ وتَصعَدُ فيها سابِحَة، بأمرِ الله.
﴿فَالسَّـٰبِقَٰتِ سَبۡقٗا﴾ [النازعات :4]
فالمَلائكةِ التي تُسرِعُ بأروَاحِ الكُفَّارِ إلى النَّار، وبأرَواحِ المؤمِنينَ إلى الجنَّة.
﴿فَالۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا﴾ [النازعات :5]
فالمَلائكةِ التي تُدَبِّرُ الأمُورَ مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ بأمرِ رَبِّها، وتُهيِّئُ الأروَاحَ للعُقوبَةِ أو الثَّواب.
﴿يَوۡمَ تَرۡجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات :6]
يَومَ يُنفَخُ في الصُّورِ النَّفخَةُ الأُولَى، فتَرتَجِفُ كُلُّ الأجرَامِ السَّاكنَة، وتتَزلزَلُ الأرْضُ والجِبال، ويَموتُ فيها جَميعُ الخَلق.
﴿تَتۡبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات :7]
تَتبَعُها النَّفخَةُ الثَّانية، فتَنشَقُّ السَّماء، وتُحمَلُ الأرْضُ والجِبالُ وتُدَكّ.
﴿قُلُوبٞ يَوۡمَئِذٖ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات :8]
قُلوبٌ يَومَئذٍ خائفَةٌ مُضطَرِبَةٌ مِنْ شِدَّةِ الفزَع.
﴿أَبۡصَٰرُهَا خَٰشِعَةٞ﴾ [النازعات :9]
عُيونُ أصحابِها ذَليلة، لِما تَراهُ مِنَ الشَّدائدِ والأهوَال.
﴿يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي الۡحَافِرَةِ﴾ [النازعات :10]
يَقولُ مُنكِرو المَعاد: هلْ نحنُ عَائدونَ إلَى الحياةِ بعدَ أنْ صِرنا أموَاتًا في القُبور؟
﴿أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ﴾ [النازعات :11]
قالوا مُستَبعِدينَ ذلك: أإذا كنَّا عِظامًا باليَة، نُرَدُّ ونُبعَثُ مِنْ جَديد؟
﴿قَالُواْ تِلۡكَ إِذٗا كَرَّةٌ خَاسِرَةٞ﴾ [النازعات :12]
قالوا: إنَّها رَجعَةٌ خائبَةٌ إذا رُدِدْنا بعدَ المَوت.
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ﴾ [النازعات :13]
قالَ اللهُ تَعالَى ما مَعناه: إنَّما هيَ صَيحَةٌ قَويَّةٌ واحِدَةٌ يَسمَعُونَها، وهي النَّفخَةُ الأخيرَة.
﴿فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات :14]
فإذا همْ جَميعًا أحياءٌ على وَجهِ الأرْضِ يَنظُرون.
﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ﴾ [النازعات :15]
هلْ جاءَكَ خبَرُ نَبيِّ اللهِ موسَى أيُّها الرسُول؟
﴿إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِالۡوَادِ الۡمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات :16]
إذْ ناداهُ رَبُّهُ بوَادي طُوَى المُطهَّر، في طُورِ سَيناء:
﴿اذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾ [النازعات :17]
اذهَبْ إلى فِرعَونَ مَلِكِ مِصرَ بالمُعجِزاتِ التي أيَّدتُكَ بها، فإنَّهُ قدْ ظلمَ وبغَى، وتكبَّرَ وعَلا، حتَّى ادَّعَى الربوبيَّة،
﴿فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ﴾ [النازعات :18]
فقُلْ له: هلْ لكَ إلى أنْ تُجيبَ نِداءَ الله، فتَسلَمَ وتُطيع، وتَتطَهَّرَ مِنَ الكُفرِ والشِّركِ الذي أنتَ عليه؟
﴿وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ﴾ [النازعات :19]
وأدُلَّكَ إلى مَعرِفَةِ اللهِ وتَوحيدِه، فتَخضعَ لهُ وتَخشَى عِقابَه؟
﴿فَأَرَىٰهُ الۡأٓيَةَ الۡكُبۡرَىٰ﴾ [النازعات :20]
فأرَاهُ المُعجِزَةَ الكبرَى. وهيَ قَلبُ العَصا حيَّة.