﴿وَالنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا﴾ [النازعات :1]
أُقسِمُ بالمَلائكةِ التي تَنزِعُ أرواحَ بَني آدم، وتأخذُ بَعضَها بقوَّةٍ وعُسر، فتُغرِقُ في نَزعِها(156) .
(156) الغَرْق: اسمٌ أُقيمَ مقامَ الإغراق، أي: والنازعاتِ إغراقًا، والمرادُ بالإغراق: المبالغةُ في المدّ. (البغوي).
الإغراقُ في النزع: التوغلُ فيه، والبلوغُ إلى أقصى درجاته، يقال: أغرقَ النازعُ في القوس: إذا بلغَ غايةَ المدِّ حتى انتهى إلى النصل. (روح البيان).
﴿وَالنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا﴾ [النازعات :2]
والمَلائكةِ التي تَنشُطُ الأروَاحَ مِنَ الأجسَاد، أي تَجذِبُها، وتأخذُ بَعضَها بسُهولَةٍ وكأنَّما نشَطَتْ عُقدَةً، أي فكَّتْها.
﴿وَالسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا﴾ [النازعات :3]
والمَلائكةِ التي تَهبِطُ مِنَ السَّماءِ وتَصعَدُ فيها سابِحَة، بأمرِ الله.
﴿فَالسَّـٰبِقَٰتِ سَبۡقٗا﴾ [النازعات :4]
فالمَلائكةِ التي تُسرِعُ بأروَاحِ الكُفَّارِ إلى النَّار، وبأرَواحِ المؤمِنينَ إلى الجنَّة.
﴿فَالۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا﴾ [النازعات :5]
فالمَلائكةِ التي تُدَبِّرُ الأمُورَ مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ بأمرِ رَبِّها، وتُهيِّئُ الأروَاحَ للعُقوبَةِ أو الثَّواب.
﴿يَوۡمَ تَرۡجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات :6]
يَومَ يُنفَخُ في الصُّورِ النَّفخَةُ الأُولَى، فتَرتَجِفُ كُلُّ الأجرَامِ السَّاكنَة، وتتَزلزَلُ الأرْضُ والجِبال، ويَموتُ فيها جَميعُ الخَلق.
﴿تَتۡبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات :7]
تَتبَعُها النَّفخَةُ الثَّانية، فتَنشَقُّ السَّماء، وتُحمَلُ الأرْضُ والجِبالُ وتُدَكّ.
﴿قُلُوبٞ يَوۡمَئِذٖ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات :8]
قُلوبٌ يَومَئذٍ خائفَةٌ مُضطَرِبَةٌ مِنْ شِدَّةِ الفزَع.
﴿أَبۡصَٰرُهَا خَٰشِعَةٞ﴾ [النازعات :9]
عُيونُ أصحابِها ذَليلة، لِما تَراهُ مِنَ الشَّدائدِ والأهوَال.
﴿يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي الۡحَافِرَةِ﴾ [النازعات :10]
يَقولُ مُنكِرو المَعاد: هلْ نحنُ عَائدونَ إلَى الحياةِ بعدَ أنْ صِرنا أموَاتًا في القُبور؟
﴿أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ﴾ [النازعات :11]
قالوا مُستَبعِدينَ ذلك: أإذا كنَّا عِظامًا باليَة، نُرَدُّ ونُبعَثُ مِنْ جَديد؟
﴿قَالُواْ تِلۡكَ إِذٗا كَرَّةٌ خَاسِرَةٞ﴾ [النازعات :12]
قالوا: إنَّها رَجعَةٌ خائبَةٌ إذا رُدِدْنا بعدَ المَوت.
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ﴾ [النازعات :13]
قالَ اللهُ تَعالَى ما مَعناه: إنَّما هيَ صَيحَةٌ قَويَّةٌ واحِدَةٌ يَسمَعُونَها، وهي النَّفخَةُ الأخيرَة.
﴿فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات :14]
فإذا همْ جَميعًا أحياءٌ على وَجهِ الأرْضِ يَنظُرون.
﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ﴾ [النازعات :15]
هلْ جاءَكَ خبَرُ نَبيِّ اللهِ موسَى أيُّها الرسُول؟
﴿إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِالۡوَادِ الۡمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات :16]
إذْ ناداهُ رَبُّهُ بوَادي طُوَى المُطهَّر، في طُورِ سَيناء:
﴿اذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾ [النازعات :17]
اذهَبْ إلى فِرعَونَ مَلِكِ مِصرَ بالمُعجِزاتِ التي أيَّدتُكَ بها، فإنَّهُ قدْ ظلمَ وبغَى، وتكبَّرَ وعَلا، حتَّى ادَّعَى الربوبيَّة،
﴿فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ﴾ [النازعات :18]
فقُلْ له: هلْ لكَ إلى أنْ تُجيبَ نِداءَ الله، فتَسلَمَ وتُطيع، وتَتطَهَّرَ مِنَ الكُفرِ والشِّركِ الذي أنتَ عليه؟
﴿وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ﴾ [النازعات :19]
وأدُلَّكَ إلى مَعرِفَةِ اللهِ وتَوحيدِه، فتَخضعَ لهُ وتَخشَى عِقابَه؟
﴿فَأَرَىٰهُ الۡأٓيَةَ الۡكُبۡرَىٰ﴾ [النازعات :20]
فأرَاهُ المُعجِزَةَ الكبرَى. وهيَ قَلبُ العَصا حيَّة.