تفسير سورة النازعات

  1. سور القرآن الكريم
  2. النازعات
79

﴿وَالنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا﴾ [النازعات:1]


أُقسِمُ بالمَلائكةِ التي تَنزِعُ أرواحَ بَني آدم، وتأخذُ بَعضَها بقوَّةٍ وعُسر، فتُغرِقُ في نَزعِها(156).

(156) الغَرْق: اسمٌ أُقيمَ مقامَ الإغراق، أي: والنازعاتِ إغراقًا، والمرادُ بالإغراق: المبالغةُ في المدّ. (البغوي). الإغراقُ في النزع: التوغلُ فيه، والبلوغُ إلى أقصى درجاته، يقال: أغرقَ النازعُ في القوس: إذا بلغَ غايةَ المدِّ حتى انتهى إلى النصل. (روح البيان).

﴿وَالنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا﴾ [النازعات:2]


والمَلائكةِ التي تَنشُطُ الأروَاحَ مِنَ الأجسَاد، أي تَجذِبُها، وتأخذُ بَعضَها بسُهولَةٍ وكأنَّما نشَطَتْ عُقدَةً، أي فكَّتْها.

﴿وَالسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا﴾ [النازعات:3]


والمَلائكةِ التي تَهبِطُ مِنَ السَّماءِ وتَصعَدُ فيها سابِحَة، بأمرِ الله.

﴿فَالسَّـٰبِقَٰتِ سَبۡقٗا﴾ [النازعات:4]


فالمَلائكةِ التي تُسرِعُ بأروَاحِ الكُفَّارِ إلى النَّار، وبأرَواحِ المؤمِنينَ إلى الجنَّة.

﴿فَالۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا﴾ [النازعات:5]


فالمَلائكةِ التي تُدَبِّرُ الأمُورَ مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ بأمرِ رَبِّها، وتُهيِّئُ الأروَاحَ للعُقوبَةِ أو الثَّواب.

﴿يَوۡمَ تَرۡجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات:6]


يَومَ يُنفَخُ في الصُّورِ النَّفخَةُ الأُولَى، فتَرتَجِفُ كُلُّ الأجرَامِ السَّاكنَة، وتتَزلزَلُ الأرْضُ والجِبال، ويَموتُ فيها جَميعُ الخَلق.

﴿تَتۡبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات:7]


تَتبَعُها النَّفخَةُ الثَّانية، فتَنشَقُّ السَّماء، وتُحمَلُ الأرْضُ والجِبالُ وتُدَكّ.

﴿قُلُوبٞ يَوۡمَئِذٖ وَاجِفَةٌ﴾ [النازعات:8]


قُلوبٌ يَومَئذٍ خائفَةٌ مُضطَرِبَةٌ مِنْ شِدَّةِ الفزَع.

﴿أَبۡصَٰرُهَا خَٰشِعَةٞ﴾ [النازعات:9]


عُيونُ أصحابِها ذَليلة، لِما تَراهُ مِنَ الشَّدائدِ والأهوَال.

﴿يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي الۡحَافِرَةِ﴾ [النازعات:10]


يَقولُ مُنكِرو المَعاد: هلْ نحنُ عَائدونَ إلَى الحياةِ بعدَ أنْ صِرنا أموَاتًا في القُبور؟

﴿أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ﴾ [النازعات:11]


قالوا مُستَبعِدينَ ذلك: أإذا كنَّا عِظامًا باليَة، نُرَدُّ ونُبعَثُ مِنْ جَديد؟

﴿قَالُواْ تِلۡكَ إِذٗا كَرَّةٌ خَاسِرَةٞ﴾ [النازعات:12]


قالوا: إنَّها رَجعَةٌ خائبَةٌ إذا رُدِدْنا بعدَ المَوت.

﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ﴾ [النازعات:13]


قالَ اللهُ تَعالَى ما مَعناه: إنَّما هيَ صَيحَةٌ قَويَّةٌ واحِدَةٌ يَسمَعُونَها، وهي النَّفخَةُ الأخيرَة.

﴿فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات:14]


فإذا همْ جَميعًا أحياءٌ على وَجهِ الأرْضِ يَنظُرون.

﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ﴾ [النازعات:15]


هلْ جاءَكَ خبَرُ نَبيِّ اللهِ موسَى أيُّها الرسُول؟

﴿إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِالۡوَادِ الۡمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات:16]


إذْ ناداهُ رَبُّهُ بوَادي طُوَى المُطهَّر، في طُورِ سَيناء:

﴿اذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾ [النازعات:17]


اذهَبْ إلى فِرعَونَ مَلِكِ مِصرَ بالمُعجِزاتِ التي أيَّدتُكَ بها، فإنَّهُ قدْ ظلمَ وبغَى، وتكبَّرَ وعَلا، حتَّى ادَّعَى الربوبيَّة،

﴿فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ﴾ [النازعات:18]


فقُلْ له: هلْ لكَ إلى أنْ تُجيبَ نِداءَ الله، فتَسلَمَ وتُطيع، وتَتطَهَّرَ مِنَ الكُفرِ والشِّركِ الذي أنتَ عليه؟

﴿وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ﴾ [النازعات:19]


وأدُلَّكَ إلى مَعرِفَةِ اللهِ وتَوحيدِه، فتَخضعَ لهُ وتَخشَى عِقابَه؟

﴿فَأَرَىٰهُ الۡأٓيَةَ الۡكُبۡرَىٰ﴾ [النازعات:20]


فأرَاهُ المُعجِزَةَ الكبرَى. وهيَ قَلبُ العَصا حيَّة.