﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي الۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَاللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ الۡحِسَابِ﴾ [الرعد:41]
ألا يرَى هؤلاءِ المُشَكِّكونَ المُتَعَنِّتونَ أنَّنا نَنقُصُ أراضيَ الكافِرينَ مِنْ أطرافِها شَيئاً فشَيئاً ونُلحِقُها بدارِ الإسلام؟ والأمرُ في ذلكَ للهِ وحدَه، يَحكمُ بما يَشاء، وقدْ حَكَمَ للإسْلامِ بالنَّصر، وللكُفرِ بالهَزيمَةِ والخِذلان، ولا مُراجعَةَ في حُكمِهِ ولا اعتِراضَ عَليه. واللهُ سَريعُ الحِسابِ والمُجازاة، لا يَدفَعُهُ دافِع.
﴿وَقَدۡ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ الۡمَكۡرُ جَمِيعٗاۖ يَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٖۗ وَسَيَعۡلَمُ الۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى الدَّارِ﴾ [الرعد:42]
وقدْ حَاولَ الكافِرونَ قَبلَ هؤلاءِ أنْ يُلحِقوا الأذَى بالأنبِياء، ويَقضُوا عَليهِمْ بأنْواعِ المَكرِ والحِيَل، ولكنَّ مَكرَهُمْ وإرادَتَهمْ بيدِ الله، فرَدَّ كَيدَهم، ونسَفَ قوَّتَهم، وجَعلَ العاقِبةَ لعِبادِهِ المؤمِنين. واللهُ سُبحانَهُ يَعلَمُ ما يأتونَ وما يَترُكون، وما يُعلِنونَ وما يُسِرُّون، ويَعلَمُ كيفَ يأخذُهمْ وهمْ غافِلون، وعِندَما يَنزِلُ بهمُ العَذاب، يعَلَمونَ حينَئذٍ لمنِ هيَ العاقِبةُ الحسَنة.
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسۡتَ مُرۡسَلٗاۚ قُلۡ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ الۡكِتَٰبِ﴾ [الرعد:43]
ويَقولُ الكافِرونَ مِنَ اليَهودِ والمشرِكين: لستَ رسُولاً مِنْ قِبَلِ الله. قُلْ لهم: حسْبي أنْ يَكونَ اللهُ تعالَى شَاهِدًا عليَّ وعَليكم، فيَشهَدَ لي بتَبليغِ الرِّسَالة، وعَليكمْ بالكُفرِ والتَّكذيب، ويَشهدَ بهذا أيضًا أهلُ الصِّدقِ والإيمانِ مِنْ أهلِ الكِتاب، لِما يَجِدونَهُ عندَهمْ منَ المُبَشِّراتِ ومُطابقَةِ الصِّفاتِ على الرِّسَالةِ والرَّسُول.
وتُفيدُ الأخبارُ أنَّ المقصودَ بالشَّاهدِ مِنْ بَني إسْرائيلَ الصَّحابيُّ عبدُاللهِ بنُ سلاّم، رضيَ اللهُ تعالَى عنه.