﴿قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الۡأُولَىٰ﴾ [طه:21]
قالَ لهُ رَبُّه: خُذِ الحَيَّةَ بيَمينِكَ ولا تَخَفْ منها، سنُعيدُها بعدَ أخذِكَ لها إلى حالَتِها الأُولَى.
﴿وَاضۡمُمۡ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخۡرَىٰ﴾ [طه:22]
وضَعْ يَدَكَ تحتَ إبطِكَ وأخرِجْها تَرَها بَيضاءَ مُشرِقَةً تَتلألأ، مِنْ غَيرِ مَرَضٍ ولا آفَة، وهذهِ مُعجِزَةٌ أخرَى على صِدقِ نبوَّتِك.
﴿لِنُرِيَكَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا الۡكُبۡرَى﴾ [طه:23]
لنُريَكَ بذلكَ بعضَ آياتِنا الكَبيرة.
﴿اذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾ [طه:24]
اذهَبْ إلى فِرعَونَ مَلِكِ مِصرَ بهذهِ المُعجِزات، فإنَّهُ قدْ ظلمَ وبغَى وتجاوزَ الحَدّ، حتَّى ادَّعَى الرُّبوبيَّة، وادعُهُ إلى عِبادَتي.
﴿قَالَ رَبِّ اشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي﴾ [طه:25]
قالَ موسَى داعيًا رَبَّه: اللهمَّ وسَّعْ صَدْري، وألهِمني الصَّبر، وجَمَّلني بالحِلم، وثَبِّتني بالحُسنَى.
﴿وَيَسِّرۡ لِيٓ أَمۡرِي﴾ [طه:26]
وسَهِّلْ عليَّ ما أمَرتَني به، لأتحمَّلَ مشاقَّ الدَّعوَة، وأؤدِّيَها كما تُحِبّ.
﴿وَاحۡلُلۡ عُقۡدَةٗ مِّن لِّسَانِي﴾ [طه:27]
وفُكَّ حُبْسَةً مِنْ لِساني. وكانتْ في لِسانِهِ عُقدَةٌ، عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلام.
﴿يَفۡقَهُواْ قَوۡلِي﴾ [طه:28]
ليَفهَموا بذلكَ كلامي.
﴿وَاجۡعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنۡ أَهۡلِي﴾ [طه:29]
واجعَلْ لي مُساعِدًا مِنْ أهلي، يَتحمَّلْ مَعي أعباءَ الدَّعوَة.
﴿هَٰرُونَ أَخِي﴾ [طه:30]
وهوَ هارُونُ أخي. وكانَ أكبرَ منْ موسَى، وأفصحَ منهُ لِسانًا.
﴿اشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي﴾ [طه:31]
قَوِّ بهِ ظَهري، وأحكِمْ بهِ عَزيمَتي.
﴿وَأَشۡرِكۡهُ فِيٓ أَمۡرِي﴾ [طه:32]
وأشْرِكْهُ في الرِّسالَةِ والتَّبليغ.
﴿كَيۡ نُسَبِّحَكَ كَثِيرٗا﴾ [طه:33]
كي نوَحِّدَكَ ونُقَدِّسَكَ كثيرًا.
﴿وَنَذۡكُرَكَ كَثِيرًا﴾ [طه:34]
ونَذكُرَكَ كثيرًا، بدَعوتِنا النَّاس، وأدائنا الرِّسالَة، وبطاعَتِكَ وعِبادَتِك.
﴿إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرٗا﴾ [طه:35]
إنَّكَ كُنتَ عالِمًا بأحوَالِنا وضَعفِنا، وبعِظَمِ ما دعَوتَنا إليه، وإنَّهُ لا تَوفيقَ إلاّ بك، ولا تأييدَ إلاّ منك.
﴿قَالَ قَدۡ أُوتِيتَ سُؤۡلَكَ يَٰمُوسَىٰ﴾ [طه:36]
قالَ اللهُ تعالَى لنَبيِّهِ موسَى: قدْ أُعطِيتَ جَميعَ ما سألتَهُ يا موسَى.
﴿وَلَقَدۡ مَنَنَّا عَلَيۡكَ مَرَّةً أُخۡرَىٰٓ﴾ [طه:37]
وقدْ أنعَمنا عَليكَ بنِعَمٍ سابِقةٍ غيرِ هذهِ التي أُجِبتَ إليها.
﴿إِذۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰٓ﴾ [طه:38]
إذْ ألهَمنا أمَّكَ ما ألهَمناها بهِ وأنتَ رَضيع،
﴿أَنِ اقۡذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقۡذِفِيهِ فِي الۡيَمِّ فَلۡيُلۡقِهِ الۡيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأۡخُذۡهُ عَدُوّٞ لِّي وَعَدُوّٞ لَّهُۥۚ وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّي وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ﴾ [طه:39]
أنْ ضَعي ولدَكِ في صُندوق، ثمَّ اطْرَحيهِ في نَهرِ النِّيل، وأمَرنا النَّهرَ بإلقائهِ إلى الشَّاطِئ، ليَأخُذَهُ - مِنْ بَعدُ - عَدوِّي وعَدوُّهُ فِرعَون، حيثُ وقفَ بهِ النَّهرُ عندَ قَصرِه. وجعَلتُ النَّاسَ يُحِبُّونَكَ، حتَّى عدوَّك. ولِتتَرَبَّى بمَرآيَ وحِفظي ورِعايَتي، فلا يَضرُّكَ أحَد.
وكانَ فِرعَونُ يَقتَلُ كُلَّ غُلامٍ يُولَدُ في بَني إسْرائيل، فأرادَ اللهُ تعالَى لنَبيِّهِ موسَى عليهِ السَّلامُ أنْ يَترَبَّى في بَيتِه، ويُحِبَّه، ولِتَكونَ عاقِبَتُهُ كما يأتي!
﴿إِذۡ تَمۡشِيٓ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن يَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ الۡغَمِّ وَفَتَنَّـٰكَ فُتُونٗاۚ فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٖ يَٰمُوسَىٰ﴾ [طه:40]
إذْ تَمشي أختُكَ لتتَعرَّفَ خبَرَك، فتَقولُ لفِرعَونَ وأهلِه: هلْ أدُلُّكمْ على امرَأةٍ تُرضِعُهُ وتُرَبِّيهِ بالأُجرَة؟ وكانَ اللهُ تعالَى قدْ حرَّمَ عليهِ المَراضِع، فلمْ يَكنْ يَقبَلُ ثَديَ امرأة.
فرجَعناكَ إلى أُمِّكَ لتَقَرَّ عَينُها بلِقائك، ولا تَحزَنَ على فِراقِك.
وقتَلْتَ ذلكَ القِبطِيَّ الكافِر- وكانَ يَنوي دَفعَهُ لا قَتْلَهُ - وأخذَكَ الهَمُّ والغَمّ، فخَلَّصْناكَ منه. وكانَ فِرعَونُ عزَمَ على قَتلِ موسَى، ففَرَّ هارِبًا إلى مَديَن.
وابتَلَيناكَ ابتِلاءً، فهرَبتَ مِنَ الخَوف، وامتُحِنتَ بالغُربَة، والخِدْمَةِ ورَعي الغَنَم، فبَقيتَ في مَديَنَ سنَوات، حتَّى انقضَى الأجَل، فجِئتَ إلى المَكانِ الذي نادَيناكَ فيه، مُوافِقًا لقَدَرِ الله.