تفسير سورة الشعراء

  1. سور القرآن الكريم
  2. الشعراء
26

﴿۞أَوۡفُواْ الۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ الۡمُخۡسِرِينَ﴾ [الشعراء:181]


أتِمُّوا الكَيلَ إذا دَفَعتُموهُ إلى النَّاس، ولا تُعطوهُ لهمْ ناقِصًا.

﴿وَزِنُواْ بِالۡقِسۡطَاسِ الۡمُسۡتَقِيمِ﴾ [الشعراء:182]


وزِنُوا الأشياءَ بالميزانِ السوِيِّ، الذي لا حيلَةَ فيه.

﴿وَلَا تَبۡخَسُواْ النَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي الۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ﴾ [الشعراء:183]


ولا تَنقُصُوا النَّاسَ أموالَهم، ولا تُفسِدوا في الأرْضِ بقَطعِ الطَّريقِ وما إليه.

﴿وَاتَّقُواْ الَّذِي خَلَقَكُمۡ وَالۡجِبِلَّةَ الۡأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء:184]


واخشَوا اللهَ واحذَروا نِقمَتَهُ إذا خالَفتُمْ أمرَه، الذي خلقَكمْ وخلقَ الأُمَمَ الماضِين.

﴿قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الۡمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء:185]


قالَ لهُ قَومُهُ مُكَذِّبينَ بنبوَّتِهِ ورِسالَتِه: ما أنتَ سِوَى رَجُلٍ مَسحور، قدْ مَسَّكَ الجِنّ.

﴿وَمَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الۡكَٰذِبِينَ﴾ [الشعراء:186]


وقالوا له: ما أنتَ إلاّ واحِدٌ مِنْ بَني آدمَ مثلُنا، لا فَرقَ بينَنا وبينَك، وما نَظُنُّكَ إلاّ مِنَ الكاذِبينَ في ادِّعائكَ النبوَّة.

﴿فَأَسۡقِطۡ عَلَيۡنَا كِسَفٗا مِّنَ السَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّـٰدِقِينَ﴾ [الشعراء:187]


وقالوا مُتحَدِّينَ وهمْ مَتمادُونَ في ضَلالِهم: فأسقِطْ عَلينا قِطَعَ العَذابِ مِنَ السَّماءِ إذا كُنتَ صادِقًا في دَعواك.

﴿قَالَ رَبِّيٓ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [الشعراء:188]


قالَ لهمْ شُعَيبٌ عَليهِ السَّلام: اللهُ أعلَمُ بأعمالِكمْ وبما تستَوجِبونَ عليهِ مِنَ العُقوبَة.

﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمِ الظُّلَّةِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء:189]


فاستَمَرُّوا في تَكذيبِ نَبيِّهم، فعُوقِبوا بعَذابِ يَومِ الظُّلَّة، أصابَهمْ حَرٌّ شَديد، ثمَّ أظَلَّتْهمْ سَحابَةٌ كبيرَة، فانطَلَقوا يَستَظِلُّونَ بظِلِّها ممّا أصابَهمْ مِنَ الحَرّ، فلمَّا تَمَّ اجتِماعُهمْ تَحتَها، أرسَلَ اللهُ عَليهمْ منها نارًا وعَذابًا، وشَرَرًا ولهَبًا عَظيمًا، فكانَ ذلكَ عَذابَ يَومٍ شَديدٍ وهَولٍ فَظيع.

﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [الشعراء:190]


وفي ذلكَ آيَةٌ وعِبرَةٌ لمَنْ بَعْدَهم، ليتدَبَّروا ويَعتَبِروا. ومعَ أنَّ نبيَّهمْ كانَ يأمرُهمْ بالإصْلاحِ والتَّقوَى، والعَدلِ والإحسَان، إلاّ أنَّ أكثرَهمْ كذَّبَهُ وحاربَ دَعوَتَه.

﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الۡعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء:191]


وإنَّ ربَّكَ عَزيزٌ لا يُغالَب، يَنتَقِمُ ممَّنْ كذَّبَ رُسُلَهُ بعدَ إنذارِهم، إنْ عاجِلاً أو آجِلاً. وهوَ رَحيمٌ بمنْ آمنَ واتَّقَى، وأطاعَ واهتدَى.

﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الشعراء:192]


وإنَّ هذا القُرآنَ مُنْزَلٌ مِنْ عندِ رَبِّ العالَمين.

﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الۡأَمِينُ﴾ [الشعراء:193]


نزَلَ بهِ جِبريلُ عَليهِ السَّلام، الأمينُ على وَحي اللهِ تَعالَى.

﴿عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الۡمُنذِرِينَ﴾ [الشعراء:194]


نزَلَ بهِ على قَلبِكَ أيُّها النبيُّ مُحمَّدٌ حتَّى وعَيْتَه، لتُبَلِّغَهُ النَّاسَ وتُخَوِّفَ المُكَذِّبينَ بما فيهِ مِنْ عُقوباتٍ ووَعدٍ ووَعيد.

﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ﴾ [الشعراء:195]


وهوَ بلُغَةٍ عَربيَّةٍ فَصيحَةٍ واضِحَة.

﴿وَإِنَّهُۥ لَفِي زُبُرِ الۡأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء:196]


وهذا القُرآنُ مَذكورٌ خبَرُهُ في الكتُبِ السَّماويَّةِ السَّابِقَةِ تَبشيرًا به.

﴿أَوَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُۥ عُلَمَـٰٓؤُاْ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ﴾ [الشعراء:197]


أمَا كانَ للمُشرِكينَ المُستَكبِرينَ دَليلاً وعَلامةً أنْ يَكونَ عُلماءُ بَني إسرائيلَ العُدولُ عالِمينَ بالقُرآن؟

﴿وَلَوۡ نَزَّلۡنَٰهُ عَلَىٰ بَعۡضِ الۡأَعۡجَمِينَ﴾ [الشعراء:198]


ولو أنزَلنا هذا القُرآنَ المُعجِزَ في لُغَتِهِ ونَظمِهِ على رَجُلٍ مِنَ الأعاجِمِ لا يَعرِفُ التكَلُّمَ بالعَرَبيَّة،

﴿فَقَرَأَهُۥ عَلَيۡهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ مُؤۡمِنِينَ﴾ [الشعراء:199]


ثمَّ قرأهُ عَليهمْ قِراءَةً صَحيحَةً بَليغَة، فكانَ ذلكَ إعجازًا يُضافُ إلى إعجازِ نَظمِهِ ومَعناه، لما آمَنوا به، ولاستَمَرُّوا في كُفرِهمْ ومُخاصَمَتِهم؛ لفَرْطِ عِنادِهمْ ومُكابَرَتِهم.

﴿كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ الۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الشعراء:200]


وهكذا أدخَلنا الكُفرَ بالقُرآنِ والتَّكذيبَ بهِ في قُلوبِ المشرِكين، لإصرارِهمْ على الجُحودِ به، وأنَفَتِهمْ منِ اتِّباعِ القُرآنِ الكريم، ولقساوَةِ قُلوبِهم.