﴿هَٰذَا يَوۡمُ الۡفَصۡلِ الَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ﴾ [الصافات :21]
ويُقالُ لهم: هذا يَومُ القَضاء، ويَومُ الفَصلِ بينَ المُحسِنِ والمُسيء، الذي كنتُمْ تُنكِرونَه.
﴿۞احۡشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ﴾ [الصافات :22]
ويَقولُ اللهُ للمَلائكة: اجمَعوا الكافِرينَ وأمثالَهم، ممَّنْ كانَ على شاكِلَتِهم، وما كانوا يَعبُدونَه،
﴿مِن دُونِ اللَّهِ فَاهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ الۡجَحِيمِ﴾ [الصافات :23]
ما كانوا يَعبُدونَهُ في الدُّنيا مِنْ دونِ الله، ليَزدادوا خَيبَةً ونَدامَة، ثمَّ قدِّموهمْ ودُلُّوهمْ إلى طَريقِ النَّار، ليَعرِفوا مَصيرَهم.
﴿وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ﴾ [الصافات :24]
واحبِسوهمْ في المَوقِف، أو عندَ الصِّراط، ليُسألوا عنْ عَقائدِهمْ وجَميعِ أقوالِهمْ وأفعالِهم.
﴿مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ﴾ [الصافات :25]
ثمَّ يُقالُ لهمْ على سَبيل التَّقريعِ والتَّوبيخ: ما لكمْ أيُّها الكافِرونَ لا يَنصرُ بَعضُكمْ بَعضًا كما كنتُمْ في الحيَاةِ الدُّنيا؟ أو أنتُمْ وآلِهتُكمُ التي زعَمتُمْ أنَّها ستَشفَعُ لكمْ وتُناصِرُكم؟
﴿بَلۡ هُمُ الۡيَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ﴾ [الصافات :26]
بلْ همُ اليَومَ مُنقادُونَ لأمرِ الله، خاضِعونَ له، مَخذُولون.
﴿وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ﴾ [الصافات :27]
ثمَّ أقبَلَ الرُّؤساءُ والأتْباعُ الضَّالُّونَ بَعضُهمْ على بَعض، يتَخاصَمونَ ويتَجادَلونَ في عرَصاتِ القِيامَة.
﴿قَالُوٓاْ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ الۡيَمِينِ﴾ [الصافات :28]
فقالَ الأتباعُ للَّذينَ أضَلُّوهم: إنَّكمْ كنتُمْ تُزَيِّنونَ لنا الشرَّ والباطِلَ في صُورَةِ الخَير، وتُلَبِّسونَ عَلينا الحقَّ وتُبعِدونَنا عَنه.
﴿قَالُواْ بَل لَّمۡ تَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾ [الصافات :29]
فقالوا لهم: بلْ لم تَكونُوا على الحقِّ أيُّها الأتْباعُ حتَّى نُضِلَّكم، وكانتْ قلوبُكمْ قابلةً للكُفرِ والعِصَيان، فأنتُمُ الذينَ أضلَلتُمْ أنفُسَكم.
﴿وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا طَٰغِينَ﴾ [الصافات :30]
وما كانَ لنا عَليكمْ قَهْرٌ وسُلطانٌ حتَّى نُجبِرَكمْ على أفكارِنا، بلْ كنتُمْ قَومًا عاصِين، مُتَجاوزينَ الحقَّ إلى الباطِل.
﴿فَحَقَّ عَلَيۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَآۖ إِنَّا لَذَآئِقُونَ﴾ [الصافات :31]
فثبَتَ عَلينا أمرُ اللهِ ووَعيدُه، وعدَلَ فينا قَضاؤه، إنَّا لذائقو العَذابِ لا مَحالَة.
﴿فَأَغۡوَيۡنَٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَٰوِينَ﴾ [الصافات :32]
فقدْ دعَوناكُمْ إلى الضَّلالِ الذي نحنُ فيه، فاستَجبتُمْ له، وأصبَحتُمْ ضالِّينَ مثلَنا.
﴿فَإِنَّهُمۡ يَوۡمَئِذٖ فِي الۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ﴾ [الصافات :33]
فهمْ جَميعًا مُشتَرِكونَ في العَذاب، المُضِلُّ والمُضَلّ، الرُّؤساءُ والأتْباع، كما كانوا مُشتَركينَ في الضَّلالِ في الدُّنيا.
﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِالۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الصافات :34]
وبمثلِ هذا العِقابِ نُعاقِبُ الذينَ جعَلوا للهِ شُرَكاء.
﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [الصافات :35]
إنَّهمْ كانوا إذا دُعُوا إلى التَّوحيدِ في الحيَاةِ الدُّنيا، استَكبَروا عنْ قَبولِ الحقّ، وأبَوا أنْ يَقولوا لا إلهَ إلاّ اللهُ كما يَقولُ المؤمِنون.
﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۭ﴾ [الصافات :36]
ويَقولُ المشرِكونَ في جَهل: أنَترُكُ عِبادةَ أصنامِنا لقَولِ شاعِرٍ مَجنون؟ يَعنونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
﴿بَلۡ جَآءَ بِالۡحَقِّ وَصَدَّقَ الۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الصافات :37]
يَقولُ اللهُ تعالَى: بلْ جاءَ الرسُولُ محمَّدٌ (صلَّى الله عليهِ وسلَّم) بالدِّينِ الحقّ، والتَّوحيدِ الصَّحِيح، والأحكامِ العادِلَة، وصدَّقَ المرسَلينَ السَّابقينَ فيما جاؤوا بهِ مِنَ التَّوحيدِ والكتُبِ المُنزَلَةِ عَليهم.
﴿إِنَّكُمۡ لَذَآئِقُواْ الۡعَذَابِ الۡأَلِيمِ﴾ [الصافات :38]
إنَّكمْ أيُّها المشرِكونَ المكذِّبونَ لصالُو النَّار، وذائقو العَذابِ المؤلمِ الشَّديد.
﴿وَمَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الصافات :39]
وأنتُمْ لا تُعاقَبونَ إلاّ على الشِّرك، والآثامِ التي اقتَرفتُموها.
﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الۡمُخۡلَصِينَ﴾ [الصافات :40]
إلاّ عِبادَ اللهِ الموَحِّدين، الصَّادِقينَ في إيمَانِهم، المخلِصينَ في أعمَالِهم، فإنَّهمْ لا يُعَذَّبون، بلْ يُتَجاوَزُ عنْ سيِّئاتِهمْ ويُرحَمون.