تفسير سورة الصافات

  1. سور القرآن الكريم
  2. الصافات
37

﴿هَٰذَا يَوۡمُ الۡفَصۡلِ الَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ﴾ [الصافات:21]


ويُقالُ لهم: هذا يَومُ القَضاء، ويَومُ الفَصلِ بينَ المُحسِنِ والمُسيء، الذي كنتُمْ تُنكِرونَه.

﴿۞احۡشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ﴾ [الصافات:22]


ويَقولُ اللهُ للمَلائكة: اجمَعوا الكافِرينَ وأمثالَهم، ممَّنْ كانَ على شاكِلَتِهم، وما كانوا يَعبُدونَه،

﴿مِن دُونِ اللَّهِ فَاهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ الۡجَحِيمِ﴾ [الصافات:23]


ما كانوا يَعبُدونَهُ في الدُّنيا مِنْ دونِ الله، ليَزدادوا خَيبَةً ونَدامَة، ثمَّ قدِّموهمْ ودُلُّوهمْ إلى طَريقِ النَّار، ليَعرِفوا مَصيرَهم.

﴿وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ﴾ [الصافات:24]


واحبِسوهمْ في المَوقِف، أو عندَ الصِّراط، ليُسألوا عنْ عَقائدِهمْ وجَميعِ أقوالِهمْ وأفعالِهم.

﴿مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ﴾ [الصافات:25]


ثمَّ يُقالُ لهمْ على سَبيل التَّقريعِ والتَّوبيخ: ما لكمْ أيُّها الكافِرونَ لا يَنصرُ بَعضُكمْ بَعضًا كما كنتُمْ في الحيَاةِ الدُّنيا؟ أو أنتُمْ وآلِهتُكمُ التي زعَمتُمْ أنَّها ستَشفَعُ لكمْ وتُناصِرُكم؟

﴿بَلۡ هُمُ الۡيَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ﴾ [الصافات:26]


بلْ همُ اليَومَ مُنقادُونَ لأمرِ الله، خاضِعونَ له، مَخذُولون.

﴿وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ﴾ [الصافات:27]


ثمَّ أقبَلَ الرُّؤساءُ والأتْباعُ الضَّالُّونَ بَعضُهمْ على بَعض، يتَخاصَمونَ ويتَجادَلونَ في عرَصاتِ القِيامَة.

﴿قَالُوٓاْ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ الۡيَمِينِ﴾ [الصافات:28]


فقالَ الأتباعُ للَّذينَ أضَلُّوهم: إنَّكمْ كنتُمْ تُزَيِّنونَ لنا الشرَّ والباطِلَ في صُورَةِ الخَير، وتُلَبِّسونَ عَلينا الحقَّ وتُبعِدونَنا عَنه.

﴿قَالُواْ بَل لَّمۡ تَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾ [الصافات:29]


فقالوا لهم: بلْ لم تَكونُوا على الحقِّ أيُّها الأتْباعُ حتَّى نُضِلَّكم، وكانتْ قلوبُكمْ قابلةً للكُفرِ والعِصَيان، فأنتُمُ الذينَ أضلَلتُمْ أنفُسَكم.

﴿وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا طَٰغِينَ﴾ [الصافات:30]


وما كانَ لنا عَليكمْ قَهْرٌ وسُلطانٌ حتَّى نُجبِرَكمْ على أفكارِنا، بلْ كنتُمْ قَومًا عاصِين، مُتَجاوزينَ الحقَّ إلى الباطِل.

﴿فَحَقَّ عَلَيۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَآۖ إِنَّا لَذَآئِقُونَ﴾ [الصافات:31]


فثبَتَ عَلينا أمرُ اللهِ ووَعيدُه، وعدَلَ فينا قَضاؤه، إنَّا لذائقو العَذابِ لا مَحالَة.

﴿فَأَغۡوَيۡنَٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَٰوِينَ﴾ [الصافات:32]


فقدْ دعَوناكُمْ إلى الضَّلالِ الذي نحنُ فيه، فاستَجبتُمْ له، وأصبَحتُمْ ضالِّينَ مثلَنا.

﴿فَإِنَّهُمۡ يَوۡمَئِذٖ فِي الۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ﴾ [الصافات:33]


فهمْ جَميعًا مُشتَرِكونَ في العَذاب، المُضِلُّ والمُضَلّ، الرُّؤساءُ والأتْباع، كما كانوا مُشتَركينَ في الضَّلالِ في الدُّنيا.

﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِالۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الصافات:34]


وبمثلِ هذا العِقابِ نُعاقِبُ الذينَ جعَلوا للهِ شُرَكاء.

﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [الصافات:35]


إنَّهمْ كانوا إذا دُعُوا إلى التَّوحيدِ في الحيَاةِ الدُّنيا، استَكبَروا عنْ قَبولِ الحقّ، وأبَوا أنْ يَقولوا لا إلهَ إلاّ اللهُ كما يَقولُ المؤمِنون.

﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۭ﴾ [الصافات:36]


ويَقولُ المشرِكونَ في جَهل: أنَترُكُ عِبادةَ أصنامِنا لقَولِ شاعِرٍ مَجنون؟ يَعنونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

﴿بَلۡ جَآءَ بِالۡحَقِّ وَصَدَّقَ الۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الصافات:37]


يَقولُ اللهُ تعالَى: بلْ جاءَ الرسُولُ محمَّدٌ (صلَّى الله عليهِ وسلَّم) بالدِّينِ الحقّ، والتَّوحيدِ الصَّحِيح، والأحكامِ العادِلَة، وصدَّقَ المرسَلينَ السَّابقينَ فيما جاؤوا بهِ مِنَ التَّوحيدِ والكتُبِ المُنزَلَةِ عَليهم.

﴿إِنَّكُمۡ لَذَآئِقُواْ الۡعَذَابِ الۡأَلِيمِ﴾ [الصافات:38]


إنَّكمْ أيُّها المشرِكونَ المكذِّبونَ لصالُو النَّار، وذائقو العَذابِ المؤلمِ الشَّديد.

﴿وَمَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الصافات:39]


وأنتُمْ لا تُعاقَبونَ إلاّ على الشِّرك، والآثامِ التي اقتَرفتُموها.

﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الۡمُخۡلَصِينَ﴾ [الصافات:40]


إلاّ عِبادَ اللهِ الموَحِّدين، الصَّادِقينَ في إيمَانِهم، المخلِصينَ في أعمَالِهم، فإنَّهمْ لا يُعَذَّبون، بلْ يُتَجاوَزُ عنْ سيِّئاتِهمْ ويُرحَمون.