تفسير سورة فصلت

  1. سور القرآن الكريم
  2. فصلت
41

﴿وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [فصلت:21]


وقالوا مُعاتِبينَ أعضاءَهمْ وجلودَهم: لمَ شَهِدْتُمْ عَلينا بما عَمِلنا؟

قالوا: أنطقَنا اللهُ وأقدرَنا على ذلك، وهوَ القادِرُ الذي أنطقَ كُلَّ شَيء. وهوَ الذي خلقَكمْ أوَّلَ مرَّةٍ ولم تَكونوا شَيئًا، فهوَ القادرُ على إنطاقِ أعضائكم، وإليهِ تُرجَعونَ للحِسابِ والجَزاء.

﴿وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن يَشۡهَدَ عَلَيۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعۡلَمُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ﴾ [فصلت:22]


وما كنتُمْ تَستَخفُونَ في الدُّنيا عنْ سَمعِكم، ولا أبصَارِكم، ولا جُلودِكم، عندَما كنتُمْ تَقتَرِفونَ الفَواحِشَ والمَعاصي، مَخافَةَ أنْ تَشهَدَ عَليكمْ بذلكَ في اليَومِ الآخِر، بلْ كنتُمْ تُجاهِرونَ اللهَ بها ولا تُبالُون، وكنتُمْ تُقدِمونَ على ذلكَ لظَنِّكمْ أنَّ اللهَ لا يَعلَمُ كثيرًا ممَّا تَعمَلون.

قالَ القاضي البيضاويُّ رَحِمَهُ الله: أي كنتُمْ تَستَتِرونَ عنِ النَّاسِ عندَ ارتِكابِ الفَواحِشِ مَخافَةَ الفَضَاحَة، وما ظنَنتُمْ أنَّ أعضاءَكمْ تَشهَدُ عَليكمْ فما استَتَرتُمْ عَنها. وفيهِ تَنبيهٌ على أنَّ المؤمِنَ يَنبَغي أنْ يَتحَقَّقَ أنَّهُ لا يَمرُّ عليهِ حالٌ إلاّ وهوَ عَليهِ رَقيب. اهـ.

وقدْ نَزَلَتْ في رِجالٍ قالَ أحَدُهم: أترَونَ أنَّ اللهَ يَسمَعُ كلامَنا هذا؟ فقالَ الآخَر: إنَّا إذا رفَعنا أصواتَنا سَمِعَه، وإذا لم نَرفَعْهُ لم يَسمَعْه. فقالَ الآخَر: إنْ سَمِعَ منهُ شَيئًا سَمِعَهُ كُلَّه.

﴿وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ الۡخَٰسِرِينَ﴾ [فصلت:23]


وإنَّ ظنَّكمُ الفاسِدَ الذي ظنَنتُمْ برَبِّكم، مِنْ أنَّهُ لا يَعلَمُ كثيرًا ممَّا تُخفون، هوَ الذي أهلَكَكمْ وأردَاكمْ في جهنَّم، فأصبَحتُمْ بسبَبِهِ مِنَ الخاسِرين.

﴿فَإِن يَصۡبِرُواْ فَالنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ الۡمُعۡتَبِينَ﴾ [فصلت:24]


فإنْ يَصبِروا على عَذابِ النَّار، فهوَ مَسكَنُهمُ الذي لا يَبرَحونَه، وإنْ يَستَرضُوا اللهَ ويَطلبُوا الرُّجوعَ إلى الدُّنيا ليَعمَلوا صالِحًا، فلنْ يَرضَى اللهُ عَنهمْ ولنْ يُجابَ إلى طلَبِهم.

﴿۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ الۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ الۡجِنِّ وَالۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ﴾ [فصلت:25]


وقَدَّرْنا أنْ يَكونَ معَ المشرِكينَ أصحابٌ لهمْ مِنْ شَياطينِ الإنسِ والجِنّ، فحسَّنوا لهمْ أفكارَهمْ وأعمالَهم، وألقَوا إليهمْ أنْ لا بَعثَ ولا حِسَاب، وأنْ لا جَنَّةَ ولا نار، وأنَّ ما همْ عليهِ مِنَ الكُفرِ والضَّلالِ واتِّباعِ الشَّهواتِ في الدُّنيا هوَ الحسَنُ المَقبول، فظَنُّوا أنَّهمْ همُ المُحسِنون، فتَحقَّقتْ عَليهمُ العُقوبَةُ بموجِبِ ذلك، كما حقَّتْ على أُمَمٍ خاليَةٍ مِنْ أمثالِهم، مِنَ الجِنِّ والإنس، فهمْ جَميعًا خاسِرون.

﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا الۡقُرۡءَانِ وَالۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ﴾ [فصلت:26]


وقالَ بعضُ المشرِكينَ لبَعضِهم: لا تُنصِتوا لهذا القُرآنِ ولا تَستَجيبوا لِما فيه، وإذا قُرِئَ فاخلِطوا في الكَلامِ والغَطوا، وصِيحوا وتَصاخَبوا لتُشَوِّشوا على الآخَرينَ سَماعَه، لعلَّكمْ بذلكَ تَغلِبوا محمَّدًا (صلى الله عليه وسلم) على قِراءَتِه.

﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَابٗا شَدِيدٗا وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَسۡوَأَ الَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [فصلت:27]


فلنُعَذِّبنَّ المشرِكينَ عَذابًا مؤلِمًا قاسيًا، ولنُثينَّهمْ أسوَأَ ما فَعلُوهُ في الدُّنيا.

﴿ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعۡدَآءِ اللَّهِ النَّارُۖ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ الۡخُلۡدِ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ﴾ [فصلت:28]


وما ذُكِرَ مِنَ العُقوبَةِ هوَ جَزاءُ أعداءِ اللهِ مِنَ الكافِرينَ المُعانِدين، وهوَ النَّار، لهمْ فيها دارُ إقامَةٍ دائمَة، جَزاءَ ما كانوا يَكفُرونَ بآياتِنا التي احتَجَجنا بها عليهم، ويُكذِّبونَ رسُلَنا.

﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا الَّذَيۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ الۡجِنِّ وَالۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الۡأَسۡفَلِينَ﴾ [فصلت:29]


وقالَ الكافِرونَ وهمْ يُعَذَّبونَ في النَّار: ربَّنا أَرِنا اللَّذَينِ كانا سبَبَ كُفرِنا وضَلالِنا مِنَ الجِنِّ والإنسِ حتَّى أردَيانا في النَّار، لنَدوسَهُما بأقدامِنا ونَنتَقِمَ منهما، ويَكونا في الدَّرْكِ الأسفَلِ مِنَ النَّار.

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ الۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِالۡجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت:30]


إنَّ الذينَ آمَنوا وقالوا: ربُّنا اللهُ وَحدَه، ثمَّ ثبَتوا على إيمانِهمْ وإخلاصِهم، ولم يَخلِطوهُ برِياءٍ وشِرك، تَتنَزَّلُ عَليهمُ المَلائكةُ بأمرِ رَبِّهمْ عندَ الموتِ وعندَ البَعث، ألاَّ تَخافوا ولا تَتوَقَّعوا مَكروهًا ممَّا يأتي مِنْ أمرِ الآخِرَة، ولا تَغتَمُّوا ولا تَحزَنوا على ما خلَّفتُمْ في الدُّنيا مِنْ أهلٍ ومَال، وأبشِروا بالجنَّةِ والنَّعيمِ الدَّائمِ الذي كانَ يَعِدُكمْ بهِ اللهُ على ألسِنَةِ رسُلِه.

﴿نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي الۡحَيَوٰةِ الدُّنۡيَا وَفِي الۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ [فصلت:31]


وتَقولُ مَلائكةُ اللهِ لهم: نحنُ كنَّا في الدُّنيا أنصارَكمْ وأعوانَكمْ في الخَير، نُرشِدُكمْ إلى ما فيهِ فَوزُكمْ وفَلاحُكم، ونَحفَظُكمْ بأمرِ اللهِ في الحيَاةِ الدُّنيا، ونُؤنِسُكمْ في وَحشَةِ القُبور، ونَتلقَّاكمْ بالأمنِ والكرامَةِ يَومَ الدِّين، ولكمْ في الجنَّةِ ما تَشتَهي أنفُسُكمْ مِنَ أنوَاعِ الأطعِمَةِ والفَواكهِ المُستَلَذَّة، ولكمْ فيها كُلُّ ما تَطلُبونَ وتَتمَنَّون.

﴿نُزُلٗا مِّنۡ غَفُورٖ رَّحِيمٖ﴾ [فصلت:32]


ضِيافَةً وإكرامًا لكمْ مِنْ عندِ الله، ذي المغفِرَةِ الواسِعَة، والرَّحمَةِ العَظيمَة.

﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الۡمُسۡلِمِينَ﴾ [فصلت:33]


وليسَ هُناكَ أحسَنُ ممَّنْ دَعا إلى دِينِ اللهِ وتَوحيدِهِ وطاعَتِه، معَ الالتِزامِ بالعمَلِ الصَّالحِ المُوافِقِ للدِّين، والإخلاصِ فيهِ للهِ وَحدَه، واعتَزَّ بإسلامِهِ وعَمِلَ بهِ وأعلنَهُ مُفتَخِرًا به.

﴿وَلَا تَسۡتَوِي الۡحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُۚ ادۡفَعۡ بِالَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ﴾ [فصلت:34]


ولا تَستَوي الحسَنَةُ والسَّيِّئة، ولا السَّيِّئةُ والحسَنَة، فلا يَستَوي العِلمُ والجَهل، ولا العَفو والإساءَة، ولا الغضَبُ والحِلم. وإذا أساءَ إليكَ أحَدٌ فادفَعْهُ عنكَ بالإحسَانِ إليه، فإذا فعَلتَ ذلكَ خضعَ لكَ خَصمُك، وانقلَبَتِ الحالَةُ بينكَ وبينَهُ إلى سَكينَةٍ بعدَ هِياج، وإلى هُدوءٍ بعدَ ثوَران، وصارَ كأنَّهُ مِنَ الأصدِقاءِ المقرَّبينَ إليك، بعدَ أنْ كانَ شَديدَ العَداوَةِ لك.

﴿وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ﴾ [فصلت:35]


ولا يَفوزُ بهذهِ الخَصلَةِ العَظيمَة، ولا يَحصُلُ على هذا الخُلُقِ السَّمحِ العالي، وهوَ دَفعُ السيِّئةِ بالحسَنة، إلاّ الصَّابِرون، الذينَ يَكظِمونَ غَيظَهم، ويَتحمَّلونَ المَكرُوهَ منَ النَّاس، ولا يَقدِرُ عَليهِ إلاّ مَنْ كانَ مُتَّصِفًا بمكارمِ الأخلاقِ ومَعالِيها، وذَا نَصيبٍ كبيرٍ منْ خِصالِ الخَير.

﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَاسۡتَعِذۡ بِاللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ السَّمِيعُ الۡعَلِيمُ﴾ [فصلت:36]


وإذا شَعرتَ بوَسوَسَةٍ مِنَ الشَّيطانِ يُريدُ أنْ يَصرِفَكَ عنْ خَيرٍ أُمِرتَ به، أو يَحمِلَكَ على شَرٍّ نُهيتَ عَنه، فاستَجِرْ باللهِ مِنْ كيدِه، واعتَصِمْ بهِ مِنْ شَرِّه، فهوَ سَميعٌ لِما تَقول، عَليمٌ بالتِجائكَ وتضَرُّعِكَ إليه.

﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ الَّيۡلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمۡسُ وَالۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَاسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾ [فصلت:37]


ومِنْ حُجَجِ اللهِ على خَلقه، وآياتِهِ العَظيمَةِ الدَّالَّةِ على قُدرَتِهِ وعَظمَتِه: اللَّيلُ بظَلامِهِ وسُكونِه، والنَّهارُ بضَوئهِ وحرَكتِه، وهُما في تَعاقُبٍ مُستَمِرّ. والشَّمسُ بنورِها وتوَهُّجِها وحَرارَتِها، والقمَرُ بضيائهِ ومَنازِلِهِ ومَنافعِهِ للأرض. وكُلُّها آياتٌ لله، فهوَ خالِقُها، ومالِكُها، والمُتصَرِّفُ فيها، ومُمِدُّها بالحرَكَةِ والحياةِ والنِّظام، فلا تَسجُدوا للشَّمسِ ولا للقمَر، فهما مِنْ مَخلوقاتِ الله، ولكنِ اسجُدوا للهِ الذي خلقَهما وخلقَ اللَّيلَ والنَّهار، وإذا كنتُمْ تَعبُدونَهُ حقًّا، فخُصُّوهُ بالعِبادَةِ وحدَه، ولا تَسجُدوا لغَيرِه.

﴿فَإِنِ اسۡتَكۡبَرُواْ فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِالَّيۡلِ وَالنَّهَارِ وَهُمۡ لَا يَسۡـَٔمُونَ۩﴾ [فصلت:38]


فإنِ استَكبَروا عنِ الامتِثالِ لأمرِ الله، وأبَوا إلاّ الشِّركَ والكُفر، فلنْ يَضرُّوا اللهَ شَيئًا، وإنَّ عندَ رَبِّكَ مَلائكةً مُكرَمينَ يُقَدِّسُونَهُ ويُنَزِّهونَهُ ليلَ نَهار، ولا يَمَلُّونَ مِنْ ذلك.

﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى الۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا الۡمَآءَ اهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ الَّذِيٓ أَحۡيَاهَا لَمُحۡيِ الۡمَوۡتَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ [فصلت:39]


ومِن حُجَجِ اللهِ أيضًا، وأدلَّتهِ على قدرتهِ على بَعثِ الموتَى بعدَ تَفتُّتِ أجسادِهم، وإعادتها لهيئتها، أنَّكَ تَرَى الأرْضَ يابِسَةً قاحِلَةً لا نَباتَ فيها ولا شَجَر، فإذا أنزَلنا المطَرَ وسَقَيناها به، تحرَّكَ نَباتُها وانبعَثَ فيها الحيَاة، وانتفَخَتْ وارتَفعَت، وصارَ كُلُّ شَيءٍ فيها يُوحي بالحرَكةِ والحياة. إنَّ الذي أحيا هذهِ الأرْضَ بعدَ قَحلِها وخُمودِها، قادِرٌ على إحياءِ المَوتَى مِنْ قُبورِهم، وإنَّهُ قادِرٌ على كُلِّ شَيءٍ يُريدُه، لا يُعجِزُهُ شَيء.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ أَفَمَن يُلۡقَىٰ فِي النَّارِ خَيۡرٌ أَم مَّن يَأۡتِيٓ ءَامِنٗا يَوۡمَ الۡقِيَٰمَةِۚ اعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [فصلت:40]


إنَّ الذينَ يَنحَرِفونَ بآياتِ القُرآن، ويَضَعونَها في غَيرِ مَواضعِها، لا يَخفَونَ عَلينا، ولا يَفوتونَنا. وهلْ يَستَوي مَنْ يُؤتَى مُكَبَّلاً بأغلالٍ وسَلاسِلَ ويُدفَعُ بهِ إلى النَّار، ومَنْ يأتي آمِنًا مُستَبشِرًا ويَدخلُ الجنَّة؟ فاعمَلوا ما شِئتُمْ أيُّها الكافِرون، فإنَّ اللهَ عالِمٌ بما تَقولونَ وما تَعمَلون، وسيُجازيكمْ على كلِّ ما صدرَ منكم.