تفسير سورة الزخرف

  1. سور القرآن الكريم
  2. الزخرف
43

﴿قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ الۡعَٰبِدِينَ﴾ [الزخرف:81]


قُلْ لهؤلاءِ المشرِكينَ أيُّها الرسُول: لو كانَ للهِ ولَدٌ حقًّا، لعَبَدتُهُ على ذلك، ولكنَّهُ لا يَصِحُّ ولا يُعقَل، ولا يَقبَلُ اللهُ أنْ يَكونَ لهُ شَريك، فهوَ زَعمٌ فاسِدٌ لا أصلَ لهُ ولا دَليلَ عليه.

﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِ رَبِّ الۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الزخرف:82]


تَقدَّسَ اللهُ وتَنزَّهَ عمَّا يَصِفُهُ بهِ المشرِكون، وهوَ خالِقُ السَّماواتِ والأرْضِ ومالِكُهما، والمُتصَرِّفُ فيهما، وهوَ رَبُّ العَرشِ العَظيم.

﴿فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلۡعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ [الزخرف:83]


فدَعهُمْ يَخوضُوا في ضَلالِهمْ وباطلِهم، ويَلعَبوا في دُنياهُم، حتَّى يُلاقُوا يَومَ القِيامَةِ الذي وُعِدوا به، وسَوفَ يَعلَمونَ عاقبةَ أمرِهمْ يَومَئذ.

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ إِلَٰهٞ وَفِي الۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ وَهُوَ الۡحَكِيمُ الۡعَلِيمُ﴾ [الزخرف:84]


وهوَ تَعالَى مَعبودٌ في السَّماء، ومَعبودٌ في الأرْض، وهوَ الإلهُ الحقّ، الحَكيمُ في تَدبيرِ شُؤونِ الخَلق، العَليمُ بأحوالِهمْ ومَصالحِهم.

﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ السَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [الزخرف:85]


وتَعالَى اللهُ وجلَّتْ قُدرَتُه، الذي لهُ مُلكُ السَّماواتِ والأرْض، وما بينَهما، وهوَ وحدَهُ المُتصَرِّفُ فيهما، ومُدَبِّرُ أمرِهما، وهوَ وحدَهُ الذي يَعلَمُ وقتَ قيامِ السَّاعَة، لا يَعرِفُهُ نَبيٌّ مُرسَلٌ ولا مَلَكٌ مُقَرَّب، وإليهِ جَميعًا تُرجَعونَ للحِسابِ والجَزاء.

﴿وَلَا يَمۡلِكُ الَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف:86]


ولا يَملِكُ مَنْ يَعبُدهمُ المشرِكونَ الشَّفاعَةَ لهمْ لإنقاذِهمْ ممَّا همْ فيه، إلاّ مَنْ شَهِدَ بالتَّوحيدِ وهمْ على بَصيرَةٍ وعلمٍ بذلك، وهم: المَلائكة، وعيسَى، وعُزَير، وأمثالُهم. وهؤلاءِ لا يَشفَعونَ إلاّ للمؤمِنين.

﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ اللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ﴾ [الزخرف:87]


وإذا سألتَ المشرِكينَ مَنِ الذي خَلقَهم؟ فسيَقولون: اللهُ خَلقَنا. فقُلْ لهم: فكيفَ تُصرَفونَ عنْ عِبادَتِهِ سُبحانَهُ إلى عِبادَةِ غَيرِهِ مِنَ المَخلوقين؟!

﴿وَقِيلِهِۦ يَٰرَبِّ إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ لَّا يُؤۡمِنُونَ﴾ [الزخرف:88]


وشَكا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى رَبِّهِ مُتحَسِّرًا وهوَ يَقول: يا رَبّ، إنَّ هؤلاءِ قَومٌ مُعاندونَ كَذَّبوني ولا يُؤمِنون.

﴿فَاصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف:89]


فأعرِضْ عَنهمْ أيُّها الرسُولُ الكَريم، ولا تُجاوبْهمْ بمثلِ ما يُخاطِبونَكَ بهِ مِنَ الكَلامِ السيِّء، فسَوفَ يَعلَمونَ عاقبَةَ أمرِهم.

وذهبَ مُفَسِّرونَ إلى أنَّها مَنسوخَةٌ بآيَةِ السَّيف.

قالَ صاحبُ "روح المعاني": إنْ أُريدَ مِنَ الآيَةِ الكفُّ عنِ القِتالِ فهيَ مَنسوخَة، وإنْ أُريدَ الكفُّ عنْ مُقابلَتِهمْ بالكَلام، فليسَتْ بمَنسوخَة.