تفسير سورة الطور

  1. سور القرآن الكريم
  2. الطور
52

﴿أَمۡ عِندَهُمُ الۡغَيۡبُ فَهُمۡ يَكۡتُبُونَ﴾ [الطور:41]


أمْ أنَّ عندَهمُ القُدرَةَ على العِلمِ بما في الغَيبِ فهمْ يَكتبونَ منه، ويَقِفونَ مِنْ خِلالِهِ على حَقيقَةِ الأمُورِ والأخبَار، فعَلِموا بذلكَ أنَّهمْ على حقّ؟

﴿أَمۡ يُرِيدُونَ كَيۡدٗاۖ فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الۡمَكِيدُونَ﴾ [الطور:42]


أمْ يُريدونَ مِنْ خِلالِ مَواقفِهمُ السيِّئةِ منكَ ومِنَ الدِّينِ أنْ يَمكروا بكَ ويُهلِكوك؟ فإنَّ ضرَرَ مَكرِهمْ سيَعودُ عَليهم، ويَقضي على خُطَطِهم.

﴿أَمۡ لَهُمۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ اللَّهِۚ سُبۡحَٰنَ اللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [الطور:43]


أمْ أنَّ لهمْ إلهًا غَيرَ اللهِ في هذا الكونِ فهمْ يَتوَجَّهونَ إليهِ ويَعبُدونَه؟ تَقدَّسَ اللهُ وتَنزَّهَ عمَّا يَفتَرونَهُ عليهِ ويُشرِكونَ به.

﴿وَإِن يَرَوۡاْ كِسۡفٗا مِّنَ السَّمَآءِ سَاقِطٗا يَقُولُواْ سَحَابٞ مَّرۡكُومٞ﴾ [الطور:44]


وإذا رَأوا قِطعَةً مِنَ السَّماءِ ساقِطةً عَليهمْ لَما صدَّقوا أنَّهمْ سيُعَذَّبونَ بها، ولَما انتهَوا عنْ كُفرِهم، ولَقالوا مِنْ فَرْطِ عِنادِهمْ وطُغيانِهم: هذا سَحابٌ مُتراكِمٌ بَعضُهُ على بَعضٍ يَسقينا!

﴿فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصۡعَقُونَ﴾ [الطور:45]


فدَعهمْ ولا تَكتَرِثْ بهم، حتَّى يُلاقُوا يَومَ القِيامَة، الذي يَهلِكونَ فيهِ (عندَ النفخَةِ الأُولَى).

﴿يَوۡمَ لَا يُغۡنِي عَنۡهُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ﴾ [الطور:46]


في ذلكَ اليَومِ العَصيب، لا تَنفَعُهمْ مُخطَّطاتُهمُ الكيديَّةُ شَيئًا، ولا أحدَ يَنتَصِرُ لهمْ ويُخَلِّصُهمْ مِنْ عَذابِ الله.

﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الطور:47]


وإنَّ للكافِرينَ عُقوباتٍ تَنالُهمْ في الدُّنيا قَبلَ الآخِرَة، ولكنَّهمْ لا يَعلَمونَ الحِكمةَ مِنْ هذهِ المصائبِ والابتِلاءات، فهيَ إشاراتٌ وتَنبيهاتٌ ليَتفكَّروا ويَعتَبِروا، وليَرجِعوا إلى ربِّهم.

﴿وَاصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الطور:48]


واصبِرْ لأمرِ ربِّكَ في بَقائكَ بينَهمْ وتحمُّلِكَ أذاهُم، فإنَّكَ بمَرأىً منَّا، وفي حِفظِنا وحِراسَتِنا، واجمَعْ بينَ حَمدِهِ وتَسبيحِهِ حينَ تَقومُ إلى الصَّلاة.

وكانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ في ابتِداءِ الصَّلاةِ (قَبلَ الفاتِحَةِ): "سُبحانَكَ اللهمَّ وبحَمدِكَ، وتَباركَ اسمُكَ، وتَعالَى جَدُّكَ، ولا إلهَ غَيرُك"، كما صحَّ في الحديثِ الذي رَواهُ الحاكِمُ وأبو داودَ وغَيرُهما.

﴿وَمِنَ الَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ النُّجُومِ﴾ [الطور:49]


واذكُرْهُ في بَعضِ اللَّيلِ وصَلِّ له، فإذا غابَتِ النُّجومُ وبدا ضَوءُ الصُّبح، فصَلِّ لهُ كذلك. والمَقصودُ رَكعتا سُنَّةِ الفَجر، وكانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَريصًا عَليهما أكثرَ مِنْ كُلِّ النَّوافل، كما صحَّ في حَديثِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها.