تفسير سورة القلم

  1. سور القرآن الكريم
  2. القلم
68

﴿فَتَنَادَوۡاْ مُصۡبِحِينَ﴾ [القلم:21]


فنادَى بَعضُهمْ بَعضًا في وَقتِ الصَّباح:

﴿أَنِ اغۡدُواْ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰرِمِينَ﴾ [القلم:22]


اخرُجوا إلى بُستانِكمْ إذا كنتُمْ تُريدونَ قَطفَ ثِمارِه.

﴿فَانطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ﴾ [القلم:23]


فمشَوا إليهِ وهمْ يَتكلَّمونَ بهُدوء، حتَّى لا يَسمعَهمْ أحَد، ويَقولون:

﴿أَن لَّا يَدۡخُلَنَّهَا الۡيَوۡمَ عَلَيۡكُم مِّسۡكِينٞ﴾ [القلم:24]


لا تُمَكِّنوا أحدًا مِنَ المسَاكينِ يَدخُلْ عَليكم.

﴿وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ﴾ [القلم:25]


فعزَموا على مَنعِهم، وصَاروا قادِرينَ على ذلكَ.

﴿فَلَمَّا رَأَوۡهَا قَالُوٓاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ﴾ [القلم:26]


فلمَّا وصَلوا إليه، ووَقعَ نظَرُهمْ عليه، قالوا: لقدْ أخطَأنا الطَّريقَ إلى البُستَان، فليسَ هذا بُستانَنا!

﴿بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ﴾ [القلم:27]


ولكنَّهمْ لمَّا وقَفوا على حَقيقةِ الأمرِ قالُوا: لم نُخطِئِ الطَّريق، فهذا بُستانُنا، ولكنَّنا حُرِمنا خَيرَه، لحِرمانِنا المسَاكينَ مِنْ خَيرِه، فلا حظَّ لنا فيهِ ولا نَصيب.

﴿قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ﴾ [القلم:28]


قالَ أحسَنُهمْ وأرجَحُهمْ عَقلاً: ألمْ أقُلْ لكم: هلاَّ ذَكرتُمُ اللهَ وشَكرتُمْ نِعمَه، وأعطَيتُمْ حقَّ المساكينِ منه؟

﴿قَالُواْ سُبۡحَٰنَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ﴾ [القلم:29]


قالوا وهمْ نادِمون: تَبارَكَ اللهُ وتَنزَّهَ عنْ ظُلمِ عِبادِه، لقدْ كنَّا نحنُ الظَّالمينَ إذْ لم نَشكُرْ نِعمتَه، وعزَمنا على مَنعِ الفُقَراءِ مِنْ ثِمارِ البُستَان.

﴿فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَلَٰوَمُونَ﴾ [القلم:30]


ثمَّ أقبلَ بَعضُهمْ يَلومُ بَعضًا على ما صدَرَ منهمْ بحقِّ المساكِين.

﴿قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَٰغِينَ﴾ [القلم:31]


قالوا: يا هَلاكَنا ويا سُوءَ فعلِنا، لقدْ تَجاوَزنا حُدودَ اللهِ ومَنَعْنا حُقوقَ المساكِين، فأصابَنا ما أصابَنا.

﴿عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبۡدِلَنَا خَيۡرٗا مِّنۡهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ﴾ [القلم:32]


عسَى أنْ يُعَوِّضَنا اللهُ خَيرًا منه، إنَّا تائبونَ إلى رَبِّنا، نَرجُو عَفوَه، ونَطلبُ خَيرَه.

﴿كَذَٰلِكَ الۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ الۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ﴾ [القلم:33]


هكذا يَكونُ العَذابُ لمَنْ خالفَ أمرَ اللهِ وكفرَ بنِعمَتِه، والعُقوبَةُ في الآخِرَةِ أشَدُّ وأبقَى، ولو كانُوا مِنْ أهلِ العِلمِ والفَهمِ لعَلِموا ذلك.

﴿إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ النَّعِيمِ﴾ [القلم:34]


إنَّ للمُؤمِنينَ المُمتَثِلينَ أمرَ ربِّهمْ جنَّاتٍ واسِعاتٍ يَومَ القِيامَة، فيها النَّعيمُ والسَّعادَة.

﴿أَفَنَجۡعَلُ الۡمُسۡلِمِينَ كَالۡمُجۡرِمِينَ﴾ [القلم:35]


أفنَجعَلُ المسلِمينَ المُلتَزِمينَ بشَرعِ الله، في الحِسابِ والثَّواب، كالكافِرينَ المُجرِمينَ الذينَ يَعصُونَهُ ويُكذِّبونَ أنبِياءَه؟

﴿مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ﴾ [القلم:36]


ماذا بكم؟ وعلى أيِّ شَيءٍ تَبنونَ أحكامَكم، وكيفَ تَزِنونَ الأمُورَ حتَّى تَجعَلوا الفَريقَينِ بَعضَهمْ مثلَ بَعضٍ في الجزَاء؟

﴿أَمۡ لَكُمۡ كِتَٰبٞ فِيهِ تَدۡرُسُونَ﴾ [القلم:37]


أمْ أنَّ لكمْ كتابًا سَماويًّا تَقرَؤونَ فيه وتَعتَمِدونَ عليهِ فيما تدَّعون؟

﴿إِنَّ لَكُمۡ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾ [القلم:38]


إنَّ لكمْ في ذلكَ الكتابِ ما تَختارونَ وما تَشتَهون!

﴿أَمۡ لَكُمۡ أَيۡمَٰنٌ عَلَيۡنَا بَٰلِغَةٌ إِلَىٰ يَوۡمِ الۡقِيَٰمَةِ إِنَّ لَكُمۡ لَمَا تَحۡكُمُونَ﴾ [القلم:39]


أمْ أقسَمنا لكم، فلكمْ عَلينا عُهودٌ ومَواثيقُ مؤكَّدَةٌ لا تَنقَطِعُ إلى يَومِ القِيامَةِ فأنتُمْ مُلازِمونَ لها؟ إنَّكمْ تَحكمونَ لأنفُسِكمْ بالخَيرِ والكرامَةِ عندَ اللهِ كما تَشاؤون!

﴿سَلۡهُمۡ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ﴾ [القلم:40]


اِسْألْهمْ أيُّها الرسُول: مَنِ المُتَكفِّلُ منهمْ أنْ يَكونَ لهمْ في الآخِرَةِ ما يَكونُ للمسلِمين؟