تفسير سورة المدثر

  1. سور القرآن الكريم
  2. المدثر
74

﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر:21]


ثمَّ أعادَ النَّظرَ فيما يَرُدُّ بهِ على القُرآن،

﴿ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ﴾ [المدثر:22]


ثمَّ قطَّبَ وَجهَهُ وأظهَرَ العُبوسَ، ونظرَ بكراهيَةٍ شَديدَة،

﴿ثُمَّ أَدۡبَرَ وَاسۡتَكۡبَرَ﴾ [المدثر:23]


ثمَّ أعرَضَ عنِ الإيمَانِ بالقُرآن، واستَكبَرَ عنِ اتِّباعِ الحقّ،

﴿فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ﴾ [المدثر:24]


فقال: ما هذا الذي يَتلوهُ محمَّدٌ إلاّ سِحرٌ يُروَى ويَتَعلَّمُهُ مِنَ السَّحَرَة،

﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ الۡبَشَرِ﴾ [المدثر:25]


ما هذا إلاّ قَولُ بشَر، وليسَ بقَولِ إله.

﴿سَأُصۡلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر:26]


سأدخِلُهُ جَهنَّمَ ليَذوقَ عَذابَها الشَّديد.

﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سَقَرُ﴾ [المدثر:27]


وما أعلمَكَ بما في جَهنَّمَ مِنَ العَذابِ والشَّدائد؟

﴿لَا تُبۡقِي وَلَا تَذَرُ﴾ [المدثر:28]


لا تَدَعُ شَيئًا فيها إلاَّ أهلكَتْه، مِنْ شِدَّةِ العَذابِ وقَسوَتِه، ثمَّ يُبدَّلونَ خَلقًا جَديدًا.

﴿لَوَّاحَةٞ لِّلۡبَشَرِ﴾ [المدثر:29]


مُغَيِّرَةٌ للبَشَر (جَمعُ بشَرَة)، مُسَوِّدَةٌ للجُلود. (مِنْ لوَّحَتْهُ الشَّمسُ إذا سوَّدَتْ ظاهِرَه).

﴿عَلَيۡهَا تِسۡعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر:30]


وعلى النَّارِ مِنَ الخزَنَةِ تِسعَةَ عَشَرَ مَلَكًا.

﴿وَمَا جَعَلۡنَآ أَصۡحَٰبَ النَّارِ إِلَّا مَلَـٰٓئِكَةٗۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسۡتَيۡقِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الۡكِتَٰبَ وَيَزۡدَادَ الَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا وَلَا يَرۡتَابَ الَّذِينَ أُوتُواْ الۡكِتَٰبَ وَالۡمُؤۡمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَالۡكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَمَا يَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ﴾ [المدثر:31]


وما جعَلنا خزَنةَ النَّارِ إلاّ مَلائكة، غِلاظًا شِدادًا، لا يُقاوَمونَ ولا يُغلَبون. وما جعَلنا عدَدَهمْ (تِسعَةَ عَشَرَ) إلاّ اختِبارًا للكافِرين، الذينَ لا يُسَلِّمونَ بما أنزلَ الله، ويَستَبعِدونَ أنْ تَقومَ قِلَّةٌ مِنَ المَلائكةِ بتَعذيبِ عدَدٍ هائلٍ مِنَ البشَر. وليَعلَمَ أهلُ الكتابِ أنَّ هذا النبيَّ حقّ، وأنَّ القُرآنَ مُوحًى به، فإنَّ عدَدَهمْ هذا مَذكورٌ في الكتُبِ السَّماويَّةِ السَّابقَة. وليَزدادَ بذلكَ إيمَانُ المؤمِنين، لِما يَقِفونَ عليهِ مِنْ دَلائلِ صِدقِهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام، ولئلاَّ يَشُكَّ أهلُ الكتابِ والمؤمِنونَ في عدَدِهم، وليَقولَ المُنافِقونَ والكافِرون: أيَّ شَيءٍ أرادَ اللهُ بذِكرِ هذا العدَدِ مِنَ الملائكة، وبذِكرِ هذا الخبَرِ كُلِّهِ؟

وبمِثلِ هذا يُضِلُّ اللهُ مَنْ شَاء، ممَّنْ صرَفَ اختيارَهُ إلى الإنكَارِ والحقُّ ظاهِر، ويَهدي مَنْ شَاء، ممَّنِ استعَدَّ لقَبولِ الحقِّ والتَّسليمِ بما أنزَلَ الله، وبذلكَ يتأكَّدُ إيمَانُ أقوامٍ، ويَتزَلزَلُ عندَ آخَرين.

ولا يَعلَمُ جُنودَ اللهِ وكثرَتَهم، وحَقيقَتَهمْ ووَظائفَهمْ إلاّ هوَ سُبحانَه، فإنَّهُ مِنَ الغَيبِ الذي اختصَّ بهِ تَعالَى.

وما النَّارُ التي وُصِفَتْ إلاّ تَذكِرَةٌ ومَوعِظَةٌ للنَّاس، ليَعتَبِروا ويَرجِعوا إلى رَبِّهم.

﴿كَلَّا وَالۡقَمَرِ﴾ [المدثر:32]


كلاَّ لهؤلاءِ المُشرِكينَ الذينَ يُنكِرونَ آياتِ الله، قسَمًا بالقمَرِ ومَشهَدِهِ حينَ يَطلُع، وحينَ يَسير، وحينَ يَغيب.

﴿وَالَّيۡلِ إِذۡ أَدۡبَرَ﴾ [المدثر:33]


واللَّيلِ حينَ يُدْبِرُ شَيئًا فشَيئًا أمامَ قُدومِ النَّهار.

﴿وَالصُّبۡحِ إِذَآ أَسۡفَرَ﴾ [المدثر:34]


والصُّبحِ إذا أشرَقَ وبشَّرَ بالنُّورِ والضِّياء.

﴿إِنَّهَا لَإِحۡدَى الۡكُبَرِ﴾ [المدثر:35]


إنَّ جهنَّمَ لإحدَى الدَّواهي الكِبار، والأمُورِ العِظام.

﴿نَذِيرٗا لِّلۡبَشَرِ﴾ [المدثر:36]


إنذارًا للنَّاسِ وتَخويفًا لهمْ مِنَ العَذاب، وما أنذرَ اللهُ بشَيءٍ أدهَى مِنْ جهنَّم.

﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ﴾ [المدثر:37]


لمَنْ شاءَ منكمْ أيُّها البشَرُ أنْ يَقبلَ الإنذَارَ فيَهتَديَ ويتَقدَّمَ إلى الخَيرِ والطَّاعَة، ولمنْ ردَّ الإنذَارَ فيَتأخَّرَ ويَنغَمِسَ في الشُّرورِ والمعَاصي.

﴿كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر:38]


كُلُّ نَفسٍ مُتَعلِّقَةٌ بما قدَّمَت، ومُحاسَبَةٌ على ما عَمِلَت.

﴿إِلَّآ أَصۡحَٰبَ الۡيَمِينِ﴾ [المدثر:39]


ماعدا أصحابَ اليَمِين، مِنَ المؤمِنينَ المخلِصين، فإنَّهمْ غَيرُ مُرتَهَنينَ بذُنوبِهم، فاللهُ يَغفِرُها لهم.

﴿فِي جَنَّـٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ﴾ [المدثر:40]


في جَنَّاتِ عَدْنٍ واسِعات، يَسألون،