تفسير سورة المدثر

  1. سور القرآن الكريم
  2. المدثر
74

﴿عَنِ الۡمُجۡرِمِينَ﴾ [المدثر:41]


عنْ أحوَالِ الكافِرينَ المُجرِمينَ في مقَرِّهمُ الدَّائم:

﴿مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر:42]


ما الذي أدخلَكمْ جهنَّم؟

﴿قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ الۡمُصَلِّينَ﴾ [المدثر:43]


قالوا: لم نكنْ نُصَلِّي للهِ الصَّلواتِ المَفروضةَ عَلينا،

﴿وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ الۡمِسۡكِينَ﴾ [المدثر:44]


ولم نَكنْ نُعطي حقُوقَ الفُقراءِ لهم، ولا نُطعِمُ مِسكينَهم،

﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الۡخَآئِضِينَ﴾ [المدثر:45]


وكنَّا نتكلَّمُ في الباطِل، وفيما لا يَعنِينا، وفيما لا نَعلَم، معَ هؤلاءِ الذينَ لا يَزالونَ يَتكلَّمونَ صَباحَ مَساءَ في أفكارٍ ونَظريَّاتٍ وأمورٍ شَتَّى، ولا يُبالونَ فيها بحقٍّ ولا باطِل، فنَميلُ معَهمْ حيثُ مالُوا، ولا نُبالي.

﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ الدِّينِ﴾ [المدثر:46]


وكنَّا نُكذِّبُ بالبَعثِ بعدَ المَوت، والحِسابِ والجزَاء،

﴿حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا الۡيَقِينُ﴾ [المدثر:47]


حتَّى أتانا الموتُ الذي لا بُدَّ منه.

﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ الشَّـٰفِعِينَ﴾ [المدثر:48]


فهؤلاءِ لا تَنفَعُهمْ يَومَ القِيامَةِ شَفاعَةُ أحَد، لأنَّها تَكونُ لمنْ آمَن، وهؤلاءِ كافِرون.

﴿فَمَا لَهُمۡ عَنِ التَّذۡكِرَةِ مُعۡرِضِينَ﴾ [المدثر:49]


فما بالُ هؤلاءِ الكافِرينَ مُعرِضينَ عنِ القُرآنِ وإنذارِهِ وتَذكيرِه؟

﴿كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ﴾ [المدثر:50]


كأنَّهمْ في نُفورِهمْ عنِ الحقِّ وإعراضِهمْ عنِ القُرآنِ مِثلُ حُمُرِ الوَحش،

﴿فَرَّتۡ مِن قَسۡوَرَةِۭ﴾ [المدثر:51]


التي تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ حينَ يُطارِدُها ليَصيدَها!

﴿بَلۡ يُرِيدُ كُلُّ امۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُؤۡتَىٰ صُحُفٗا مُّنَشَّرَةٗ﴾ [المدثر:52]


بلْ يُريدُ كُلُّ واحدٍ مِنَ المشرِكينَ أنْ يَنزِلَ عليهِ كتابٌ سَماويٌّ يُنشَرُ ويُقرَأُ حتَّى يؤمِنَ ويُصَدِّق!

﴿كَلَّاۖ بَل لَّا يَخَافُونَ الۡأٓخِرَةَ﴾ [المدثر:53]


كلاّ لا يُؤتَونَ ذلك، فإنَّ الذي أفسدَ مَذهبَهمْ وجعلَهمْ مُعرِضينَ عنِ الحقّ، ولا مُبالينَ بالقُرآنِ ووَعدِهِ ووَعيدِه، هوَ عدَمُ إيمانِهمْ بالمَعادِ والحِسَاب، وعدَمُ خَوفِهمْ مِنَ العَذاب.

﴿كَلَّآ إِنَّهُۥ تَذۡكِرَةٞ﴾ [المدثر:54]


كلاّ لهمْ ولإعرَاضِهم، إنَّ هذا القُرآنَ مَوعِظَةٌ وتَذكير، وإنذَارٌ ووَعيد.

﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ﴾ [المدثر:55]


فمَنْ شاءَ أخذَ بهِ فاتَّعَظَ واعتبَر.

﴿وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ اللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ التَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ الۡمَغۡفِرَةِ﴾ [المدثر:56]


ولا يَتَّعِظونَ بمُجرَّدِ إرادَتِهمْ ذلك، فلا يَشاؤونَ إلاَّ إذا أرادَ اللهُ هِدايتَهمْ ليتَّعِظوا، فهوَ تَوفيقٌ مِنَ الله، يُيَسِّرُهُ لمَنْ يَعلَمُ صِدقَ نيَّتِهِ في طاعَةِ ربِّه، وإخلاصَهُ له، ولا يَشاءُ أحَدٌ بما يَتَعارَضُ معَ مَشيئتِه، فهيَ فَوقَ كُلِّ شَيء، ولا يَقدِرونَ على أمرٍ إلاّ بإذنِهِ سُبحانَه. واللهُ أهلٌ لأنْ يُخشَى عِقابُه، ويُطاعَ أمرُه، وهوَ أهلٌ لأنْ يَغفِرَ ذُنوبَ عِبادِهِ المؤمِنينَ التَّائبِين.