﴿فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ﴾ [النازعات:21]
فكذَّبَ بالمُعجِزَةِ وسَمَّاها سِحرًا، وعصَى اللهَ بتَجبُّرِهِ وتَمرُّدِه.
﴿ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ﴾ [النازعات:22]
ثمَّ تَولَّى عنِ الإيمَانِ والطَّاعَة، وعَمِلَ لإبطالِ أمرِ موسَى عليهِ السَّلامُ ودَعوَتِه.
﴿فَحَشَرَ فَنَادَىٰ﴾ [النازعات:23]
فجمَعَ الناسَ ونادَى فيهم،
﴿فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ الۡأَعۡلَىٰ﴾ [النازعات:24]
فقال: أنا ربُّكمُ العَظيم، ولا رَبَّ فَوقي!
﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الۡأٓخِرَةِ وَالۡأُولَىٰٓ﴾ [النازعات:25]
فعَاقبَهُ اللهُ وجعلَهُ عِبرَةً لغَيرِه، بالنَّارِ في الآخِرَة، وبالإغراقِ والإذْلالِ في الدُّنيا.
﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ﴾ [النازعات:26]
وفيما فعلَهُ اللهُ بفِرعَونَ لمَّا طغَى وعصَى، عِظَةٌ وعِبرَةٌ لمَنْ يَخافُ اللهَ ويَخشَى عُقوبتَه.
﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ السَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا﴾ [النازعات:27]
أخَلْقُكمْ بعدَ الموتِ أشَقُّ وأصعَبُ في تَقديرِكم، أمْ خَلقُ السَّماءِ العَظيمَةِ المُتقَنَةِ المُحكَمَة؟ بَناها الله،
﴿رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا﴾ [النازعات:28]
فرفعَها وجعلَها عاليةَ البِناء، وسوَّى أرجاءَها وأحكمَها، فلا تَجِدُ فيها صَدْعًا ولا خَلَلاً،
﴿وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا﴾ [النازعات:29]
وأظلمَ ليلَها، وأبرزَ نَهارَها وأنارَه.
قالَ البغَويُّ رَحِمَهُ الله: أضافَهما إلى السَّماءِ لأنَّ الظُّلمَةَ والنُّورَ كِلاهُما يَنزِلُ مِنَ السَّماء.
﴿وَالۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ﴾ [النازعات:30]
والأرْضَ بعدَ ذلكَ بسطَها ومَدَّها، لتَكونَ مُذَلَّلَةً لسُكَّانِها.
وخُلِقَتِ الأرْضُ قَبلَ السَّماء، وإنِّما دُحيَتْ بعدَ خَلقِ السَّماء.
﴿أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا﴾ [النازعات:31]
فجَّرَ منها العُيونَ وأجرَى الأنهَار، وأخرَجَ الكَلأ.
﴿وَالۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا﴾ [النازعات:32]
وأثبتَ الجِبالَ في الأرْضِ لئلاَّ تَضطَرِبَ بأهلِها.
﴿مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ [النازعات:33]
هيَّأَ كُلَّ ذلكَ لَكمْ لتَنتَفِعوا بهِ أنتُمْ ومَواشِيكمْ في الحيَاةِ الدُّنيا.
﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ الۡكُبۡرَىٰ﴾ [النازعات:34]
فإذا جاءَ يَومُ القِيامَة، الذي يَعلو على كُلِّ شَيءٍ ويَغلِبُه، ويَفوقُ كُلَّ ما عرَفَهُ الإنسَانُ مِنْ دَواهي الدُّنيا.
﴿يَوۡمَ يَتَذَكَّرُ الۡإِنسَٰنُ مَا سَعَىٰ﴾ [النازعات:35]
في ذلكَ اليَومِ المَهولِ يَتذَكَّرُ بَنو آدمَ ما عَمِلُوهُ مِنْ خَيرٍ وشرّ.
﴿وَبُرِّزَتِ الۡجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ﴾ [النازعات:36]
وأُظهِرَتْ جهنَّمُ إظهارًا بيِّنًا، فرَآها النَّاسُ كُلُّهم.
﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ﴾ [النازعات:37]
فأمَّا مَنْ تَجاوَزَ الحَدّ، فكفرَ وعصَى، وتَجبَّرَ وعتَا،
﴿وَءَاثَرَ الۡحَيَوٰةَ الدُّنۡيَا﴾ [النازعات:38]
واختارَ الحيَاةَ الدُّنيا ولذائذَها وشَهواتِها وقدَّمَها على دِينِ الله، ولم يَستَعِدَّ للدَّارِ الآخِرَة،
﴿فَإِنَّ الۡجَحِيمَ هِيَ الۡمَأۡوَىٰ﴾ [النازعات:39]
فإنَّ مَصيرَهُ جهنَّم، يُعذَّبُ فيها ولا يَموت.
﴿وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى النَّفۡسَ عَنِ الۡهَوَىٰ﴾ [النازعات:40]
وأمَّا مَنْ خافَ مقامَهُ بينَ يدَي رَبِّهِ يَومَ الحِسَاب، وزجَرَ نَفسَهُ ونَهاها عنِ الهَوَى والمعاصِي، وردَّها إلى طاعَةِ الله، ووَطَّنَها على فِعلِ الخَيرات،