تفسير سورة النازعات

  1. سور القرآن الكريم
  2. النازعات
79

﴿فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ﴾ [النازعات:21]


فكذَّبَ بالمُعجِزَةِ وسَمَّاها سِحرًا، وعصَى اللهَ بتَجبُّرِهِ وتَمرُّدِه.

﴿ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ﴾ [النازعات:22]


ثمَّ تَولَّى عنِ الإيمَانِ والطَّاعَة، وعَمِلَ لإبطالِ أمرِ موسَى عليهِ السَّلامُ ودَعوَتِه.

﴿فَحَشَرَ فَنَادَىٰ﴾ [النازعات:23]


فجمَعَ الناسَ ونادَى فيهم،

﴿فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ الۡأَعۡلَىٰ﴾ [النازعات:24]


فقال: أنا ربُّكمُ العَظيم، ولا رَبَّ فَوقي!

﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الۡأٓخِرَةِ وَالۡأُولَىٰٓ﴾ [النازعات:25]


فعَاقبَهُ اللهُ وجعلَهُ عِبرَةً لغَيرِه، بالنَّارِ في الآخِرَة، وبالإغراقِ والإذْلالِ في الدُّنيا.

﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّمَن يَخۡشَىٰٓ﴾ [النازعات:26]


وفيما فعلَهُ اللهُ بفِرعَونَ لمَّا طغَى وعصَى، عِظَةٌ وعِبرَةٌ لمَنْ يَخافُ اللهَ ويَخشَى عُقوبتَه.

﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ السَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا﴾ [النازعات:27]


أخَلْقُكمْ بعدَ الموتِ أشَقُّ وأصعَبُ في تَقديرِكم، أمْ خَلقُ السَّماءِ العَظيمَةِ المُتقَنَةِ المُحكَمَة؟ بَناها الله،

﴿رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا﴾ [النازعات:28]


فرفعَها وجعلَها عاليةَ البِناء، وسوَّى أرجاءَها وأحكمَها، فلا تَجِدُ فيها صَدْعًا ولا خَلَلاً،

﴿وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا﴾ [النازعات:29]


وأظلمَ ليلَها، وأبرزَ نَهارَها وأنارَه.

قالَ البغَويُّ رَحِمَهُ الله: أضافَهما إلى السَّماءِ لأنَّ الظُّلمَةَ والنُّورَ كِلاهُما يَنزِلُ مِنَ السَّماء.

﴿وَالۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ﴾ [النازعات:30]


والأرْضَ بعدَ ذلكَ بسطَها ومَدَّها، لتَكونَ مُذَلَّلَةً لسُكَّانِها.

وخُلِقَتِ الأرْضُ قَبلَ السَّماء، وإنِّما دُحيَتْ بعدَ خَلقِ السَّماء.

﴿أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا﴾ [النازعات:31]


فجَّرَ منها العُيونَ وأجرَى الأنهَار، وأخرَجَ الكَلأ.

﴿وَالۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا﴾ [النازعات:32]


وأثبتَ الجِبالَ في الأرْضِ لئلاَّ تَضطَرِبَ بأهلِها.

﴿مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ [النازعات:33]


هيَّأَ كُلَّ ذلكَ لَكمْ لتَنتَفِعوا بهِ أنتُمْ ومَواشِيكمْ في الحيَاةِ الدُّنيا.

﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ الۡكُبۡرَىٰ﴾ [النازعات:34]


فإذا جاءَ يَومُ القِيامَة، الذي يَعلو على كُلِّ شَيءٍ ويَغلِبُه، ويَفوقُ كُلَّ ما عرَفَهُ الإنسَانُ مِنْ دَواهي الدُّنيا.

﴿يَوۡمَ يَتَذَكَّرُ الۡإِنسَٰنُ مَا سَعَىٰ﴾ [النازعات:35]


في ذلكَ اليَومِ المَهولِ يَتذَكَّرُ بَنو آدمَ ما عَمِلُوهُ مِنْ خَيرٍ وشرّ.

﴿وَبُرِّزَتِ الۡجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ﴾ [النازعات:36]


وأُظهِرَتْ جهنَّمُ إظهارًا بيِّنًا، فرَآها النَّاسُ كُلُّهم.

﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ﴾ [النازعات:37]


فأمَّا مَنْ تَجاوَزَ الحَدّ، فكفرَ وعصَى، وتَجبَّرَ وعتَا،

﴿وَءَاثَرَ الۡحَيَوٰةَ الدُّنۡيَا﴾ [النازعات:38]


واختارَ الحيَاةَ الدُّنيا ولذائذَها وشَهواتِها وقدَّمَها على دِينِ الله، ولم يَستَعِدَّ للدَّارِ الآخِرَة،

﴿فَإِنَّ الۡجَحِيمَ هِيَ الۡمَأۡوَىٰ﴾ [النازعات:39]


فإنَّ مَصيرَهُ جهنَّم، يُعذَّبُ فيها ولا يَموت.

﴿وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى النَّفۡسَ عَنِ الۡهَوَىٰ﴾ [النازعات:40]


وأمَّا مَنْ خافَ مقامَهُ بينَ يدَي رَبِّهِ يَومَ الحِسَاب، وزجَرَ نَفسَهُ ونَهاها عنِ الهَوَى والمعاصِي، وردَّها إلى طاعَةِ الله، ووَطَّنَها على فِعلِ الخَيرات،