﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ﴾ [عبس:1]
عَبسَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأعرَضَ بوَجهِه،
﴿أَن جَآءَهُ الۡأَعۡمَىٰ﴾ [عبس:2]
لمَّا جاءَهُ الصَّحابيُّ الأعمَى ابنُ أُمِّ مَكتوم.
وقدْ أتَى النبيَّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فجعَلَ يَقولُ له: يا رسُولَ اللهِ أرشِدْني، وعندَهُ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ رَجُلٌ مِنْ عُظَماءِ المشرِكين، فجعلَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعرِضُ عنهُ ويُقبِلُ على الآخَر، وقدْ طَمِعَ في إسلامِه.
﴿وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ﴾ [عبس:3]
وما يُدريكَ أيُّها النبيّ، فلعلَّهُ يَتطَهَّرُ منَ الذُّنوبِ بما يَتعَلَّمُهُ منك،
﴿أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكۡرَىٰٓ﴾ [عبس:4]
أو يتَّعِظُ فتَنفَعَهُ المَوعِظَةُ ويَبتَعِدَ عنِ المُحرَّمات.
﴿أَمَّا مَنِ اسۡتَغۡنَىٰ﴾ [عبس:5]
أمَّا مَنِ استَغنَى بالكُفرِ أو الغِنَى عمَّا عندكَ منَ العلمِ والإيمَان،
﴿فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ﴾ [عبس:6]
فأنتَ تَتعَرَّضُ لهُ وتُقبِلُ عليه؟
﴿وَمَا عَلَيۡكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ﴾ [عبس:7]
ولستَ مُطالَبًا بأنْ يؤمِنَ ويَهتَدي، فما عَليكَ إلاّ البَلاغ.
﴿وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسۡعَىٰ﴾ [عبس:8]
وأمَّا مَنْ جاءَكَ يَقصِدُك، يَبتَغي النُّصحَ والرُّشد،
﴿وَهُوَ يَخۡشَىٰ﴾ [عبس:9]
وهوَ يَخافُ اللهَ ويَخشَى عَذابَه،
﴿فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ﴾ [عبس:10]
فأنتَ تَتشاغَلُ عنه؟
﴿كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ﴾ [عبس:11]
كلاّ، لا تَعُدْ إلى مِثلِ هذا، إنَّ هذا القُرآن، أو هذهِ السورةُ، مَوعِظَةٌ يَجِبُ أنْ يُعمَلَ بها.
﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ﴾ [عبس:12]
فمَنْ شاءَ مِنَ العِبادِ اتَّعظَ به.
﴿فِي صُحُفٖ مُّكَرَّمَةٖ﴾ [عبس:13]
وهوَ مثبَتٌ في صُحُفٍ مُعَظَّمَةٍ مُكرَّمَة، والمقصود: اللوحُ المحفوظ. وكلُّ ما كُتِبَ فيه فهو صَحيفة،
﴿مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ﴾ [عبس:14]
وهي رَفيعَةِ القَدْرِ، مُنزَّهَةٌ مِنْ كُلِّ دنَس، فلا يَمَسُّها إلّا المطهَّرون، وهمُ الملائكة،
﴿بِأَيۡدِي سَفَرَةٖ﴾ [عبس:15]
بأيدي كتبَةٍ مِنَ المَلائكةِ عَليهمُ السَّلام(157).
(157) المعنى: أنها [الصحفُ] بأيدي كتبةٍ من الملائكة، ينسخون الكتبَ من اللوحِ المحفوظ. (فتح القدير).
المرادُ بأيْديهم: حِفْظُهم إيّاهُ إلى تبليغه، فمثَّلَ حالَ الملائكةِ بحالِ السفراء، الذين يحملون بأيديهم الأَلُوكَ والعُهود. (التحرير والتنوير).
الألوك: الرسالة.
﴿كِرَامِۭ بَرَرَةٖ﴾ [عبس:16]
ذَوي قَدْرٍ وكرَامَةٍ عندَ الله، مُطيعينَ لهُ مُتَّقين.
﴿قُتِلَ الۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ﴾ [عبس:17]
لُعِنَ المكذِّبُ بالبَعثِ والنُّشورِ ما أشَدَّ كُفرَه!
﴿مِنۡ أَيِّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥ﴾ [عبس:18]
مِنْ أيِّ شَيءٍ مَهينٍ خَلقَه؟ ما أصلُهُ وما مَبدَؤهُ حتَّى يَتكبَّرَ ويُعرِض؟
﴿مِن نُّطۡفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ﴾ [عبس:19]
خَلقَهُ مِنْ نُطفَةٍ ضَعيفَة، ثمَّ قدَّرَهُ أطوَارًا إلى أنْ تمَّ خَلقُه، وهيَّأهُ لِما يَصلُحُ له.
﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ﴾ [عبس:20]
ثمَّ سهَّلَ خُروجَهُ مِنْ بَطنِ أُمِّه. أو يسَّرَ لهُ سبُلَ العَيشِ في الحياة.