﴿إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتۡ﴾ [الإنشقاق :1]
إذا السَّماءُ انفَطرَتْ وتَصدَّعَت، يَومَ القِيامَة.
﴿وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ﴾ [الإنشقاق :2]
واستَمعَتْ لربِّها وانقادَتْ لأمرِه، وحُقَّ لها أنْ تَسمَعَ وتُطيع، فأمرُ اللهِ لا يُرَدّ.
﴿وَإِذَا الۡأَرۡضُ مُدَّتۡ﴾ [الإنشقاق :3]
وإذا الأرْضُ وسِّعَتْ ومُدَّتْ كما يُمَدُّ الجِلد، "ثمَّ لا يَكونُ لبشَرٍ مِنْ بَني آدمَ إلاّ مَوضِعُ قَدمَيه"، كما جاءَ في الحديثِ الذي رواهُ الحاكمُ وصحَّحه.
﴿وَأَلۡقَتۡ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتۡ﴾ [الإنشقاق :4]
ورمَتْ ما في بَطنِها مِنَ الموتَى والكنُوز، وخلَتْ منها حتَّى لم يَبقَ في باطنِها شَيءٌ مِنْ ذلك.
﴿وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ﴾ [الإنشقاق :5]
وأجابَتْ أمرَ ربِّها وأطاعَتْهُ، وحُقَّ لها أنْ تَسمَعَ وتُطيع، فقَضاءُ اللهِ لا يُرَدّ.
﴿يَـٰٓأَيُّهَا الۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ﴾ [الإنشقاق :6]
أيُّها الإنسَان، إنَّكَ ساعٍ طَوالَ حياتِكَ إلى لقاءِ ربِّك، وأنتَ في كدٍّ وجِدٍّ وعمَل، فمُلاقٍ جَزاءَ ما عَمِلت، مِنْ خَيرٍ وشَرّ.
﴿فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ﴾ [الإنشقاق :7]
فأمَّا مَنْ أُعطيَ صَحيفتَهُ بيدِهِ اليُمنَى، وهيَ عَلامَةٌ على الفَوزِ والنَّجاة،
﴿فَسَوۡفَ يُحَاسَبُ حِسَابٗا يَسِيرٗا﴾ [الإنشقاق :8]
فسَوفَ يُحاسَبُ على أعمالِهِ حِسابًا سَهلاً مُيَسَّرًا، تُعرَضُ عليهِ حتَّى يَعرِفَ منَّةَ اللهِ عليهِ فيما سَترَهُ عليهِ في الدُّنيَا، وفي عَفوهِ عنه في الآخِرَة. فالمقصودُ بالحِسابِ هنا عَرضُ الأعمَالِ لإطْلاعِ أصحابِها عليها، أمَّا مَنْ حُوسِبَ على كُلِّ عمَلٍ عَمِلَه، حسابَ تَدقيقٍ ومُناقَشة، واستُقصيَ عليهِ ولم يُسامَح، فهذا يُعذَّب.
عنْ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ يَومَ القيامَةِ إلاّ هلَك". فقلتُ: يا رَسُولَ الله، أليسَ قدْ قالَ اللهُ تَعالَى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً}؟ فقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّما ذلكَ العَرْض، وليسَ أحَدٌ يُناقَشُ الحِسابَ يَومَ القِيامَةِ إلاّ عُذِّب".
﴿وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا﴾ [الإنشقاق :9]
ويَرجِعُ إلى أهلِهِ في الجنَّةِ فَرِحًا مُبتَهِجًا، لِما أُوتيَ مِنَ الخَيرِ والكَرامَة.
﴿وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ وَرَآءَ ظَهۡرِهِۦ﴾ [الإنشقاق :10]
وأمَّا مَنْ أُوتيَ صَحيفةَ أعمَالِهِ بيدِهِ الشِّمالِ مِنْ وراءِ ظَهرِه، وهيَ عَلامَةٌ على الخَيبَةِ والخُسران،
﴿فَسَوۡفَ يَدۡعُواْ ثُبُورٗا﴾ [الإنشقاق :11]
فسَوفَ يُنادي بالوَيلِ والهَلاكِ على نَفسِه،
﴿وَيَصۡلَىٰ سَعِيرًا﴾ [الإنشقاق :12]
ويَدخُلُ جهنَّمَ ويُقاسي حرَّها وعَذابَها.
﴿إِنَّهُۥ كَانَ فِيٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورًا﴾ [الإنشقاق :13]
لقدْ كانَ في الدُّنيَا بينَ أهلِهِ فَرِحًا بَطِرًا، مُتَّبِعًا هَواه، لا يُفَكِّرُ بالعَواقِب،
﴿إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾ [الإنشقاق :14]
واعتقدَ أنَّهُ لنْ يَحيا بعدَ مماتِه، وأنَّهُ لنْ يَرجِعَ إلى اللهِ فيُحاسَبَ على أعمَالِه.
﴿بَلَىٰٓۚ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرٗا﴾ [الإنشقاق :15]
بلَى، سيُعيدُهُ اللهُ كما بَدأه، ويَبعَثُهُ للحِساب، وكانَ اللهُ عالِمًا بأقوالِهِ وأعمالِهِ كُلِّها، وسيُجازيهِ عَليها.
﴿فَلَآ أُقۡسِمُ بِالشَّفَقِ﴾ [الإنشقاق :16]
فأُقسِمُ بالشَّفَق. وهوَ الحُمرَةُ التي تُرَى في الأُفُقِ بعدَ الغُروب.
﴿وَالَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ﴾ [الإنشقاق :17]
وباللَّيلِ وما ساقَهُ وجمعَهُ مِنَ الدَّوابِّ وغَيرِها ممَّا كانَ مُنتَشِرًا بالنَّهار، فيأوي كلٌّ إلى مَأواه،
﴿وَالۡقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ﴾ [الإنشقاق :18]
وبالقمَرِ إذا استوَى واجتمَعَ نورُهُ وصارَ بَدْرًا مُنيرًا،
﴿لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ﴾ [الإنشقاق :19]
ستُلاقُونَ حالاً بعدَ حال، وتُعانُونَ ما قُدِّرَ لكمْ في هذهِ الأطوَار.
﴿فَمَا لَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ﴾ [الإنشقاق :20]
فما الذي يَمنَعُهمْ مِنَ الإيمَانِ باللهِ ورسُولِهِ واليَومِ الآخِر، والآياتُ شاهِدَةٌ على الدِّينِ الحقّ؟