تفسير سورة الطارق

  1. سور القرآن الكريم
  2. الطارق
86

﴿وَالسَّمَآءِ وَالطَّارِقِ﴾ [الطارق:1]


أُقسِمُ بالسَّماءِ وما جُعِلَ فيها مِنَ النُّجومِ المُضيئةِ باللَّيل.

﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا الطَّارِقُ﴾ [الطارق:2]


وما أعلمَكَ ما هوَ الطَّارِق؟

﴿النَّجۡمُ الثَّاقِبُ﴾ [الطارق:3]


هوَ النَّجمُ المُضيءُ الذي يَثقُبُ الظَّلامَ بضَوئه.

وقالوا في عَصرِنا: هوَ النَّجمُ النيوتروني، الذي لهُ نبَضاتٌ وطَرَقاتٌ مُنتَظِمَة... في تَفصيلٍ وإعجَاز.

﴿إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ﴾ [الطارق:4]


كُلُّ نَفسٍ عَليها رَقيبٌ مِنَ الله، يُحصِي ويَحفَظُ عَليها أعمالَها الحسنَةَ والسيِّئة، وهوَ موَكَّلٌ بها بأمرِ الله.

﴿فَلۡيَنظُرِ الۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ﴾ [الطارق:5]


فليَتفَكَّرِ الإنسَانُ بعَقلِه، وليَتدبَّرْ في مَبدَإِ خَلقِهِ كيفَ هو، ليَعلمَ أنَّ الذي بَدأ خَلقَهُ قادِرٌ على إعادَتِه.

﴿خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ﴾ [الطارق:6]


لقدْ خُلِقَ مِنْ مَنيٍّ مُتدَفِّق،

﴿يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ الصُّلۡبِ وَالتَّرَآئِبِ﴾ [الطارق:7]


يَخرُجُ مِنْ صُلبِ الرَّجُل، وهوَ عَظمُ ظَهرِهِ الفِقاريَّة، ومِنْ تَرائبِ المرْأَة، وهيَ عِظامُ صَدرِها العُلويَّة، يَلتَقي الماءَانِ في رَحِمِ المرْأَة.

﴿إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجۡعِهِۦ لَقَادِرٞ﴾ [الطارق:8]


واللهُ قادِرٌ على إعادَةِ خَلقِ الإنسَانِ بعدَ مَوتِه.

﴿يَوۡمَ تُبۡلَى السَّرَآئِرُ﴾ [الطارق:9]


في يَومِ القِيامَةِ تَظهَرُ الأسرَار، ويَبدو ما خَفيَ مِنَ الأعمَالِ والعَقائدِ والنيَّات.

﴿فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٖ وَلَا نَاصِرٖ﴾ [الطارق:10]


وليسَ للإنسَانِ يَومَئذٍ قُوَّةٌ يَمتَنِعُ بها بذَاتِه، ولا ناصِرٌ يَنتَصِرُ لهُ ويُنقِذُهُ مِنْ عَذابِ الله.

﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجۡعِ﴾ [الطارق:11]


والسَّماءِ ذاتِ المطَر؛ لأنَّهُ يَرجِعُ كُلَّ عامٍ ويَتكرَّر. أو لأنَّ السَّحابَ يَحمِلُهُ مِنْ بِحارِ الأرْضِ ثمَّ يُرجِعُهُ إلى الأرْض.

وقالُوا في عَصرِنا: السَّماءُ تَقومُ بوَظيفَةِ الإرجَاعِ والعَكس، بأمرِهِ سُبحانَه. فالشَّمسُ تَجري وتَعودُ لمَكانِها، والقمَرُ يَسيرُ في مَدارٍ حَولَ الأرْضِ ثمَّ يَرجِعُ إلى مَكانِهِ الأوَّل، والسَّماءُ تُرجِعُ بُخارَ المَاءِ أمطارًا، وتُرجِعُ الأموَاجَ الكهرَطيسيَّةَ بثًّا، وتُرجِعُ الغازَاتِ في تَقَلُّباتِها إلى ما كانتْ عليه، وكُلُّ ما في السَّماءِ يَرجِعُ إلى مَكانِهِ الأوَّل، بإذنِ اللهِ وتَدبيرِه.

﴿وَالۡأَرۡضِ ذَاتِ الصَّدۡعِ﴾ [الطارق:12]


والأرْضِ التي تَنشَقُّ عنِ النَّباتِ والأشجَار، وتَتصَدَّعُ بالعُيونِ والأنهَار.

ويَذكرُ عُلماءُ الأرْضِ في هذا العَصرِ شبكةً هَائلةً مِنَ الصُّدوعِ على الغِلافِ الصَّخريِّ الخارجيِّ للأرْض، واكتشَفوا أنَّ الأرْضَ مُتصَدِّعَةٌ بشُقوقٍ قسَموها إلى (24) قِطعَة. كما اكتُشِفَتْ صُدوعٌ تُحيطُ بكَاملِ الأرْض، وقالوا: لولا هذهِ الصُّدوعُ لانفجَرَتِ الكرَةُ الأرْضيَّةُ مِثلَ القُنبُلَةِ الذرِّيَّة!

﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلٞ فَصۡلٞ﴾ [الطارق:13]


إنَّ القُرآنَ العَظيمَ حقٌّ وعَدل، يَفصِلُ بينَ الحقِّ والباطِل.

﴿وَمَا هُوَ بِالۡهَزۡلِ﴾ [الطارق:14]


وليسَ هوَ باللَّعبِ والباطِل، بلْ كلُّهُ جِدّ، فمِنْ الواجبِ أنْ يتَّبِعَهُ النَّاسُ ويَهتَدوا به.

﴿إِنَّهُمۡ يَكِيدُونَ كَيۡدٗا﴾ [الطارق:15]


إنَّ الكافِرينَ يَمكرونَ بالنَّاسِ ويَخدَعونَهمْ في دَعوَتِهمْ إلى خِلافِ القُرآن، وصَرفِهمْ عنِ الإسْلام.

﴿وَأَكِيدُ كَيۡدٗا﴾ [الطارق:16]


وأُقابِلُهمْ بمكرٍ مَتينٍ لا يُمكِنُ رَدُّه، فأستَدرِجُهمْ مِنْ حَيثُ لا يَعلَمونَ حتَّى آخُذَهم، وأُتِمُّ نورَ هذا الدِّينِ ولو كَرِهوا.

﴿فَمَهِّلِ الۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا﴾ [الطارق:17]


فأنظِرِ الكافِرينَ وأمهِلْهمْ قَليلاً، ولا تَستَعجِلْ لهم، وستَرَى ما يَحِلُّ بهمْ مِنَ العُقوبَةِ والعَذاب.