﴿وَلَا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ﴾ [الأنفال :21]
ولا تَكونوا كالمشرِكينَ والمنافِقين، الذينَ يقولونَ بألسنتِهمْ سمِعنا، وهُمْ لا يَنتفِعونَ بسَماعِهم، لأنَّهمْ لا يُصدِّقونَ ما سَمِعوه، فكأنَّهمْ لم يَسمَعوا.
﴿۞إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الۡبُكۡمُ الَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ﴾ [الأنفال :22]
إنَّ شرَّ مَنْ دَبَّ على وجهِ الأرضِ مِنْ خَلْقِ الله، الذين لا يَسمَعونَ الحقّ، ولا يَنطِقونَ به، فهمْ لا يَفقَهونَ كلامَ اللهِ ولا يَنتَفِعونَ به، لأنَّهمْ لم يَستَعمِلوا عقولَهمْ وحواسَّهمْ التي خلقَها اللهُ لهمْ كما يَنبَغي، ليُميِّزوا بها الحقَّ مِنَ الباطِل، والخَيرَ مِنَ الشَّرّ.
﴿وَلَوۡ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ﴾ [الأنفال :23]
ولو عَلِمَ اللهُ في هؤلاءِ الكافِرينَ المعانِدينَ خيراً لأفهمَهمْ حتَّى يَقِفوا على الحقّ، ولو أفهمَهُمْ فوقَفوا على الحقِّ لأعرَضوا عنهُ ورفَضوه، فلم يَنتَفِعوا بهِ ولم يَقبَلُوه؛ لعنادِهمْ واستِكبارِهم.
﴿يَـٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَاعۡلَمُوٓاْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ الۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [الأنفال :24]
أيُّها المؤمِنون، أجيبوا اللهَ ورسولَهُ إذا دعاكمْ لِما يُصلحُكمْ في حَياتِكمْ منَ الإيمانِ والجِهاد، الذي فيهِ عِزُّكمْ ورِفعتُكم.
واعلَموا أنَّ اللهَ يَحجِزُ بينَ المؤمِنِ والكُفر، وبينَ الكافِرِ والإيمان، فالقُلوبُ بينَ يديه، يُقَلِّبُها كما يُريد، وهوَ قادرٌ على أنْ يُجبرَكمْ على الاستِجابةِ لِما يَدعوكمْ إليه، ولكنَّهُ يُكرمُكمْ فيَدعوكمْ لتَستَجيبوا عنْ طواعيةٍ لتؤجَروا عليها، وتَرتفعوا بها.
واعلَموا أنَّكمْ ستُحشَرونَ إلى ربِّكمْ يومَ القيامَة، فيُجازيكمْ على أعمالِكمْ كلِّها، فلا مَفرَّ لكمْ منه، في الدُّنيا والآخِرَة، فالتزِموا، وأطيعوا، واثبُتوا.
﴿وَاتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَاعۡلَمُوٓاْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الۡعِقَابِ﴾ [الأنفال :25]
واحذَروا مِحنةً وابتلاءً لا تَقتَصِرُ على الظَّالمينَ وأهلِ المعاصي، بل تَعمُّهمْ جَميعاً. فلا تُقصِّروا في تَغييرِ المنكَر، ولا تَتكاسَلوا عنِ الإجابةِ للجِهاد. واعلَموا أنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ لمَنْ خالَفَهُ.
﴿وَاذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي الۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [الأنفال :26]
وتَذكَّروا أيُّها المؤمِنونَ عندَما كنتُمْ قِلَّةً مُستَضعَفةً في مكَّةَ تحتَ أيدي كفّارِ قُرَيشٍ وأنتُمْ في حالَةِ خَوفٍ ووَجَلٍ، تَخافونَ أنْ يَذهبَ بكمُ الكفّار، فجعلَ لكمْ مأوًى في المدينةِ تَتحصَّنونَ به، ثمَّ قوَّاكم، وزادَ في عدَدِكم، ونصرَكمْ على أعدائكمْ يومَ بَدر، وكنتُمْ فقراءَ مُحتاجِين، فواسَاكمْ إخوانُكمُ الأنصارُ بأموالِهم، ورَزقَكمْ غنائمَ يومِ بَدر، ولم تَحِلَّ إلا لهذهِ الأمَّة، لعلَّكمْ بذلكَ تَشكرونَ نَعمَةَ ربِّكم، ليَزيدَكمْ مِنْ فضله، ويُثيبَكمْ عليه.
﴿يَـٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [الأنفال :27]
أيُّها المؤمِنون، لا تَخُونوا اللهَ ورسولَهُ بتَركِ ما أمرَكمُ به، وأدُّوا الأماناتِ إلى أهلِها، ولا تَتهاوَنوا فيما شرَعَهُ اللهُ مِنْ تَنظيمِ أحوالِكم، بلْ أدُّوها كما هي، وأنتُمْ تَعلَمونَ وبالَ المَعصِيَةِ وعُقوبةَ الذنب.
﴿وَاعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ﴾ [الأنفال :28]
واعلَموا أيُّها المؤمِنون، أنَّ أموالَكمْ وأولادَكمْ اختِبارٌ وامتِحانٌ منَ اللهِ لكم، ليَنظُرَ هلْ تُطيعونَهُ فيها وتَشكرونَهُ عليها، أمْ تَبخَلونَ وتَشتَغلونَ بها عنهُ وتركَنونَ إلى الدُّنيا وزينتِها؟
واللهُ عندَهُ الثَّوابُ الأكبر، لمنْ أخلصَ لهُ وآثرَ رِضاه، والتزمَ حدودَه.
﴿يَـٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَاللَّهُ ذُو الۡفَضۡلِ الۡعَظِيمِ﴾ [الأنفال :29]
يا عبادَ اللهِ المؤمِنين، إنَّكمْ إنِ اتَّقيتُمُ الله، بالقيامِ بطاعتهِ والانتهاءِ عنْ مَعصيتِه، يُوَفِّقْكمْ لمعرفةِ الحقِّ منَ الباطلِ، ويَجعَلْ في قُلوبِكمْ نُوراً تُفرِّقونَ بهِ بينَ الخطَأ والصَّواب، ويكونُ هذا سَبباً لنَجاتِكمْ وسَعادتِكم، وغُفرانِ ذُنوبِكم. ونِعَمُ اللهِ كثيرة، وفَضلُهُ عَظيم، يَخُصُّ بهِ عبادَهُ المؤمِنينَ المتَّقين.
﴿وَإِذۡ يَمۡكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثۡبِتُوكَ أَوۡ يَقۡتُلُوكَ أَوۡ يُخۡرِجُوكَۚ وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ اللَّهُۖ وَاللَّهُ خَيۡرُ الۡمَٰكِرِينَ﴾ [الأنفال :30]
واذكُرْ نعمةَ اللهِ عَليكَ أيُّها النبيُّ عندما كانَ الكافِرونَ في مكَّةَ يُخطِّطونَ ليَسجُنوكَ ويُقيِّدوك، أو يَقتلوك، أو يُخرِجوكَ منها، فكانوا يَتشاوَرونَ لأجلِ ذلكَ قُبيلَ هِجرَتِك، ويُدَبِّرونَ الأمرَ بليلٍ، ولكنَّ اللهَ أحبطَ حِيَلَهم، وردَّ مكرَهم، وتَدبيرُ اللهِ أنفَذُ وأبلغُ مِنْ مَكْرِهمْ وشَرِّهم.
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا قَالُواْ قَدۡ سَمِعۡنَا لَوۡ نَشَآءُ لَقُلۡنَا مِثۡلَ هَٰذَآ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ الۡأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال :31]
وإذا تُتلَى عَليهمْ آياتُ القُرآنِ الكريمِ عانَدوا وتمرَّدوا، وقالوا في عُتوٍّ واستِكبار: قدْ سمِعنا ما قلتَ يا محمَّد، ولو أرَدنا لقُلنا مثلَ الذي قُلت، ما هذا سِوَى أخبارِ الأممِ الماضيةِ وحكاياتِها ممّا سطَّرهُ الأوَّلون، وليسَ كلامَ الله.
﴿وَإِذۡ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ السَّمَآءِ أَوِ ائۡتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٖ﴾ [الأنفال :32]
وقالوا وهمْ في ظُلمَةِ الكُفرِ ودوَّامةِ الشِّرك، إصراراً منهمْ على التَّكذيبِ والجُحُود، وتمادياً منهمْ في الغَيِّ والضَّلال، وإمعاناً منهمْ في التهكُّمِ والاستِهزاء: اللهمَّ إنْ كانَ هذا الذي جاءَ بهِ محمَّدٌ هوَ الحقَّ الذي أنزلتَهُ مِنْ عندِك، فعاقِبْنا بإرسالِ حِجارةٍ عَلينا منَ السَّماء، أو خُذْنا بعَذابٍ شَديدٍ مُؤلم!
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الأنفال :33]
وما كانَ اللهُ لِيُوقِعَ بهمُ العَذابَ فيُهلِكَهمْ وأنتَ بينَ ظهرانَيْهمْ أيُّها النبيّ، ولم تُعذَّبْ أمَّةٌ قطُّ ونبيُّها فيها. وما كانَ معذِّبَهمْ كذلكَ وهمْ يَطوفونَ بالبَيتِ ويَقولون: غُفْرانَكَ غُفْرانَك، أو ما كانَ مُعَذِّبَهمْ وفيهمْ مُؤمِنونَ يَستَغفِرونَ الله. يَعني ممَّنْ بقيَ بينَهمْ منَ المسلِمينَ المستَضْعَفين.
﴿وَمَا لَهُمۡ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمۡ يَصُدُّونَ عَنِ الۡمَسۡجِدِ الۡحَرَامِ وَمَا كَانُوٓاْ أَوۡلِيَآءَهُۥٓۚ إِنۡ أَوۡلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا الۡمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الأنفال :34]
ولمّا خَرجَ مِنْ بينِهمُ الرسُولُ صلى الله عليه وسلم وهاجرَ المسلِمونَ مِنْ مكَّةَ، قالَ تعالَى ما مَعناه: وما يَمنعُهمْ مِنْ أنْ يُعَذَّبوا وهمْ يَمنَعونَ المؤمِنينَ منَ الطَّوافِ بالبَيت، وما كانوا مُستَحِقِّينَ ولايةَ المسجدِ الحرامِ معَ شِرْكِهم، إنَّما أولياءُ بَيتِ اللهِ المؤمِنونَ الذينَ يَتَّقون الشِّرك، فلا يَعبدونَ فيهِ غيرَ الله، ولكنَّ أكثرَهُمْ لا يعلمُ أنْ لا ولايةَ لهمْ عَليه.
وقدْ أوقعَ اللهُ بهمْ بأسَهُ يومَ بَدرٍ وغيرِه.
﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ الۡبَيۡتِ إِلَّا مُكَآءٗ وَتَصۡدِيَةٗۚ فَذُوقُواْ الۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ﴾ [الأنفال :35]
وما كانَ صلاتُهمْ عندَ المسجدِ الحرامِ إلا صَفيراً، وتَصفيقاً، وهوَ ما لا خيرَ فيه، ولا فائدةَ منه، ولا هوَ ممّا أمرَ اللهُ به، فذوقوا العَذابَ الذي سلَّطَهُ اللهُ عليكمْ يومَ بَدر، مِنْ قَتْلٍ وأسْرٍ وخَسارةِ مال، وذلكَ بسَببِ إصرارِكمْ على الكُفر، وعدمِ مبالاتِكمْ بآياتِ اللهِ ودَعوةِ نبيِّه.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ﴾ [الأنفال :36]
إنَّ الكافِرينَ الذينَ يُنفِقونَ أموالَهمْ ليَمنَعوا بها اتِّباعَ دينِ الله، فسيَفعلونَ ذلكَ ويَكونُ ما أنفَقوا نَدامةً وتأسُّفاً لهم، لأنَّهمْ لم يَجْنُوا مِنْ ورائهِ سِوَى الخِزي والهَزيمة، والذينَ بَقُوا مُصِرِّينَ على الكُفرِ منهم، سوفَ يُجْمَعونَ ويُساقُونَ إلى جهنَّم، لتُسْعَرَ بهمْ نارُها، ويَمكثوا فيها خائبينَ مَقهورِين.
﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الۡخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ الۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ الۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأنفال :37]
ليُمَيِّزَ اللهُ بالجِهادِ والإنفاقِ الكافِرينَ منَ المؤمِنين، والمُفسِدينَ منَ المُصلِحين، ويَضمَّ الخبيثَ الفاسِدَ بعضَهُ إلى بَعض، ثمَّ يجعلَهُ مُتراكِباً مُتراكِماً، فيُلقيهِ في جَهنَّم. فهؤلاءِ الذينَ خَسِرَتْ تِجارتُهمْ في الدُّنيا والآخِرَة، حيثُ اشترَوا بأموالِهمْ عذابَ الآخِرَة، فخَسِروا أموالَهمْ وأنفسَهم.
﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن يَعُودُواْ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ الۡأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال :38]
قُلْ أيُّها النبيُّ الكريمُ لهؤلاءِ الكفَّار، إنْ يَنْتَهوا عمَّا همْ فيهِ مِنْ كُفرٍ وعِنادٍ وتَكذيب، ويَدخُلوا في الإسْلام، فإنَّ اللهَ يَغِفرُ لهمْ ما مَضَى مِنْ كُفرِهمْ وخَطاياهم، ومنها إنفاقُهمْ في الحَربِ ضدَّ المسلِمين، وإذا عادُوا إلى مُعاداتِكَ وقتالِك، فقدْ سَبقَتْ سنَّتُنا فيمنْ كذَّبَ واستمرَّ في العِنادِ أنْ نُعاقِبَهم.
﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ انتَهَوۡاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ﴾ [الأنفال :39]
وقاتِلوا المشرِكينَ أيُّها المسلِمونَ حتَّى لا يوجدَ منهمْ شِرك، وحتَّى لا يُفتَنَ مُسْلِمٌ عنْ دينِه، ويَكونَ دينُ اللهِ هوَ السَّائدَ والمُهيمِن، ويُخْلَصَ التوحيدُ لله، ويُخْلَعَ ما دونَهُ مِنَ الأنداد. فإنِ انتَهوا عنِ الكُفر، وكَفُّوا عنْ قتالِكم، فإنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ على إسْلامِهمْ وإنابَتِهمْ إلى الحقّ، وسيَعفو عنهمْ ويُجازِيهمْ خَيراً.
﴿وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَاعۡلَمُوٓاْ أَنَّ اللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ الۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ النَّصِيرُ﴾ [الأنفال :40]
وإذا أبَوا إلاّ الكُفر، وأصَرُّوا وعانَدوا على ما هُمْ عليهِ مِنْ باطِلٍ وشِرك، فاعلَموا أيُّها المسلِمونَ أنَّ اللهَ ناصِرُكمْ ومُتوَلِّي أمورِكم ومُعينُكم عَليهم، فثِقوا بهِ ولا تُبالوا بمعاداتِهمْ لكم، وهو نِعْمَ المولَى الذي لا يُضيِّعُ مَنْ تَولاّه، ونِعْمَ الناصِرُ الذي يَنصُرُ مَنْ تَولاّه، ويَدفعُ عنهُ شرَّ الأعداء.