تفسير سورة الشمس

  1. سور القرآن الكريم
  2. الشمس
91

﴿وَالشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا﴾ [الشمس:1]


أُقسِمُ بالشَّمسِ وضَوئها. وأصفَى ما يَكونُ ضَوؤها في وَقتِ الضُّحَى.

وقسَمُ اللهِ بمَخلوقاتِهِ لتَوجيهِ النظَرِ إليها وتَدبُّرِها. ولا غِنَى للإنسَانِ عنِ الشَّمس: ضَوئها وحَرارَتِها.

﴿وَالۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا﴾ [الشمس:2]


والقمَرِ إذا تَبِعَ الشَّمسَ. فيَكونُ طُلوعُهُ بعدَ غُروبِها، ويَخلُفُها في الإضاءَة.

﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا﴾ [الشمس:3]


والنَّهارِ إذا أظهرَ الأرْضَ وكشفَها بضِيائه.

﴿وَالَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا﴾ [الشمس:4]


واللَّيلِ إذا غطَّى الأرْض، فانتَشرَ بهِ الظَّلام.

﴿وَالسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا﴾ [الشمس:5]


والسَّماءِ وبِنائها المُتماسِكِ الذي لا ترَى فيهِ خلَلاً، وما فيها مِنَ النُّجومِ والأفْلاكِ السَّابِحَةِ في مَداراتِها.

﴿وَالۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا﴾ [الشمس:6]


والأرْضِ وما بسطَها، وجعلَها مُمَهَّدَةً للحيَاة.

﴿وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا﴾ [الشمس:7]


ونَفسٍ وما أنشَأها وأبدعَها، وسوَّى أعضاءَها، وجعلَها على الفِطرَة.

﴿فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا﴾ [الشمس:8]


فأرشدَها وبيَّنَ لها الخَيرَ والشرّ، وعرَّفَها الحقَّ والباطِل، وما يُصلِحُها وما يَشينُها.

في حَدِيثِ ابنِ عباس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا تَلا هذهِ الآيَة: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} وقفَ ثمَّ قال: "اللهمَّ آتِ نَفسي تَقوَاها، أنتَ وليُّها وخَيرُ مَنْ زَكَّاها". رَواهُ الطبَرانيُّ وحسَّنَ إسنادَهُ في مَجمَعِ الزَّوائد.

﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا﴾ [الشمس:9]


قدْ فازَ وسَعِدَ مَنْ أصلحَ نَفسَهُ وطهَّرَها مِنَ الشِّركِ والمعاصِي ومَساوئِ الأخْلاق.

﴿وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا﴾ [الشمس:10]


وقدْ خابَ وخَسِرَ مَنْ أفسَدَ نَفسَهُ وأغوَاها، وأهلكَها بحَملِها على الكُفرِ والمَعصية.

﴿كَذَّبَتۡ ثَمُودُ بِطَغۡوَىٰهَآ﴾ [الشمس:11]


كذَّبَتْ قَبيلَةُ ثَمودَ نبيَّها صَالحاً، بسبَبِ طُغيانِها وعُدوانِها.

﴿إِذِ انۢبَعَثَ أَشۡقَىٰهَا﴾ [الشمس:12]


إذْ قامَ أشقَى القَبيلَةِ لعَقرِ النَّاقَة. وكانَ قَويًّا في جسمِه، لهُ عِصابَةٌ تَمنَعُه.

﴿فَقَالَ لَهُمۡ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقۡيَٰهَا﴾ [الشمس:13]


فقالَ لهمْ رَسُولُ اللهِ صالحٌ: احذَروا عَقرَ النَّاقَة، لا تَمَسُّوها بسُوء، ولا تَعرِضُوا للماءِ يَومَ شُربِها.

﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَيۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا﴾ [الشمس:14]


فكذَّبوا نبيَّهمْ فيما جاءَ به، فعقَروا النَّاقَة، فغَضِبَ اللهُ عَليهم، بسبَبِ تَكذيبِهمْ رسُولَهم، ومُخالفَتِهمْ أمرَ ربِّهم، فأطبقَ عَليهمُ العَذابَ وأهلكَهمْ جَميعًا، فقدْ كانوا راضِينَ بما فعَلَ شَقيُّهم، ولم يَعتَرِضوا عَليهم.

﴿وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا﴾ [الشمس:15]


ولا يَخافُ اللهُ تَبِعَةَ ما عاقبَهمْ به، فاللهُ قَويٌّ قادِر، يُعاقِبُ كما يَشاء، وهمُ الضُّعَفاءُ الأذِلَّة، الذينَ لا يَستَطيعونَ دَفعَ العَذابِ عنهم، ولا الهُروبَ منه.