تفسير سورة العلق

  1. سور القرآن الكريم
  2. العلق
96

﴿اقۡرَأۡ بِاسۡمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق:1]


اقرَأ ما يُوحَى إليكَ أيُّها النبيُّ مِنَ القُرآن، مُبتَدِئًا باسمِ الله، الذي خلقَ كُلَّ شَيء.

﴿خَلَقَ الۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ﴾ [العلق:2]


خَلقَ الإنسانَ مِنْ عَلَقَة. وهيَ قِطعَةٌ مِنْ دَمٍ غَليظٍ مُتجَمِّد، تتَعلَّقُ بجِدارِ الرَّحِم، بعدَ استِقرارِ النُّطفَةِ فيهِ أربَعينَ يَومًا.

﴿اقۡرَأۡ وَرَبُّكَ الۡأَكۡرَمُ﴾ [العلق:3]


اقرَأْ ما أُمِرْتَ بهِ أيُّها النبيّ، ورَبُّكَ كثيرُ الكرَمِ والإحسَانِ إلى العِباد، ومِنْ كرَمِهِ أنْ علَّمَهمْ أنواعَ العُلوم.

﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالۡقَلَمِ﴾ [العلق:4]


الذي علَّمَ الخطَّ والكتابَةَ بواسِطَةِ القلَم، الذي هوَ أوسَعُ وأعمَقُ أدَواتِ التَّعليمِ أثرًا في حيَاةِ الإنسَان، فبهِ تُحفَظُ العُلوم، وتُضبَطُ الحقُوق، وتُقَيَّدُ الأحكَام...

﴿عَلَّمَ الۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾ [العلق:5]


جعلَ للإنسانِ عَقلاً، وذاكرَة، وقُدرَةً على التعَلُّم، وعلَّمَهُ ما لم يَعلَمْ مِنَ الأُمُور، ممَّا لا يَبلغُهُ عِلمُهُ وعَقلُهُ مَهما اجتهَد، وهوَ الذي علَّمَ آدمَ الأسماءَ كُلَّها أوَّلاً، ثمَّ تَناقلَتْها ذُرِّيَّتُهُ خلفًا بعدَ سلَف...

﴿كَلَّآ إِنَّ الۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ﴾ [العلق:6]


كلاّ لمَنْ كفرَ بنِعمَةِ الله. إنَّ الإنسَانَ ليَتجاوَزُ حدَّه، ويَستَكبِرُ فيَكفرُ بربِّه، ويَستَغرِقُ في حُبِّ الدُّنيَا،

﴿أَن رَّءَاهُ اسۡتَغۡنَىٰٓ﴾ [العلق:7]


إذا رَأى نَفسَهُ غَنيًّا، فكثُرَ مالُه، وزادَتْ آثارُ النِّعمَةِ عليه، ونَسيَ المُنعِمَ عليه.

﴿إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجۡعَىٰٓ﴾ [العلق:8]


إنَّ إلى رَبِّكَ المَرجِعَ والمَصيرَ لا إلى غَيرِه، فيُحاسِبُكَ على مالِكَ وأعمالِك.

﴿أَرَءَيۡتَ الَّذِي يَنۡهَىٰ﴾ [العلق:9]


أرأيتَ هذا المشرِكَ (أبا جَهلٍ) الذي يَمنَع؟

﴿عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ﴾ [العلق:10]


يَمنَعُكَ مِنَ الصَّلاةِ أيُّها الرسُولُ ويَقولُ لك: ألمْ أنْهَكَ عنْ هذا؟ يَقولُ ذلكَ مِرارًا.

﴿أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى الۡهُدَىٰٓ﴾ [العلق:11]


أرأيتَ إنْ كانَ هذا المُصَلِّي قائمًا على صِراطٍ مُستَقيم، مُهتَديًا بالحقِّ المُبِين؟

﴿أَوۡ أَمَرَ بِالتَّقۡوَىٰٓ﴾ [العلق:12]


أو آمِرًا بالتَّوحيد، داعيًا إلى الحقِّ والإحسَانِ والعَدل، مُرَغِّبًا في العمَلِ الصَّالحِ ومَكارِمِ الأخْلاق؟

﴿أَرَءَيۡتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ﴾ [العلق:13]


أرأيتَ إنْ كانَ هذا المشرِكُ الذي يَمنَعُكَ مِنَ الصَّلاةِ مُكذِّبًا بالحقّ، مُعرِضًا عنِ الإيمَان؟

﴿أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ﴾ [العلق:14]


ألمْ يَعلَمْ بأنَّ اللهَ يَسمَعُ ما يَقول، ويرَى ما يَفعَل، وسيَجزيهِ شرًّا على ما أساءَ وعصَى؟

﴿كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِالنَّاصِيَةِ﴾ [العلق:15]


كلاَّ لهُ ولفِعلِه، إذا لم يَنتَهِ عنْ إيذائكَ وتَكذيبِك، ولم يَرجِعْ عنِ العِنادِ والشِّقاقِ الذي هوَ فيه، لنَأخُذَنَّ بناصيَتِهِ ونَسحَبُهُ بها إلى النَّارِ يَومَ القِيامَة(162).

(162) الناصية: مقدَّمُ شعرِ الرأس. (ابن عطية). وكانت العربُ تأنفُ من جرِّ الناصية. وفي "عين المعاني": الأخذُ بالناصيةِ عبارةٌ عن القهرِ والهوان. (روح البيان).

﴿نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ﴾ [العلق:16]


صاحِبُ هذهِ النَّاصيَةِ كثيرُ الكذِبِ والمعاصِي.

﴿فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ﴾ [العلق:17]


فليَدْعُ أهلَ مَجلسِه، مِنْ أهلِهِ وعَشيرَتِه، وليَستَنصِرْ بهم.

وقدْ قالَ أبو جَهلٍ لرسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّكَ لتَعلَمُ ما بها نادٍ أكثَرُ منِّي.

﴿سَنَدۡعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ [العلق:18]


ونحنُ سنَدعو زَبانيَةَ جهنَّم، مِنَ المَلائكةِ الغِلاظِ الشِّداد، ليَجرُّوهُ إلى النَّارِ ويُعَذِّبوهُ فيها.

﴿كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَاسۡجُدۡۤ وَاقۡتَرِب۩﴾ [العلق:19]


كلاَّ لهذا المشرِكِ المجرِم، لا تُطِعْهُ فيما يَنهاكَ عنِ الصَّلاةِ أيُّها النبيّ، فإنَّ اللهَ حافِظُكَ وناصِرُك، وصَلِّ للهِ واسجُدْ لهُ غَيرَ مُبالٍ بهِ وبتَهديدِه، وتقرَّبْ بذلكَ إلى ربِّك.

وفي صَحيحِ مسلمٍ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: "أقرَبُ ما يَكونُ العَبدُ مِنْ ربِّهِ وهوَ ساجِد، فأكثِروا الدُّعاء".