ومَنْ يَهدِهِ اللهُ إلى الحَقّ، بما عَلِمَ منْ نيَّتِهِم في تقَبُّلِ ذلك، فهوَ المُهتَدي حقًّا. ومَنْ يُضْلِلْهُ الله، بما عَلِمَ منْ نيَّتِهِم في ذلك، وهوَ إعراضُهمْ عنِ الحَقِّ وعدَمُ استِعدادِهمْ لتقَبُّلِه، فهمُ الضَّالُّونَ الذينَ لنْ تَجِدَ لهمْ أنصَارًا مِنْ دونِ اللهِ يَهدونَهمْ إلى الحَقّ، ويَدلُّونَهمْ على طَريقِ النَّجاة، ويَعصِمُونَهمْ منْ عَذابِ الله.
ونَحشُرُهمْ يَومَ القِيامَة - حينَ يُبعَثونَ مِنْ قُبورِهم - زاحِفينَ مُنكَبِّينَ على وُجوهِهم، عُميًا لا يُبصِرون، وبُكمًا لا يَنطِقون، وصُمًّا لا يَسمَعون، كما صَمُّوا وعَمُوا عنِ الحَقِّ في الدُّنيا، ورفَضوا السُّجودَ للهِ خالقِهم. ومَصيرُهمْ نارُ جَهنَّم، كُلَّما سكَنَ لَهيبُها زِدناهُمْ وَقودًا وجَمْرًا ليَستَمِرَّ عَذابُهمْ فيها.
وعِندَما تعَجَّبَ رَجُلٌ مِنْ مَشي الكافِرِ على وجهِهِ وسألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنْ ذلك، أجابَهُ قائلاً: "أليسَ الذي أمشاهُ على الرِّجْلَينِ قادِرًا على أنْ يُمْشِيَهُ على وَجهِهِ يَومَ القيامَة؟". رواهُ البُخاريّ.
قالَ ابنُ حجرٍ في "الفَتح": يؤخَذُ منْ مَجموعِ الأحاديث، أنَّ المُقَرَّبينَ يُحشَرونَ رُكبانًا، ومَنْ دونَهمْ منَ المُسلِمينَ على أقدامِهم، وأمَّا الكُفّارُ فيُحشَرونَ على وجوههِم.