وعدَ اللهُ مَنْ آمنَ منكمْ بصِدقٍ وإخلاص، وأحسَنَ في العمَل، أنْ يَستَخلِفَهمْ في الأرْض، ويَجعلَ الحُكمَ بأيديهم، كما جعَلَ الخِلافَةَ فيمَنْ قبلَهمْ مِنَ المؤمِنين، ولَيُثْبِتَنَّ دِينَ الإسْلامِ الذي اختارَهُ لهمْ ويَجعَلُهُ فوقَ كُلِّ المِلَلِ والنِّحَل، ولَيُبَدِّلَنَّ حالَهمْ مِنْ بعدِ خَوفِهمْ وصَبرِهمْ على أذَى أعدائهمْ أمنًا وعِزًّا، يوَحِّدونَني في عِبادَتِهمْ آمِنين، غَيرَ خائفينَ أحَدًا غَيري، ومَنْ خرَجَ عنْ طاعَتي وارتَدَّ بعدَ بَيانِ الحَقِّ وظُهورِ الدِّين، فقدْ كفرَ وعصَى.
وصَحَّ عنْ أُبيِّ بنِ كَعبٍ رَضيَ اللهُ قَولُه: لمَّا قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ المدينَة، وآوَتْهمُ الأنصار، رَمَتْهمُ العرَبُ عنْ قَوسٍ واحِدَة، فكانوا لا يَبيتونَ إلاّ في السِّلاح، ولا يُصبِحونَ إلاّ فيه، فقالوا: أترَونَ أنَّا نَعيشُ حتَّى نَبيتَ آمنينَ مُطمَئنِّينَ لا نَخافُ إلاّ اللهَ عَزَّ وجَلّ؟ فأنزَلَ اللهُ الآيَة.
وقدْ أنجزَ اللهُ وعدَه، وأظهَرَ دِينَه، ونصرَ أولياءَه، فما ماتَ رَسولُهُ حتَّى دانَتْ لهُ الجَزيرَةُ العرَبيَّة، ومَكَّنَ أصحابَهُ مِنْ فَتحِ البلادِ ونصَرَهم.