ثمَّ قيلَ لها: ادخُلي القَصر، وكانَ مِنْ زُجاج، يَجري مِنْ تَحتِهِ الماء، فلمَّا رأتْهُ كذلك، ظنَّتْهُ ماءً كثيرًا يَجرِي، فكشَفَتْ عنْ ساقَيها لئلاّ يَبتَلَّ ثَوبُها بالماء، فقالَ لها سُلَيمانُ عَليهِ السَّلامُ وقدْ لمحَ استِغرابَها ودَهشتَها: إنَّهُ قَصْرٌ مُمَلَّسٌ مُستَوٍ مِنْ زُجاج، وليسَ ماء.
فعرَفتْ أنَّ مُلكَ سُلَيمانَ أعَزُّ مِنْ مُلكِها، وسُلطانَهُ أعظَمُ مِنْ سُلطانِها. ولمَّا عايَنَتْ هذا الأمرَ العَظيم، وجمعَتْ إليهِ المُعجِزاتِ السَّابِقَة، قالَتْ في تبَتُّلٍ وخُشوع: اللهُمَّ إنِّي ظلَمتُ نَفسِي بعِبادَةِ غَيرِك، وتابَعتُ دِينَ سُلَيمان، وأخلَصْتُ معَهُ العُبوديَّةَ للهِ رَبِّ العالَمين، وحدَهُ لا شَريكَ له.