لا تَجِدُ أحدًا مِنَ المؤمِنينَ باللهِ واليَومِ الآخِرِ - بصِدقٍ وإخلاصٍ - يُوالُونَ ويُصادِقونَ أعداءَ اللهِ ورَسولِه، ولو كانَ هؤلاءِ الأعداءُ آباءَهم، أو أبناءَهم، أو إخوانَهم، أو قَبيلتَهمْ وعَشيرتَهم، أو أيًّا مِنْ أقاربِهم، فالعَقيدَةُ أهَمُّ مِنَ النَّسَب، ومَنْ وَالاهمْ فهوَ معَهمْ يَومَ القيامَة.
والذينَ لا يُوادُّونَهمْ ولو كانوا أقرِباءَهم، فأولئكَ الذينَ أثبتَ اللهُ في قُلوبِهمُ الإيمانَ وزيَّنَهُ لهم، فهمْ مُوقِنونَ مُخلِصون، وقَوَّاهمْ بروحٍ مِنْ عِندِه(144)، ليَحصُلَ لهمُ الطُّمأنينَةُ والثَّباتُ على الإيمَانِ والعمَلِ الصَّالح، ويُدخِلُهمُ اللهُ جَنَّاتٍ عاليَاتٍ واسِعات، تَجري في خِلالِها أنهَارٌ مِنْ مَاءٍ زُلال، ومِنْ لبَن، وعسَل، وخَمرٍ لَذيذٍ لا يُسكِر، مُخلَّدينَ فيها أبدًا، رَضيَ اللهُ عَنهمْ بطاعَتِهمْ له، فأثابَهمُ النَّعيمَ المُقيم، ورَضُوا عَنهُ بما آتاهُمْ مِنَ الجنَّةِ والرِّضوان، أولئكَ عِبادُ اللهِ مِنْ أهلِ كرامَتِه، ألَا إنَّ عِبادَ اللهِ المؤمِنينَ المُطيعين، همُ السُّعَداءُ الفَائزون.