إنَّ اللهَ يَعلَمُ أنَّكَ تَقومُ أقلَّ مِنْ ثُلُثَي اللَّيل، وأحيانًا نِصفَه، وأحيانًا ثُلُثَه، وطائفَةٌ مِنْ أصحَابِكَ معَك، واللهُ يَعلَمُ مَقاديرَ ساعاتِ اللَّيلِ والنَّهار، ولا يَفوتُهُ عِلمُ قيامِكمْ فيه، وعَلِمَ أنَّكمْ لا تَقدِرونَ على المواظبَةِ على ما أمرَكمْ بهِ مِنْ هذا القِيام، فعَفا عنكم، وخفَّفَ ما كانَ عَليكمْ منه، فقُوموا مِنَ اللَّيلِ ما تَيسَّر.
وعَلِمَ أنْ سيَكونُ في النَّاسِ ذَوو أعذارٍ لا يَقدِرونَ على القِيام، مِنْ مَرضَى، وآخَرِينَ يُسافِرونَ للتِّجارَةِ يَطلُبونَ الرِّزق، وآخَرينَ يُجاهِدونَ في سَبيلِ الله، فقُوموا مِنَ اللَّيلِ ما تَيسَّر، ووَاظِبوا على الصَّلاةِ المفرُوضَةِ في أوقاتِها، وبأركانِها وشُروطِها، وأعطُوا المُحتَاجينَ مِنَ الزَّكاةِ المَفروضَةِ على أموالِكم، وأنفِقوا منها في وجُوهِ البرِّ والإحسَان، وما تُنفِقوا في هذهِ الحيَاةِ الدُّنيا مِنَ وجوهِ الخَيرِ والبِرّ، تَجِدوا ثَوابَهُ يَومَ القِيامَةِ أكثرَ وأوفرَ عندَ اللهِ أجرًا، وأكثِروا مِنْ ذِكرِ الله، واطلُبوا مَغفِرَةَ اللهِ لذُنوبِكم، فإنَّهُ يَغفِرُ ذُنوبَ مَنْ تابَ واستَغفَر، ويَرحَمُ عَبدَهُ المؤمِن.
قالتْ عائشَةُ رَضِيَ اللهُ عنها: "إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ افترَضَ قيامَ اللَّيلِ في أوَّلِ هذهِ السُّورة، فقامَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ حَوْلاً، وأمسكَ اللهُ خاتِمَتَها اثنَي عشرَ شَهرًا في السَّماء، حتَّى أنزَلَ اللهُ في آخِرِ هذهِ السُّورَةِ التَّخفِيف، فَصارَ قيامُ اللَّيلِ تَطَوُّعًا بعدَ فَريضة". رواهُ مُسلم.