وهناكَ صِنْفٌ مِنَ الناسِ إذا وَصَلتْهمْ أخبارٌ ممّا يوجِبُ الأمنَ والخَوف، مِن ظَفرٍ وغَنيمة، أو نَكبةٍ وهَزيمة، لم يَتحقَّقوها، بلْ أفشَوها، ولو كانتْ خالِيةً منَ الصحَّة، وقدْ يَزيدونَ فيها أو يَنقُصون، وهمْ لا يأبَهونَ بآثارِها على أصحابِها أو على المجتمعِ الذي تؤثِّرُ فيه الشائعاتُ المُغرِضَة، ولو أنَّهمْ تَحَقَّقوا منَ الخبَر، وجاؤوا يَسألونَ رَسولَ اللهِ أهوَ حَقٌّ أمْ باطِل، وسألوا أجِلَّةَ صحابتهِ عنْ ذلك، لعَلِموا تدبيرَ هذا الأمرِ الذي أخْبَروا به، لفِطنتِهمْ ومعرفتِهمْ وخِبرتِهمْ بالأمور، فيَعرفونَ كيفَ يتصَرَّفون، وما يأتونَ منهُ وما يَذَرون.
ولولا حِفْظُ اللهِ لكمْ ورأفتُهُ بكمْ لسِرتُمْ على نهجِ الشَّيطان، وتأثَّرتُمْ بما يُشِيعُهُ أنصارُهُ منَ الخطأ والضَّلال، ولم تَهتدوا إلى الصَّواب، إلا القليلُ منكم، وهمْ المستَنيرةُ عقولُهمْ بأنوارِ الإيمانِ الراسِخ، المُتعَمِّقونَ في معرفةِ الأحكام، الثَّابِتونَ على الحقّ.
وقدْ نزلتْ فيما أُشِيعَ منْ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قدْ طلَّقَ زوجاتهِ وهوَ لم يَفعل، والذي سألَ الرسُولَ عليه الصلاةُ والسلامُ واستَنبطَ الأمرَ هوَ عمرُ رضي الله عنه، كما في الحديثِ الصَّحيح.