إنَّ الذينَ قَبضتِ الملائكةُ أرواحَهم وهمْ مُقِيمُونَ في دارِ الشِّرك، ولم يَكونوا مُتمَكِّنينَ مِنْ إقامةِ شعائرِ دينِهم، وكانوا قادرِينَ على الهجرةِ ولم يُهاجِروا، قدْ ظَلموا أنفسَهم وارتَكبوا مُحَرَّماً. ولم يَقبَلِ اللهُ الإسلامَ بعدَ هجرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَ بالهِجرة، ثم نُسِخَ بعدَ فتحِ مكة، فقالَ عليه الصلاةُ والسلام: "لا هِجرَةَ بعدَ الفَتح".
فكانَ المشركونَ يُخرِجونَ هؤلاءِ المسلِمينَ المقِيمينَ بينَهمْ إلى الحربِ ليُكثِروا بهمْ سَوادَهم، فيأتي السَّهمُ أحدَهم فيَقتُله، أو يُضْرَبُ عنقهُ فيُقتَل...كما في صحيحِ البخاريّ.
فقالتِ الملائكةُ لهمْ تَعييراً وتَقبيحاً: في أيِّ فريقٍ كنتُم، أفي المسلِمينَ أمْ في المشرِكين؟
فاعتَذروا وقالوا: كنّا عاجزينَ في أرضِ مكَّة!
فقالوا لهمْ مُكَذِّبينَ إيَّاهم: أمَا كانتْ أمامَكمْ أرضُ الإسلامِ فتَخرجوا مِنْ بينِ أهلِ الشِّركِ في مَكَّةَ إلى أهلِ الإسلامِ بالمدينة؟
فهؤلاءِ مَنْـزِلُهمْ جهنَّم، وبئسَ المصير. فقدْ ماتوا عاصِين، مُكثِرينَ مِنْ سوادِ المشرِكين.