يسألُكَ أهلُ الكتابِ ممَّنْ فَرَّقوا بينَ الرُّسُل، أنْ تُنَـزِّلَ عليهمْ كتاباً مِنَ السَّماء، جُملةً واحِدةً وبخَطٍّ سماويّ، كشَأنِ التَّوراة، وقدْ سألوا ذلكَ على سَبيلِ التعنُّتِ والعِناد، والكُفرِ والإلحاد، كما سألَ كفّارُ قُرَيشٍ قبلَهم نظيرَ ذلك: {وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93]، فلا تَهتَمَّ بهمْ وبمطالبِهمُ المُغرِضةِ هذه، فقدْ سَألوا موسَى أكبرَ منْ هذا وأعظَم؛ عِناداً لا استِرشاداً، فقالوا: نُريدُ أنْ نرَى اللهَ جَهاراً أمامَنا! فعاقَبهمُ اللهُ بصَاعقةٍ مِنْ نارٍ أهلَكتْهُم؛ بطُغيانِهم وبَغْيهم، وعنادِهم وتعنُّتِهم. ثمَّ صَاروا يَعبُدونَ العِجل، على الرغمِ ممّا جاءَهمْ نبيُّهمْ موسَى بالمُعجِزاتِ الباهِرَةِ والأدلَّةِ الواضِحة، الدالَّةِ على أُلوهيَّةِ اللهِ سُبحانَهُ ووَحدانيَّتِه. وعَفَونا عنهمْ بعدَ أنْ تابوا.
وقد أعطَينا موسَى حجَّةً بيِّنةً تُظهِرُ صِدْقَ نُبوَّتِه. وهيَ الآياتُ التِّسع.