يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا... - سورة النساء الآية 171

  1. الجزء السادس
  2. سورة النساء
  3. الآية: 171

﴿يَـٰٓأَهۡلَ الۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الۡحَقَّۚ إِنَّمَا الۡمَسِيحُ عِيسَى ابۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ انتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي السَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي الۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلٗا﴾

[النساء:171]

تفسير الآية

يا أهلَ الكتاب، منَ اليهودِ والنَّصارَى، لا تَتطرَّفوا ولا تَتجاوزوا الحقَّ في دينِكم، ولا تَذكروا عنِ اللهِ إلاّ ما هوَ صِدقٌ وحَقٌّ وعَدل، بعيداً عنِ الكذبِ والضَّلالِ والباطِل، فلا صاحبةَ لهُ ولا ولَد، وما المسيحُ عيسى بنُ مريمَ إلا عبدُ اللهِ ورسولهُ، خُلِقَ بكلمةِ اللهِ وأمرهِ "كُنْ" التي أوصلَها إلى مَريم، مِنْ غيرِ واسِطةٍ ولا أب، وهوَ رُوحٌ منَ الأرواحِ التي خلقَها اللهُ وكمَّلها بالصِّفاتِ الفاضِلةِ والأخلاقِ الكامِلة.

و"مِنْ" في قولهِ {وَرُوحٌ مِّنْهُ} للتَّشريفِ والتكريم، كأنْ تَقول: نِعمةٌ مِنَ الله، وليستْ "مِنْ" تَبعيضيَّةً كما ادَّعتِ النَّصارى وقالت: يَعني أنَّهُ بَعْضٌ مِنَ الله، تعالَى اللهُ عنْ ذلكَ عُلوّاً كبيراً، كما أنَّ قولَهُ تعالَى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ} [سورة الجاثية: 13] لا يَعني أنَّ هذهِ الأشياءَ بعضٌ منَ الله...

فآمِنوا وصَدِّقوا باللهِ الواحدِ الأحَد، الذي لا صاحِبةَ لهُ ولا ولَد، وآمِنوا بجَميعِ أنبيائهِ ورُسُلِه، وهمْ عَبيدٌ مثلُكم، ولكنَّ اللهَ يوحِي إليهمْ ويُكلِّفُهمْ بتَبليغِ رسالتِه، ولا تَقولوا إنَّ الآلهةَ ثلاثة، فتَجعلوا عيسى وأمَّهُ شَريكينِ معَ الله، فانتَهوا منْ هذا الإثمِ العَظيمِ والشِّركِ الكبير، فإنَّ مَنْ قالَ ذلكَ أشركَ وكفَر. (وكانتْ هناكَ فِرقةٌ مِنَ النَّصارى يَقولونَ بأُلوهيَّةِ مريمَ أيضاً، يُقالُ لهمُ "المريَميُّون"، ظَهروا في القَرنِ السادسِ الميلادي، القرنِ الذي بُعِثَ فيهِ الرسولُ محمَّدٌ صلى اللهُ عليه وسلَّم).

انتَهُوا عنِ القولِ بالتَّثليث، فهوَ خَيرٌ لكمْ منْ هذا الكذِبِ والافْتراءِ الباطِلِ الذي لا أصلَ لهُ ولا عقلَ يَقبلُه، إنَّما اللهٌ إلهٌ واحِدٌ مُنـزَّهٌ عنِ التعدُّدِ، تعالَى وتَقدَّسَ أنْ يكونَ لهُ ولدٌ مثلُه، فلا شبيهَ لهُ ولا كُفء، بلْ جميعُ ما في السَّماواتِ والأرضِ مُلكهُ وعَبيدهُ وتحتَ تَصرُّفِه، لا يَخرجُ عنْ مُلكهِ شَيءٌ ممّا هوَ فيهما، ولو كانَ لهُ ولدٌ لكانَ مثلَهُ في صِفَةِ المُلكيَّة، وهوَ الوكيلُ الحافِظُ المستَقِلُّ بحفظِ جَميعِ ما في الكون، ولا يَحتاجُ إلى مَنْ يُعينُه، فلا يُتَصَوَّرُ له ولد، بلِ القائلُ بذلكَ في ضَلالٍ وكذبٍ وجَهل.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا

يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا