﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنۡيَا بِزِينَةٍ الۡكَوَاكِبِ﴾ [الصافات :6]
إنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ القَريبَةَ مِنَ الأرْضِ بالكَواكبِ المُنيرَة، في أضوائها وتلَألُؤها وحُسنِ مَنظَرِها.
﴿وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ﴾ [الصافات :7]
وحَفِظنا بها السَّماءَ مِنْ كُلِّ شَيطانٍ مُتمَرِّدٍ عاتٍ.
﴿لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الۡمَلَإِ الۡأَعۡلَىٰ وَيُقۡذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٖ﴾ [الصافات :8]
لئلاّ يَصعَدوا في السَّماءِ ويَستَمِعوا إلى المَلائكَةِ بما يُوحي اللهُ إليهم، أو بما يَتكَلَّمونَ في أمرِ العِباد، فيُرمَونَ بالشُّهبِ مِنْ كُلِّ أنحاءِ السَّماء.
﴿دُحُورٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ وَاصِبٌ﴾ [الصافات :9]
ليُطرَدوا ويُبعَدوا مِنْ مَجالسِ الملائكَة، ولهمْ في الآخِرَةِ عَذابٌ دَائم.
﴿إِلَّا مَنۡ خَطِفَ الۡخَطۡفَةَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ ثَاقِبٞ﴾ [الصافات :10]
إلاّ مَنِ اختلَسَ مِنْ كلامِ المَلائكَةِ مُسارَقَة، فلَحِقَهُ شِهابٌ قَويٌّ مُتوَقِّد، يُحرِقُهُ أو يُخَبِّلُه، وقدْ يُلقي الكَلِمَةَ التي سَمِعَها إلى الذي تَحتَه، ثمَّ إلى الآخَرِ حتَّى يَصِلَ إلى الكاهِن، ورُبَّما أدركَهُ الشِّهابُ قَبلَ أنْ يُلقيَها.
﴿فَاسۡتَفۡتِهِمۡ أَهُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَم مَّنۡ خَلَقۡنَآۚ إِنَّا خَلَقۡنَٰهُم مِّن طِينٖ لَّازِبِۭ﴾ [الصافات :11]
فاسألِ المشرِكينَ أيُّها الرسُول: أهمْ أقوَى خِلقَةً وأصعَبُ إيجادًا، أمْ مَنْ خَلَقنا، مِنَ المَلائكة، والسَّماوات، والأرْض، وما بينَهما، والمشارِقِ والكواكب، والشَّياطين؟ فكيفَ يَستَبعِدونَ إيجادَ شَيءٍ مِنْ قِبَلِ الله، كبَعثِهمْ بعدَ المَوت؟ ولقدْ خلَقنا أصلَ الإنسِانِ مِنْ طِينٍ لَزِقٍ ثابِت، وهوَ سُبحانَهُ قادِرٌ على خَلقِهمْ ولو تحوَّلوا إلى عِظامٍ وتُراب.
﴿بَلۡ عَجِبۡتَ وَيَسۡخَرُونَ﴾ [الصافات :12]
بلْ عَجِبْتَ أيُّها النبيُّ مِنْ تَكذيبِهمْ إيَّاك، وإنكارِهمْ البَعث، وأنتَ مُصَدِّقٌ، عَميقُ الإيمانِ بذلك، وهمْ يَسخَرونَ ممَّا تَقولُ لهم، ويَستَهزِئونَ بالأدلَّةِ التي تَذكرُها لهم.
﴿وَإِذَا ذُكِّرُواْ لَا يَذۡكُرُونَ﴾ [الصافات :13]
وإذا وُعِظوا وذُكِّروا لا يتَّعِظون، ولا يأبَهونَ بما تَقول.
﴿وَإِذَا رَأَوۡاْ ءَايَةٗ يَسۡتَسۡخِرُونَ﴾ [الصافات :14]
وإذا رَأوا مُعجِزَةً وبُرهانًا على صِدقِ ما تَقول، سَخِروا واستَهزَؤوا.
﴿وَقَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٌ﴾ [الصافات :15]
وقالوا في كُفرٍ وعِناد: ما هذهِ المُعجِزاتُ والآياتُ إلاّ سِحرٌ بَيِّنٌ ساعدَكَ فيهِ الجِنّ!
﴿أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ﴾ [الصافات :16]
وقالوا مُنكِرينَ ومُكذِّبين: أإذا تَحوَّلتْ أجسادُنا إلى تُراب، وكُنَّا عِظامًا يابِسَةً باليَة، أنُبعَثُ بعدَ هذا كُلِّه؟
﴿أَوَءَابَآؤُنَا الۡأَوَّلُونَ﴾ [الصافات :17]
وآباؤنا الأوَّلونَ كذلك، الذينَ لا أثرَ لهم، أيُبعَثونَ أيضًا؟
﴿قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ﴾ [الصافات :18]
قُلْ لهم: نعَم، ستُبعَثونَ يَومَ القِيامَةِ أنتُمْ وآباؤكم، وأنتُمْ صاغِرونَ أذِلَّةٌ في قَبضَةِ القُدرَةِ الإلهيَّة.
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ﴾ [الصافات :19]
فإنَّما هيَ نَفخَةٌ وَاحِدَةٌ في الصُّوْر، فإذا همْ قيامٌ مِنْ قُبورِهم، يَنظُرونَ إلى الأهوَالِ التي تُحيطُ بهم.
﴿وَقَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا هَٰذَا يَوۡمُ الدِّينِ﴾ [الصافات :20]
وقالوا وهمْ نادِمونَ مُتحَسِّرون: يا هَلاكَنا، هذا يَومُ الحِسابِ والجَزاء.
﴿هَٰذَا يَوۡمُ الۡفَصۡلِ الَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ﴾ [الصافات :21]
ويُقالُ لهم: هذا يَومُ القَضاء، ويَومُ الفَصلِ بينَ المُحسِنِ والمُسيء، الذي كنتُمْ تُنكِرونَه.
﴿۞احۡشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ﴾ [الصافات :22]
ويَقولُ اللهُ للمَلائكة: اجمَعوا الكافِرينَ وأمثالَهم، ممَّنْ كانَ على شاكِلَتِهم، وما كانوا يَعبُدونَه،
﴿مِن دُونِ اللَّهِ فَاهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ الۡجَحِيمِ﴾ [الصافات :23]
ما كانوا يَعبُدونَهُ في الدُّنيا مِنْ دونِ الله، ليَزدادوا خَيبَةً ونَدامَة، ثمَّ قدِّموهمْ ودُلُّوهمْ إلى طَريقِ النَّار، ليَعرِفوا مَصيرَهم.
﴿وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ﴾ [الصافات :24]
واحبِسوهمْ في المَوقِف، أو عندَ الصِّراط، ليُسألوا عنْ عَقائدِهمْ وجَميعِ أقوالِهمْ وأفعالِهم.
﴿مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ﴾ [الصافات :25]
ثمَّ يُقالُ لهمْ على سَبيل التَّقريعِ والتَّوبيخ: ما لكمْ أيُّها الكافِرونَ لا يَنصرُ بَعضُكمْ بَعضًا كما كنتُمْ في الحيَاةِ الدُّنيا؟ أو أنتُمْ وآلِهتُكمُ التي زعَمتُمْ أنَّها ستَشفَعُ لكمْ وتُناصِرُكم؟
﴿بَلۡ هُمُ الۡيَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ﴾ [الصافات :26]
بلْ همُ اليَومَ مُنقادُونَ لأمرِ الله، خاضِعونَ له، مَخذُولون.
﴿وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ﴾ [الصافات :27]
ثمَّ أقبَلَ الرُّؤساءُ والأتْباعُ الضَّالُّونَ بَعضُهمْ على بَعض، يتَخاصَمونَ ويتَجادَلونَ في عرَصاتِ القِيامَة.
﴿قَالُوٓاْ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ الۡيَمِينِ﴾ [الصافات :28]
فقالَ الأتباعُ للَّذينَ أضَلُّوهم: إنَّكمْ كنتُمْ تُزَيِّنونَ لنا الشرَّ والباطِلَ في صُورَةِ الخَير، وتُلَبِّسونَ عَلينا الحقَّ وتُبعِدونَنا عَنه.
﴿قَالُواْ بَل لَّمۡ تَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾ [الصافات :29]
فقالوا لهم: بلْ لم تَكونُوا على الحقِّ أيُّها الأتْباعُ حتَّى نُضِلَّكم، وكانتْ قلوبُكمْ قابلةً للكُفرِ والعِصَيان، فأنتُمُ الذينَ أضلَلتُمْ أنفُسَكم.
﴿وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا طَٰغِينَ﴾ [الصافات :30]
وما كانَ لنا عَليكمْ قَهْرٌ وسُلطانٌ حتَّى نُجبِرَكمْ على أفكارِنا، بلْ كنتُمْ قَومًا عاصِين، مُتَجاوزينَ الحقَّ إلى الباطِل.
﴿فَحَقَّ عَلَيۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَآۖ إِنَّا لَذَآئِقُونَ﴾ [الصافات :31]
فثبَتَ عَلينا أمرُ اللهِ ووَعيدُه، وعدَلَ فينا قَضاؤه، إنَّا لذائقو العَذابِ لا مَحالَة.
﴿فَأَغۡوَيۡنَٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَٰوِينَ﴾ [الصافات :32]
فقدْ دعَوناكُمْ إلى الضَّلالِ الذي نحنُ فيه، فاستَجبتُمْ له، وأصبَحتُمْ ضالِّينَ مثلَنا.
﴿فَإِنَّهُمۡ يَوۡمَئِذٖ فِي الۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ﴾ [الصافات :33]
فهمْ جَميعًا مُشتَرِكونَ في العَذاب، المُضِلُّ والمُضَلّ، الرُّؤساءُ والأتْباع، كما كانوا مُشتَركينَ في الضَّلالِ في الدُّنيا.
﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِالۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الصافات :34]
وبمثلِ هذا العِقابِ نُعاقِبُ الذينَ جعَلوا للهِ شُرَكاء.
﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [الصافات :35]
إنَّهمْ كانوا إذا دُعُوا إلى التَّوحيدِ في الحيَاةِ الدُّنيا، استَكبَروا عنْ قَبولِ الحقّ، وأبَوا أنْ يَقولوا لا إلهَ إلاّ اللهُ كما يَقولُ المؤمِنون.
﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۭ﴾ [الصافات :36]
ويَقولُ المشرِكونَ في جَهل: أنَترُكُ عِبادةَ أصنامِنا لقَولِ شاعِرٍ مَجنون؟ يَعنونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.