تفسير سورة هود

  1. سور القرآن الكريم
  2. هود
11

﴿۞وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ اعۡبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الۡأَرۡضِ وَاسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِيهَا فَاسۡتَغۡفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٞ مُّجِيبٞ﴾ [هود:61]


وأرسَلنا إلى قَبيلَةِ ثمودَ أخاهُمْ في النسَبِ صالِحًا - وكانَ سكَنُهمْ بينَ تَبوكَ والمدينةِ - فقالَ لهم: يا قَومي اعبُدوا اللهَ وحدَهُ ولا تُشرِكوا في عبادَتهِ أحَدًا، فلا إلهَ لكمْ غَيرُه، هوَ الذي ابتدَأ خَلقَكُمْ مِنَ الأرض، فخَلَقَ أباكُمْ آدمَ مِنْ تُراب، ثمَّ تَناسَلتُمْ بأمرِهِ وتَقديرِه، وجَعلَكمْ مِنْ سُكّانِ الأرضِ وعُمّارِها ما عِشتُمْ فيها، فاستَغفِروهُ لِما سلَفَ منكمْ مِنْ ذُنوبٍ وخَطايا، ثمَّ تُوبوا إليه، وأحسِنوا في تَوبتِكم، واثبُتوا على إيمانِكمْ وطاعَتِكمْ لربِّكم، فهوَ قَريبٌ منَ المؤمِنين، يُجيبُ دَعوةَ التائبِ المُخلصِ منهم.

﴿قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ﴾ [هود:62]


قالَ لهُ قَومُه: يا صالِح، قدْ كُنتَ قبلَ دَعوتِكَ هذهِ راجِحَ العَقل، فاضِلاً بينَنا، والآنَ تُخالِفُنا وتَطلُبُ منّا أنْ نَترُكَ عِبادةَ ما كانَ عليهِ أسلافُنا منْ تَقديسِ الأصنامِ والسُّجودِ لها؟ ونحنُ في شَكٍّ كَبيرٍ ممّا تَدعونا إليهِ منَ التَّوحيدِ وتركِ آلِهتِنا.

﴿قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي مِنۡهُ رَحۡمَةٗ فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنۡ عَصَيۡتُهُۥۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيۡرَ تَخۡسِيرٖ﴾ [هود:63]


قالَ لهمْ نبيُّهمْ صَالحٌ عليهِ السَّلام: يا قَومي، أرأيتُمْ إنْ كنتُ على دَليلٍ بيِّنٍ وبُرهانٍ واضِحٍ ممّا أوحَى إليَّ ربِّي وأمرَني بتَبليغِه، فمنْ يَمنعُني مِنْ عَذابِهِ إنْ تَساهَلتُ في تأديَةِ رسَالَتِه، وجَارَيتُكمْ فيما تَشتَهون؟ إنَّكمْ بذلكَ لا تَنفَعوني، بلْ تَجعَلوني خاسِرًا مُعَرَّضاً لسَخَطِ الله.

﴿وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ اللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ﴾ [هود:64]


ويا قَومي هذهِ مُعجِزةٌ تَدُلُّ على صِدقِ نبوَّتي، هذهِ ناقَةُ الله(56)، جاءَتْ منْ عندهِ ولمْ يَملِكْها أحَد، فاترُكوها تأكُلْ في أرضِ اللهِ الواسِعَة، ولا تَمدُّوا أيديَكُمْ إليها بأذًى وشَرّ، كذَبحٍ أو ضَرب، حتَّى لا يُصيبَكمُ اللهُ بعَذابٍ عاجِل.

(56) إضافةُ الناقةِ إلى اسمِ الجلالةِ لأنها خُلِقتْ بقدرةِ الله الخارقةِ للعادة. (التحرير والتنوير). الإضافةُ للتشريف، والتنبيهِ على أنها مفارقةٌ لسائرِ ما يجانسها، من حيثُ الخِلقة، ومن حيثُ الخَلق؛ لأن الله تعالى خلقها من الصخرةِ دفعةً واحدةً من غيرِ ولادة. وكانت عظيمةَ الجثةِ جدًّا. (روح البيان).

﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمۡ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٖۖ ذَٰلِكَ وَعۡدٌ غَيۡرُ مَكۡذُوبٖ﴾ [هود:65]


فعصَوا رسُولَهمْ ونَحَروا الناقة، مُتَحَدِّينَ العَذابَ الذي وعَدَهمْ به. فقالَ لهم: ابقُوا في دِيارِكمْ ثلاثَةَ أيّامٍ تاليَة، هيَ بقيَّةُ عُمُرِكمْ في هذهِ الحَياة، ثمَّ تَهلِكون، وهذا وَعدٌ صادِقٌ لا خُلْفَ فيه.

﴿فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا صَٰلِحٗا وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡيِ يَوۡمِئِذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الۡقَوِيُّ الۡعَزِيزُ﴾ [هود:66]


فلمّا جاءَ مَوعِدُ العَذاب، نَجَّيْنا النبيَّ صالِحاً والذينَ آمَنوا معَهُ مِنْ خِزي ذلكَ اليَوم، برَحمَةٍ منّا، فقدِ استَجابوا لنِداءِ اللهِ وأطاعُوا رَسولَه، ووفَّقَهمُ اللهُ للطَّاعةِ والعمَلِ الصَّالِح، وإنَّ اللهَ لقَويٌّ قادِر، غالِبٌ على كلِّ شَيء، ولا يَفلِتُ منْ عِقابهِ مُجرِمٌ مُستَكبِر.

﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيۡحَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دِيَٰرِهِمۡ جَٰثِمِينَ﴾ [هود:67]


فأهلَكَ اللهُ الكافِرينَ بصَيحَةٍ شَديدَةٍ مُدَوِّيةٍ مِنْ فَوقِهمْ وقَعَتْ عليهمْ كالصَّاعِقة، فأصبَحوا في مَساكنِهمْ مَوتَى هامِدين، لا حِراكَ بهمْ ولا حِسَّ فيهم.

﴿كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَآ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفَرُواْ رَبَّهُمۡۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّثَمُودَ﴾ [هود:68]


وكأنَّهمْ لم يُقيمُوا في تلكَ الدِّيار، ولم يَتمتَّعوا فيها بالمالِ والأولاد. ألَا إنَّ قَبيلةَ ثَمودَ كفَروا بربِّهم، وأبَوا أنْ يُطاوِعوا الحقّ، ألَا بُعْدًا وهَلاكًا لثمودَ الكافِرين.

﴿وَلَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِالۡبُشۡرَىٰ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ﴾ [هود:69]


ولقدْ جاءَتْ ملائكتُنا إبراهيمَ تُبشِّرُهُ بإسْحاق، أو بإهلاكِ قَومِ لوط، وهوَ لا يَعرِفُهم، قالوا لهُ مُحَيِّين: سلامًا عَليك، فأجابَهم: سلامٌ عَليكم. وذهبَ سَريعًا ليأتيَهمْ بالطَّعام، ولم يُبطِئ، فجاءَهُمْ بعِجْلٍ مَشْوِيّ.

﴿فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ﴾ [هود:70]


فلمّا رآهُمْ لا يَمُدُّونَ أيديَهمْ إلى الطَّعامِ - فالملائكةُ لا يأكلونَ - أنكرَ هذا المَوقِفَ منهم، وقدْ قصدَ إكرامَ ضُيوفِه، واستَشعرَ خَوفًا مِنْ جهَتِهم، فقالوا لهُ حينَ رأوا أثرَ ذلكَ عليه: لا تَخَف، فإنَّنا ملائكة، أُرسِلْنا بالعَذابِ إلى قَومِ لُوط.

﴿وَامۡرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٞ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَٰهَا بِإِسۡحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ﴾ [هود:71]


وامرأةُ إبراهيمَ (سارةُ) كانتْ قائمةً بخِدْمَتِهم، فلمّا سَمِعَتْ ذلكَ منهمْ ضَحِكَتْ واستَبشَرتْ بهلاكِ قَومِ لُوط؛ لكثرةِ فَسادِ همْ وكفرِهمْ وعِنادِهم. أو أنَّها ضَحِكتْ لسرورِها بزوالِ الخَوفِ عنْ زَوجِها إبراهيمَ بعدَ أنْ ذَكروا أنَّهمْ ملائكة. ومنهمْ مَنْ قالَ إنَّ معنَى ضَحِكت: حاضَت، كما يأتي في اللَّغة.

فعقَّبْنا سُرورَها بسُرورٍ أتمَّ منهُ على ألسِنةِ رسُلِنا، فبشَّرناها بوَلَدٍ لها يَكونُ لهُ عَقِبٌ ونَسل، ووَهبنا لإبراهيمَ مِنْ بعدِ إسْحاقَ يَعقوب.

﴿قَالَتۡ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزٞ وَهَٰذَا بَعۡلِي شَيۡخًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عَجِيبٞ﴾ [هود:72]


قالَتْ سَارة: يا عَجَبًا! أألِدُ وأنا عَجوزٌ كبيرة، وهذا زَوجي كذلك شَيخٌ مُسِنّ؟ إنَّ هذا أمرٌ يَدعو إلى العَجَب، فهوَ مُخالِفٌ للعَادة.

﴿قَالُوٓاْ أَتَعۡجَبِينَ مِنۡ أَمۡرِ اللَّهِۖ رَحۡمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ الۡبَيۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٞ مَّجِيدٞ﴾ [هود:73]


قالَ لها الملائكة: أتَعجَبينَ مِنْ قُدرَةِ اللهِ وحِكمَتِه؟ فإنَّ اللهَ قادِرٌ على كُلِّ شَيء، وإذا أرادَ أمرًا قالَ لهُ كُنْ فيَكون. فلا تَعجَبي مِنْ ذلك، رحمَةُ اللهِ المُتَتابِعةُ وخَيراتُهُ المُتكاثِرةُ عليكمْ يا أهلَ بَيتِ النبوَّة، واللهُ مَحمُودٌ في أفعالِه، كريمٌ، كثيرُ الخَيرِ والإحسَان.

﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَٰهِيمَ الرَّوۡعُ وَجَآءَتۡهُ الۡبُشۡرَىٰ يُجَٰدِلُنَا فِي قَوۡمِ لُوطٍ﴾ [هود:74]


فلمّا ذهبَ عنْ إبراهيمَ الخَوفُ والفزَعُ، وبشَّرَهُ الملائكةُ بإسْحاقَ ويَعقوب، وبهلاكِ قَومِ لوط، أخذَ يُجادِلُ رسُلَنا – الملائكةَ - في هؤلاءِ القَومِ الكافِرين، ويَقولُ لهم: إنَّ بينَهمْ مؤمِنين، فكيفَ تُهلِكونَهم؟ وما آمَنَ بهِ سِوَى أهلِه.

﴿إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّـٰهٞ مُّنِيبٞ﴾ [هود:75]


إنَّ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ صَبُورٌ مُتأنٍّ، يَتَحمَّلُ أسبابَ الغضَبِ وأذَى النَّاس، ويَصفَحُ عنهم، كثيرُ التضَرُّعِ والدُّعاء، يَؤوبُ إلى ربِّهِ سَريعًا.

﴿يَـٰٓإِبۡرَٰهِيمُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَآۖ إِنَّهُۥ قَدۡ جَآءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ وَإِنَّهُمۡ ءَاتِيهِمۡ عَذَابٌ غَيۡرُ مَرۡدُودٖ﴾ [هود:76]


يا رَسولَ اللهِ إبراهيم، أَعرِضْ عَنْ هذا المَقال، ودَعْ عنكَ هذا الجِدال، فقدْ حَقَّ عليهمْ حُكمُ اللهِ بالهَلاك، ونازِلٌ بهمْ بأسٌ لا يُرَدّ، وعَذابٌ لا يُصْرَف.

﴿وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ﴾ [هود:77]


ولمّا أتَتْ ملائكتُنا لُوطًا عليهِ السَّلام، على هَيئةِ شَبابٍ حِسانِ الوُجوه، ساءَهُ أمرُهم، وضاقَتْ نفسُهُ بهم، خَشيَةَ أنْ يَراهُمْ قَومُهُ فيُؤذُوهم، وقال: هذا اليومُ يَومٌ شَديد. قالَ ذلكَ خَوفًا مِنْ شَرٍّ يُنتَظَر.

﴿وَجَآءَهُۥ قَوۡمُهُۥ يُهۡرَعُونَ إِلَيۡهِ وَمِن قَبۡلُ كَانُواْ يَعۡمَلُونَ السَّيِّـَٔاتِۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطۡهَرُ لَكُمۡۖ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ فِي ضَيۡفِيٓۖ أَلَيۡسَ مِنكُمۡ رَجُلٞ رَّشِيدٞ﴾ [هود:78]


وجاءَ قَومُ لُوطٍ إليهِ وهوَ في بَيتِهِ معَ أضيافِهِ مُسرِعين؛ مِنْ فَرَحِهمْ بوجودِ شَبابٍ عندَه، وكانوا أصحابَ سَيِّئاتٍ وفَواحِشَ قَبلَ ذلك، فيَأتونَ الرِّجالِ في أدبارِهم، وهوَ ما لم يَسبِقْهُمْ إلى هذهِ الفاحِشةِ الدنيَّةِ أحَد. فقالَ لهمْ لُوطٌ عليهِ السَّلام: يا قَومي، هؤلاءِ بَناتي فتَزَوَّجُوهُنّ، فإنَّهُنَّ أطهَرُ لكمْ وأنظَفُ مِنْ هذا الفِعلِ الفَاحِشِ الذي تَبغونَهُ وتُمارِسونَه.

وذُكِرَ أنَّ تَزويجَ المؤمِناتِ منَ الكفّارِ كانَ جائزاً مِنْ قَبل.

أو أنَّ القَولَ منهُ لم يَكنْ مَجرِيًّا على الحقِيقةِ مِنْ إرادةِ النِّكاح، بلْ كانَ مُبالَغَةً في التواضُعِ لهمْ ليَستَحيوا منهمْ ويَرِقُّوا لهُ إذا سَمِعوا ذلكَ فيَترُكوا ضُيوفَه.

كما ذهبَ بعضُهمْ إلى أنَّ المقصودَ ببَناتِ النبيِّ نِساءُ قَومِه، فإنَّ النبيَّ للأمَّةِ بمَنزِلةِ الوالِد... فأرشَدَهمْ إلى ما هوَ أنفَعُ لهمْ في الدُّنيا والآخِرَة.

قالَ لهم: فاتَّقوا اللهَ بتَركِ الفَواحِش، ولا تَفضَحوني في شَأنِ ضُيوفي ولا تُخجِلوني أمامَهم، أليسَ بينَكمْ رَجُلٌ فيهِ خَير، ويَهتدي إلى الحقِّ والصَّواب؟

﴿قَالُواْ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنۡ حَقّٖ وَإِنَّكَ لَتَعۡلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ [هود:79]


قالوا لهُ مُعرِضينَ عنْ نَصيحَتِه، مُصرِّينَ على فِعلِ الفاحِشة: أنتَ تَعلَمُ أنْ لا شَأنَ لنا في بَناتِك، وأنتَ تَعلَمُ سببَ مَجيئنا إليك، وإنَّ غرَضَنا أنْ نأتي هؤلاءِ الذُّكور.

﴿قَالَ لَوۡ أَنَّ لِي بِكُمۡ قُوَّةً أَوۡ ءَاوِيٓ إِلَىٰ رُكۡنٖ شَدِيدٖ﴾ [هود:80]


قالَ لوطٌ عليهِ السَّلامُ وقدْ بلغَ بهِ الحُزنُ والغضَبُ مأخَذًا، ويَئِسَ منِ استِجابتِهمْ وإصْلاحِهم: لو كانتْ لي قوَّةٌ ومَنَعةٌ على دَفعِكمْ لنَكَلْتُ بكم، أو كانتْ لي عَشيرةٌ قويَّةٌ لأوَيتُ إليها وتتَرَّستُ بها وانتَصَرتُ بها عليكمْ دِفاعًا عنْ ضُيوفي. ولم تَكنْ لهُ عَشيرةٌ بينَ قَومِه، عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام.