تفسير سورة يوسف

  1. سور القرآن الكريم
  2. يوسف
12

﴿الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ الۡكِتَٰبِ الۡمُبِينِ﴾ [يوسف:1]


الحُروفُ المُقَطَّعَةُ لم يَرِدْ في مَعناها حديثٌ ثابِتٌ صَحيح.

هذهِ آياتُ القُرآنِ البيِّنِ في أحكامِه، الظاهِرِ أمرُه، في مَصدَرِه، وإعجَازه، ومَعناه.

﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ [يوسف:2]


نحنُ أنزَلنا هذا الكِتابَ باللِّسانِ العربيّ؛ لكي تَعلَموا مَعانيه، وتَفهَموا ما فيه، وتُدرِكوا أنَّهُ ليسَ بالإمكانِ الإتيانُ بمثلِه.

قالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: لأنَّ لُغةَ العَربِ أفصَحُ اللُّغاتِ وأبينُها وأوسَعُها، وأكثَرُها تأدِيَةً للمعَاني التي تَقومُ بالنُّفوس، فلِهذا أُنْزِلَ أشرَفُ الكتُبِ بأشرَفِ اللُّغات، على أشرَفِ الرسُل، بسِفَارةِ أشرَفِ الملائكة، وكانَ ذلكَ في أشرَفِ بِقاعِ الأرض، وابتُدِئَ إنزالُهُ في أشرَفِ شُهورِ السَّنة، وهوَ رمَضان، فكَمُلَ مِنْ كُلِّ الوجُوه.

﴿نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ الۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا الۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ الۡغَٰفِلِينَ﴾ [يوسف:3]


نحنُ نُحَدِّثُكَ ونُبَيِّنُ لكَ أخبارَ الأُمَمِ السَّابِقَةِ بما فيها مِنْ عِبَرٍ وحِكَمٍ وفَوائد، في أحسَنِ بَيانٍ وأجمَلِ أسْلوب(59)، بإيحائنا هذا القُرآنَ إليك، وإنْ كنتَ مِنْ قَبلِ هذا الوَحي أحدَ الأُمِّيِّينَ في قَومِك، غافِلاً سَاهِياً عنْ هذهِ القَصَصِ الهادِفة، لا عِلمَ لكَ بها.

(59) اختُلِفَ في وجهِ كونِ ما في هذه السورةِ هو أحسنَ القصص، فقيل: لأن ما في هذه السورةِ من القصصِ يتضمَّنُ من العبرِ والمواعظِ والحكمِ ما لم يكنْ في غيرها. وقيل: لما فيها من حسنِ المحاورة، وما كان من يوسفَ عليه السلام، من الصبرِ على أذاهم، وعفوهِ عنهم. وقيل: لأن فيها ذكرَ الأنبياءِ والصالحين، والملائكةِ والشياطين، والجنِّ والإنس، والأنعامِ والطير، وسيرِ الملوكِ والمماليك، والتجار، والعلماءِ والجهّال، والرجالِ والنساء، وحيلهنَّ ومكرهنّ. وقيل: إن {أَحْسَنَ} هنا بمعنى أعجب. وقيل: إن كلَّ مَن ذُكِرَ فيها كان مآلهُ السعادة. (فتح القدير، باختصار). جُعِلَ هذا القَصَصُ أحسنَ القصصِ لأن بعضَ القصصِ لا يخلو عن حُسنٍ ترتاحُ له النفوس. وقصصُ القرآنِ أحسنُ من قصصِ غيره، من جهةِ حُسنِ نظمه، وإعجازِ أسلوبه، وبما يتضمَّنهُ من العبرِ والحِكم، فكلُّ قصصٍ في القرآنِ هو أحسنُ القصصِ في بابه، وكلُّ قصةٍ في القرآنِ هي أحسنُ من كلِّ ما يقصُّهُ القاصُّ في غيرِ القرآن. وليس المرادُ أحسنَ قصصِ القرآنِ حتى تكونَ قصةُ يوسفَ عليه السّلامُ أحسنَ من بقيّةِ قصصِ القرآن، كما دلَّ عليه قوله: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ}. (التحرير والتنوير).

﴿إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَالشَّمۡسَ وَالۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ﴾ [يوسف:4]


واذْكُرْ أيُّها الرسُولُ قولَ نبيِّ اللهِ يوسُفَ لأبيهِ يَعقوبَ عَليهِما السَّلام: يا أبَتِي، إنِّي رأيتُ في المَنامِ أحَدَ عشَرَ كَوكَبًا، والشَّمسَ والقمَرَ، سَاجِدةً لي.

ويأتي تأويلُ هذهِ الرؤيا في الآية (100) منَ السُّورة.

﴿قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ الشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ﴾ [يوسف:5]


قالَ لهُ أبوهُ يَعقوبُ عليهِ السَّلام: يا بُنيّ، لا تُخْبِرْ إخوَتَك برؤياكَ هذه، فإنَّهمْ إذا سَمِعوها منكَ حَسَدُوك، واحتالُوا حِيَلاً كَبيرةً لإهلاكِك. إنَّ الشَّيطانَ عَدوٌّ ظاهِرٌ للإنسَان، لا يألو جُهدًا في إثارةِ الحسَدِ والفِتنةِ بينَ الإخوَة.

﴿وَكَذَٰلِكَ يَجۡتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِيلِ الۡأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ ءَالِ يَعۡقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰٓ أَبَوَيۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾ [يوسف:6]


قالَ يَعقوبُ لولَدِهِ يوسُف: وكما أراكَ اللهُ هذهِ الرؤيا المُبارَكة، فإنَّهُ تعالَى يَختارُكَ ويَصطَفيكَ لنبوَّتِه، ويُعَلِّمُكَ تَعبيرَ الرُّؤيا، أو ما تَؤولُ إليهِ عَواقِبُ الأمُور، ويُكمِلُ فَضلَهُ عَلَيكَ فيَضُمُّ إلى النبوَّةِ المُلْك، ويُتِمُّ نِعمتَهُ على أبناءِ يَعقوبَ بالتوبَةِ والهِداية، كما أتَمَّ نِعمَتَهُ مِنْ قَبلُ على أبَوَيكَ إبراهيمَ وإسحاقَ فكانا نَبيَّين، عليهمْ جَميعًا صَلواتُ اللهِ وسَلامُه، فهمْ مِنْ بَيْتٍ مُبارَك، ممَّنْ فَضَّلَهمُ اللهُ على العالَمين، إنَّ ربَّكَ عَليمٌ بالنَّاس، فيَعلَمُ مَنْ يَستَحِقُّ النِّعَمَ العَظيمة، حَكيم، يَضَعُ الرِّسَالةَ فيمَنْ يَستَحِقُّها.

﴿۞لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ﴾ [يوسف:7]


لقدْ كانَ في قِصَّةِ يوسُفَ وخبَرِهِ معَ إخوَتِهِ عِبَرٌ وعِظات، وأمَاراتٌ على حَقائقَ كَثيرة، وعَلاماتٌ دالَّةٌ على قُدرَةِ اللهِ وحِكمتِه، لمَنْ يَستَفسِرُ عنها ويَهتَمُّ بها.

﴿إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ﴾ [يوسف:8]


إذْ قالَ بعضُ إخوَةُ يوسُفَ لبَعض: واللهِ إنَّ يوسُفَ وأخاهُ أحَبُّ إلى أبينا منّا - وكانوا منْ أُمٍّ غيرِ أُمِّهما - ونحنُ جَماعَةٌ نَكفِيهِ الأمورَ أكثرَ مِنهما، لا شَكَّ أنَّ أبانا مُخطِئٌ في المَيلِ إليهما دونَنا، إذْ كيفَ يُحِبُّ غُلامَينِ أكثرَ مِنْ جَماعَةٍ قَويَّةٍ تُدافِعُ وتَنفَعُ أكثرَ مِنهما؟

﴿اقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمٗا صَٰلِحِينَ﴾ [يوسف:9]


قالَ بعضُهمْ وقدْ زيَّنَ الشَّيطانُ لهمُ الشرَّ وأغراهُمْ به: اقتُلوا يوسُفَ هذا الذي استأثرَ بحُبِّ والدِكم، أو أبعِدوهُ إلى أرضٍ بَعيدةٍ لتَستَريحوا منهُ وتَصفُوَ لكمْ مَحَبَّةُ أبيكُم، فلا يَلتَفِتَ إلى غَيرِكم، ثمَّ تَتوبوا مِنْ خَطيئتِكمْ هذه، وتَكونوا بعدَ ذلكَ جَماعَةً تائبينَ صَالِحين.

﴿قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ الۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ﴾ [يوسف:10]


قالَ واحِدٌ مِنهم: لا تَقتُلوا يوسُف، فإنَّ القَتلَ إثمٌ عَظيم، ولكنْ ألْقُوهُ في أسفَلِ البئرِ وظُلمتِه، في طَريقِ القَوافِل، يأخُذْهُ بعضُ المارَّةِ منَ المُسافِرينَ ويَذهَبوا بهِ بعيدًا، إذا كنتُمْ عازِمينَ ومُصِرِّينَ على فِعلِكُم.

﴿قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ﴾ [يوسف:11]


وذهَبوا إلى أبيهمْ يَعقوبَ وقالوا له: لماذا لا تَثِقُ بنا ولا تَأمَنُنا على أخِينا يوسُفَ يا أبانا، أتَخافُنا عليهِ ونحنُ نُكِنُّ لهُ الودَّ والإخْلاص، ونُشفِقُ عليهِ ونُريدُ لهُ الخَير.

﴿أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [يوسف:12]


ِبعَثْهُ مَعنا غَدًا إلى البَرِّ ليَسعَى ويَنْشَطَ ويَلهو، ونحنُ نَحفَظُهُ ونَحرسُهُ مِنْ مَكروهٍ يَنالُهُ.

﴿قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ الذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ﴾ [يوسف:13]


قالَ أبوهُمْ يَعقوبُ عليهِ السَّلام: إنِّي لأغتَمُّ إذا بَعُدَ عنِّي، ويَشُقُّ عليَّ مُفارقتُه، وأخشَى أنْ تَغفُلوا عنه، وتَنشَغِلوا بالرَّعي أو اللَّعِب، فيأكُلَهُ الذِّئب.

وكانتْ مَحبَّتُهُ الزائدةُ لهُ وخَوفُهُ عَليهِ لِما يَتوَسَّمُ فيهِ مِنْ شَمائلِ النبوَّة، ولخُلُقِهِ الطيِّب، وخَلْقِهِ الجَميل، عَليهما السَّلام.

﴿قَالُواْ لَئِنۡ أَكَلَهُ الذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّآ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ﴾ [يوسف:14]


قالوا لوالدِهم: إذا عَدا عليهِ الذئبُ فأكلَهُ مِنْ بينِنا ونحنُ جَماعَة، فإنَّنا ضُعَفاءُ عاجِزون، لا خَيرَ فِينا ولا نَفعَ في حَياتِنا.

﴿فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ الۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ﴾ [يوسف:15]


فلمّا ذهَبوا بيوسُفَ مِنْ عندِ أبيه، استقرَّ رأيهُمْ على أنْ يَجعَلوهُ في أسفَلِ البِئر. وأعْلَمْنا يوسُفَ - تَثبيتًا لهُ وتَسليةً - لتَخْلُصَنَّ ممّا أنتَ فيه، ولتُخبِرَنَّ إخوَتَكَ بما فَعَلوا بكَ في يَومٍ منَ الأيّامِ وهُمْ لا يَعرِفونَك.

﴿وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ﴾ [يوسف:16]


وعَادَ إخوَةُ يوسُفَ إلى أبيهِم في وَقتِ العِشاءِ وهُمْ يَتظاهَرونَ بالحُزنِ والأسَفِ والبُكاء.

﴿قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئۡبُۖ وَمَآ أَنتَ بِمُؤۡمِنٖ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَٰدِقِينَ﴾ [يوسف:17]


وقالوا: يا أبانا إنَّنا ذَهَبنا نتَسابَق، وترَكنا يوسُفَ عندَ ثِيابِنا وأمتِعَتِنا، وعُدْنا بعدَ وَقتٍ قَصير، فإذا بهِ أكلَهُ الذِّئب، ونحنُ نَعلَمُ أنَّكَ لنْ تُصَدِّقَ قَولَنا هذا، ولو كنّا صادِقينَ فيه.

﴿وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَاللَّهُ الۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف:18]


وجَعَلوا على قَميصِهِ دَمَاً مَكذوبًا، لحيَوانٍ آخَرَ غَيرِ الذئب، وجاؤوا بهِ إليهِ ليَتأكَّدَ مِنْ قَولِهمْ ويُصَدِّقَهمْ فيه، فقالَ لهمْ غيرَ مُصَدِّقٍ لهم: بلْ زَيَّنَتْ لكمْ أنفُسُكمْ أمرًا مُنكَرًا، وسَهَّلتْ لكمْ فِعلاً بَشِعًا، فسأصبِرُ صَبرًاً حَسَنًا على ما ابتَلاني اللهُ به، حتَّى يُفَرِّجَ عنِّي بعَونِهِ ولُطفِه، كما أستَعينُ بهِ وحدَهُ فيما تَذكرونَهُ مِنْ كَذِبٍ وبُهتان.

﴿وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَاللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ﴾ [يوسف:19]


وجاءَتْ رِفْقَةٌ تَسيرُ قَريبًا منَ الطَّريقِ المؤدِّي إلى ذلكَ البِئر، فبعَثوا إليها مَنْ يَطلبُ لهمُ الماء، فلمّا جاءَها وأرسَلَ دَلْوَهُ فيها، تشَبَّثَ يوسُفُ بالحبْل، فلمّا استَخرجَ الدلْوَ إذا بهِ يرَى غُلامًا عليه، فصاحَ فَرِحًا: يا بُشرَى، لقدْ أصَبتُ غُلامًا. وأخفاهُ طالِبُ الماءِ وأصحابُهُ عنْ بَقيَّةِ رُفَقائهمْ حتَّى لا يرَوْهُ فيَطمَعوا فيه، مُعتَبِرينَ إيّاهُ بِضاعةً للتِّجارة، لبَيعِهِ رَقيقًا. واللهُ عَليمٌ بما يَعمَلُ هؤلاءِ جَميعًا، لم يَخفَ عليهِ شَيءٌ مِنْ أمرِهِم.

﴿وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّـٰهِدِينَ﴾ [يوسف:20]


وباعوا يوسُفَ بثَمَنٍ ناقِص، دَراهِمَ قَليلَةٍ، وكانوا منَ الرَّاغِبينَ عنه، حيثُ أرادوا التخَلُّصَ منهُ والحصُولَ على مالٍ مُقابِلَهُ في أسْرعِ وَقت!