تفسير سورة الصافات

  1. سور القرآن الكريم
  2. الصافات
37

﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الۡمُدۡحَضِينَ﴾ [الصافات:141]


فشارفَتْ على الغرَقِ لثِقْلِها، فعُمِلَتِ القُرعَةُ للتَّخَلُّصِ مِنْ أحَدِهم، فوَقعَتْ عَليه، فكانَ مِنَ المَغلوبِين.

﴿فَالۡتَقَمَهُ الۡحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٞ﴾ [الصافات:142]


فأُلقِيَ إلى البَحر، فابتلَعَهُ حُوتٌ كَبير. وقدْ أتَى بما يُلامُ على فِعلِه، إذْ ترَكَ قَومَهُ بعدَ أنْ توعَّدَهمْ بالعَذاب، فرفعَهُ اللهُ عَنهم. وكانَ تَركُهُ لهمْ قَبلَ أنْ يَأذنَ اللهُ له، وظَنَّ أنَّ رَبَّهُ لنْ يُعاقِبَهُ على ذلك.

﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ الۡمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات:143]


فلو أنَّهُ لم يَكنْ كثيرَ التَّسبيحِ والصَّلاةِ في الرَّخاء، أو لو لم يَقُلْ وهوَ في بَطنِ الحوتِ: {لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [سورة الأنبياء: 87]،

﴿لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ﴾ [الصافات:144]


لبَقيَ في بَطنِهِ إلى يَومِ القيامَة، حيًّا فيه، أو قَبرًا له.

﴿۞فَنَبَذۡنَٰهُ بِالۡعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٞ﴾ [الصافات:145]


فطرَحناهُ مِنْ فَمِ الحُوتِ في مَكانٍ خالٍ لا شجَرَ فيهِ ولا نَبات، وهوَ عارٍ ضَعيفُ البدَن.

﴿وَأَنۢبَتۡنَا عَلَيۡهِ شَجَرَةٗ مِّن يَقۡطِينٖ﴾ [الصافات:146]


وأنبَتْنا عَليهِ شجَرَةَ القَرْع، ذاتِ الأورَاقِ العَريضَة، تُطِلُّ عَليهِ وتُظِلُّه، وهوَ ما يُناسِبُ ضَعْفَ بدَنِه.

﴿وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات:147]


وأرسَلناهُ إلى أُمَّةٍ يَزيدُ عدَدُها على مئةِ ألف.

﴿فَـَٔامَنُواْ فَمَتَّعۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٖ﴾ [الصافات:148]


فآمنَ بهِ قَومُهُ بعدَ مُعايَنَةِ العَذاب، فجَعَلناهُمْ يَتمَتَّعونَ بالحيَاةِ إلى حينِ مَجيءِ آجالِهم.

﴿فَاسۡتَفۡتِهِمۡ أَلِرَبِّكَ الۡبَنَاتُ وَلَهُمُ الۡبَنُونَ﴾ [الصافات:149]


فقُلْ للمشرِكينَ عندَكَ أيُّها الرَّسُول: أتُحِبُّونَ أنْ تَجعَلوا للهِ البَنات، وهوَ ما تَبغُضونَهُ لأنفُسِكم، وتَجعَلوا لكمْ ما تَشتَهونَ مِنَ البَنين؟

﴿أَمۡ خَلَقۡنَا الۡمَلَـٰٓئِكَةَ إِنَٰثٗا وَهُمۡ شَٰهِدُونَ﴾ [الصافات:150]


أمْ أنَّهمْ شَهِدوا خَلقَ المَلائكَةِ ورَأَوهمْ إناثًا فقالوا إنَّهمْ بَناتُ الله؟ تَعالَى اللهُ عمَّا يَقولونَ عُلوًّا عَظيمًا.

﴿أَلَآ إِنَّهُم مِّنۡ إِفۡكِهِمۡ لَيَقُولُونَ﴾ [الصافات:151]


ألَا إنَّهمْ مِنْ كَذِبِهمْ وافتِرائهمْ على اللهِ يَقولون:

﴿وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ﴾ [الصافات:152]


يَقولونَ إنَّ اللهَ ولَدَ ولهُ ذرِّيَّة! وإنَّهمْ كاذِبونَ فيما يَقولون.

﴿أَصۡطَفَى الۡبَنَاتِ عَلَى الۡبَنِينَ﴾ [الصافات:153]


وأيُّ شَيءٍ يَحمِلُ اللهَ على أنْ يَختارَ البَناتِ دونَ البَنينَ، ممَّا تَقولونَ في حَقِّهِ مِنْ إفْكٍ وكَذِب؟

﴿مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ﴾ [الصافات:154]


ما لكمْ أيُّها المشرِكون، ما الذي أصابَ عُقولَكمْ حتَّى تَقولوا ما تَرفضُهُ بَداهَةُ العُقول؟

﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الصافات:155]


أفَلا تَتدَبَّرونَ وتَتَّعِظون، وتَبتَعِدونَ مِنْ أنفُسِكمْ عنْ هذا الباطِلَ الذي أنتُمْ عَليه؟

﴿أَمۡ لَكُمۡ سُلۡطَٰنٞ مُّبِينٞ﴾ [الصافات:156]


أمْ أنَّ لكمْ حُجَّةً ودَليلاً بَيِّنًا على أنَّ للهِ بَنات؟

﴿فَأۡتُواْ بِكِتَٰبِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [الصافات:157]


فَأتُوا بكتابٍ مِنْ عندِ اللهِ فيهِ ذِكرُ المَلائكةِ كما تدَّعون إذا كنتُمْ صَادِقين، فإنَّهُ لا يَعلَمُ خَلقَ المَلائكةِ إلاّ الله.

﴿وَجَعَلُواْ بَيۡنَهُۥ وَبَيۡنَ الۡجِنَّةِ نَسَبٗاۚ وَلَقَدۡ عَلِمَتِ الۡجِنَّةُ إِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ﴾ [الصافات:158]


وجعلَ المشرِكونَ بينَ اللهِ وبينَ الجِنِّ قَرابَةً ونَسَبًا، وأشرَكوهمْ في عِبادَةِ الله، وقدْ عَلِمتِ الشَّياطينُ - الذينَ همْ مِنَ الجِنِّ - أنَّهمْ مُحضَرونَ إلى العَذاب، ولو أنَّهمْ كانوا شُرَكاءَ للهِ لَما عُذِّبُوا.

﴿سُبۡحَٰنَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات:159]


فتقَدَّسَ اللهُ وتَنزَّهَ عمَّا يَصِفُهُ بهِ المشرِكون.

﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الۡمُخۡلَصِينَ﴾ [الصافات:160]


إلاّ عِبادَ اللهِ الذينَ صدَقُوا في إيمانِهم، وأخلَصوا في طاعَتِهم، فإنَّهمْ ناجُونَ مِنْ عَذابِ النَّار.