تفسير سورة الصافات

  1. سور القرآن الكريم
  2. الصافات
37

﴿فَإِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ﴾ [الصافات:161]


فأنتُمْ أيُّها المشرِكونَ وآلِهتُكمُ التي ما تَزالُونَ تَعبدونَها،

﴿مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ﴾ [الصافات:162]


ما أنتُمْ بمُضلِّينَ مِنْ أحَدٍ بإغوائكم،

﴿إِلَّا مَنۡ هُوَ صَالِ الۡجَحِيمِ﴾ [الصافات:163]


إلاّ مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الضَّلالَة، الذينَ يَدخُلونَ النَّارَ لا مَحالَة.

﴿وَمَامِنَّآ إِلَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ﴾ [الصافات:164]


قالَ المَلائكةُ عَليهمُ السَّلام: وليسَ هُناكَ منَّا أحَدٌ إلاّ ولهُ مَقامٌ مَعروفٌ في الطَّاعَةِ والعِبادَة.

﴿وَإِنَّا لَنَحۡنُ الصَّآفُّونَ﴾ [الصافات:165]


ونحنُ الذينَ نَقِفُ صُفوفًا مُستَقيمَةً للعِبادَةِ كما أمرَنا رَبُّنا.

﴿وَإِنَّا لَنَحۡنُ الۡمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات:166]


ونحنُ الذينَ نُقَدِّسُ اللهَ ونُنَزِّهُهُ عمَّا لا يَليقُ بهِ مِنْ عَيبٍ وشِرك.

﴿وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ﴾ [الصافات:167]


وقدْ كانَ الكفَّارُ يَقولونَ قَبلَ مَبعَثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

﴿لَوۡ أَنَّ عِندَنَا ذِكۡرٗا مِّنَ الۡأَوَّلِينَ﴾ [الصافات:168]


لو كانَ عِندَنا كِتابٌ مِنَ الكتُبِ التي أُنزِلَتْ على الأُمَمِ السَّالِفَة،

﴿لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الۡمُخۡلَصِينَ﴾ [الصافات:169]


لأطَعنا اللهَ فيما يأمرُنا، وأخلَصْنا لهُ العِبادَة.

﴿فَكَفَرُواْ بِهِۦۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ﴾ [الصافات:170]


فلمَّا جاءَهمُ الكِتابُ كفَروا به، وكذَّبوا رَسُولَ رَبِّهم، فسَوفَ يَعلَمونَ عاقِبَةَ كُفرِهم، وكيفَ يَنتَقِمُ اللهُ منهم.

﴿وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الصافات:171]


وقدْ سبقَ وَعدُنا لرسُلِنا وأتباعِهمُ المؤمِنين،

﴿إِنَّهُمۡ لَهُمُ الۡمَنصُورُونَ﴾ [الصافات:172]


أنَّ اللهَ سيَكتُبُ لهمُ النَّصرَ والفَوزَ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخِرَة،

﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الۡغَٰلِبُونَ﴾ [الصافات:173]


وأنَّ أتباعَهمُ المؤمِنينَ سيَغلِبونَ أعداءَهمُ الكافِرينَ بالحُجَّةِ والنُّصرَة.

وصُوَرُ النَّصرِ لا تَقتَصِرُ على النَّاحيَةِ العَسكريَّة، فقدْ يأتي النَّصرُ بالدَّعوَةِ والدَّليل، وقدِ انتَصرَ المسلِمونَ في مَواقِعَ بدونِ سِلاح، على أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ القوَّةِ والاستِعداد، فلا يُوقِفُ العدوَّ في حَدِّهِ إلاّ الجِهاد. وقدْ يُغلَبُ المُسلِمونَ بتَقصيرٍ منهم، أو ابتِلاءٍ ومِحنَةٍ مِنَ اللهِ لهم، والمهمُّ ألاّ يَيأسُوا، وأنْ يَعلَموا أنَّهمْ على الدِّينِ الحقّ، وأنَّهمْ إذا لم يرَوا النصرَ وقُتِلوا فقدْ فازُوا بالشَّهادَة.

﴿فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ حِينٖ﴾ [الصافات:174]


فأعرِضْ عَنهمْ واصبِرْ على أَذاهُمْ مُدَّة،

﴿وَأَبۡصِرۡهُمۡ فَسَوۡفَ يُبۡصِرُونَ﴾ [الصافات:175]


وأمهِلهم، وانظُرْ مِنْ بَعدُ ما الذي يَحِلُّ بهمْ مِنَ العَذابِ والنَّكال، فسَوفَ يُبصِرونَ بأنفُسِهمْ ما أنكَروه.

﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسۡتَعۡجِلُونَ﴾ [الصافات:176]


أيَتعَجَّلونَ العَذابَ ظَنًّا منهمْ أنَّهُ لا يَكون، أو لا يَحيقُ بهم؟

﴿فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمۡ فَسَآءَ صَبَاحُ الۡمُنذَرِينَ﴾ [الصافات:177]


فإذا نَزلَ العَذابُ المَوعودُ بفِنائهم، فبِئسَ الصَّباحُ صَباحُ الكافِرينَ المُكذِّبين(126).

(126) أي: بئسَ صباحُ الذين أُنذِروا بالعذاب، والمخصوصُ بالذمِّ محذوف، أي: صباحُهم. وخُصَّ الصباحُ بالذكرِ لأن العذابَ كان يأتيهم فيه. (فتح القدير). والصباحُ مستعارٌ من صباحِ الجيشِ المبيّتِ لوقتِ نزولِ العذاب، ولما كثرتْ منهم الإغارةُ في الصباحِ سمَّوها صباحًا، وإن وقعتْ ليلًا. (روح البيان).

﴿وَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ حِينٖ﴾ [الصافات:178]


فأعرِضْ عَنهم، واصبِرْ عَليهمْ مُدَّة.

﴿وَأَبۡصِرۡ فَسَوۡفَ يُبۡصِرُونَ﴾ [الصافات:179]


وانظُرْ مِنْ بَعدُ ما الذي يُصيبُهم، وكيفَ يَكونونَ في أسوَأ حَال، وسَوفَ يُبصِرونَ بأنفُسِهمْ ما الذي يَحِلُّ بهمْ مِنَ العَذابِ والهَوان.

﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ الۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصافات:180]


تَقدَّسَ اللهُ وتَنزَّهَ عمَّا يَصِفُهُ بهِ المشرِكونَ ممَّا لا يَليقُ بذاتِهِ الكريمَة، وهوَ العَزيزُ بنَفسِه، الغالِبُ القاهِر، رَبُّ القوَّةِ والغلَبَة.