الحُروفٌ المُقَطَّعَةٌ لم يَرِدْ فيها حَديثٌ صَحيح، واللهُ أعلمُ بمُرادِها.
﴿عٓسٓقٓ﴾ [الشورى :2]
حُروفٌ مُقَطَّعَة...
﴿كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ اللَّهُ الۡعَزِيزُ الۡحَكِيمُ﴾ [الشورى :3]
كما أنزلَ اللهُ عَليكَ هذا القُرآنَ بواسِطَةِ جِبريلَ أيُّها الرسُول، كذلكَ أنزلَ الكتُبَ على الأنبِياءِ والرسُلِ مِنْ قَبلِك، وهوَ العَزيزُ في مُلْكِه، لا يَمنَعهُ أحَدٌ مِنَ التصرُّفِ فيهِ كما يُريد، الحَكيمُ فيما يَقولُ ويَفعَل، لا يَبلُغُ حِكمتَهُ أحَد.
﴿لَهُۥ مَا فِي السَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي الۡأَرۡضِۖ وَهُوَ الۡعَلِيُّ الۡعَظِيمُ﴾ [الشورى :4]
لهُ كُلُّ ما في السَّماواتِ والأرْض، وما بينَهما، خَلقًا، ومُلكًا، وتَدبيرًا، فالكُلُّ تحتَ قَهرِهِ وسُلطانِه، وهوَ العَليُّ المُتَعال، الذي لا يَعلو عَليهِ شَيء، الكبيرُ الذي لا شَيءَ أعظَمُ منه.
﴿تَكَادُ السَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَالۡمَلَـٰٓئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِي الۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الۡغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الشورى :5]
تَكادُ السَّماواتُ أنْ يتَشقَّقْنَ مِنْ أعلاهُنَّ خَوفًا وخَشيَةً مِنْ عَظَمَةِ اللهِ وجَلالِه، والمَلائكةُ المُكرَمونَ يُقَدِّسُونَهُ ويَحمَدونَه، ويَطلبُونَ العَفوَ والمَغفِرَةَ لِلمؤمِنين. ألَا إنَّ اللهَ هوَ الذي يَغفِرُ الذُّنوبَ ولو كثُرَت، وهوَ الذي يَعفو عنْ عِبادِهِ المؤمِنينَ ويَرحَمُهم.
﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيۡهِمۡ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ﴾ [الشورى :6]
والذينَ اتَّخَذوا مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ وأندادًا، اللهُ رَقيبٌ على أحوالِهم، شَهيدٌ على أعمالِهم، يُحصِيها لهمْ ويُحاسِبُهمْ عَليها، ولستَ مُوَكَّلاً أنتَ بذلكَ أيُّها الرسُول، إنَّما وظيفَتُكَ التَّبليغُ والإنذَار.
﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ الۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ الۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي الۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى :7]
ومِثلَما أوحَينا إلى الرسُلِ مِنْ قَبلِك، أوحَينا إليكَ أيُّها الرسُولُ هذا القُرآنَ بلسانٍ عرَبيٍّ فَصيح، لتُنذِرَ بهِ قَومَكَ في مكَّة، ومَنْ حَولَها مِنْ سائرِ القُرَى والبِلادِ في الأرْض، وتُخَوِّفَهمْ مِنْ يَومِ القِيامَة، الذي يُجمَعُ فيهِ الخلائقُ للحِسابِ والجَزاء، ولا شَكَّ أنَّهُ آتٍ. وهُناكَ فَريقانِ فَقَطْ في ذلكَ اليَوم، فَريقٌ كائنٌ في جنَّاتِ النَّعيم، وهمُ المؤمِنون، وآخَرونَ مُخَلَّدونَ في نارٍ تتَلظَّى، وهمُ الكافِرون.
﴿وَلَوۡ شَآءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَالظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [الشورى :8]
ولو أرادَ اللهُ لجعلَ النَّاسَ على دِينٍ واحِد، ولكنْ شاءَتْ إرادَتُهُ سُبحانَهُ أنْ يُبَيِّنَ لهمْ طَريقَ الهِدايَةِ والضَّلال، ويُعطيَهمْ حُرِّيَّةَ الاختِيار، فيُدخِلُ مَنْ يَشاءُ في رَحمَتِه، بهدايَتِهِ وتَوفيقِه، ويُدخِلُ مَنْ يَشاءُ في عَذابِه، بأنْ لا يَهديه، كُلٌّ حسَبَ استِعدادِه، وعَزمِهِ وتَصميمِه، والكافِرونَ ليسَ لهمْ وَليٌّ يَلي أمرَهمْ ويُدافِعُ عنهم، ولا مُساعِدٌ يُخَلِّصُهمْ مِنَ النَّار.
﴿أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۖ فَاللَّهُ هُوَ الۡوَلِيُّ وَهُوَ يُحۡيِ الۡمَوۡتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [الشورى :9]
لقدِ اتَّخَذوا في الدُّنيا آلهةً يُوالُونَهمْ مِنْ دونِ الله، فكانوا يَستَعينونَ بهمْ ويَطلُبونَ شَفاعَتَهمْ ونُصرَتَهم، واللهُ هوَ الوَليُّ الحقّ، فلا يُنتَصَرُ إلاّ به، ولا يُعبَدُ إلاّ هو، وهوَ الذي يُحيي الموتَى مِنْ قُبورِهمْ وقدْ صَاروا عِظامًا باليَة، وهوَ القادِرُ على كُلِّ شَيء.
﴿وَمَا اخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى اللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ﴾ [الشورى :10]
وما اختَلفتُمْ فيهِ مِنْ أمرٍ مِنَ الأُمُور، فالحُكمُ فيهِ للهِ تَعالَى في كتابِه، وللرسُولِ صلى الله عليه وسلم في سُنَّتِه، ذلكمُ الحاكِمُ في كُلِّ شَيء، هوَ رَبِّيَ العَظيمُ الشَّأن، استعَنتُ به، وفوَّضْتُ أمري إليه، وإليهِ أرجِعُ في كُلِّ أُمورِي.
﴿فَاطِرُ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ الۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الۡبَصِيرُ﴾ [الشورى :11]
خالِقُ السَّماواتِ العَظيمَة، والأرْضِ وما فيها، الذي خلقَ لكمْ مِنْ جِنسِكمْ وشَكلِكمْ نِساءً، كما خلقَ مِنْ جِنسِ الأنعامِ ذُكورًا وإناثًا، ويُكَثِّرُكمْ بالتَّوالُد. ليسَ كَمِثلِ اللهِ شَيء، فلا يُماثِلُهُ أحَدٌ مِنْ خَلقِه، ولا نَظيرَ لهُ ألبتَّة، وهوَ السَّميعُ لكُلِّ ما يَقولُهُ الخَلق، البَصيرُ بكُلِّ المَوجوداتِ وأحوالِها.
﴿لَهُۥ مَقَالِيدُ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ الرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ﴾ [الشورى :12]
لهُ مَفاتِحُ خَزائنِ السَّماواتِ والأرْض، وهوَ وحدَهُ المُتصَرِّفُ فيها، يُوَسِّعُ الرزقَ على مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِه، ويُضَيِّقُ على مَنْ يَشاءُ منهم، وهوَ العَليمُ بأحوالِهم، المُحيطُ بكُلِّ شَيءٍ عِلمًا.
﴿۞شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَالَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى الۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِۚ اللَّهُ يَجۡتَبِيٓ إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَن يُنِيبُ﴾ [الشورى :13]
شَرَعَ اللهُ لكمْ مِنَ الدِّينِ - أيُّها المُسلِمونَ - ما أوصَى بهِ أُولي العَزمِ مِنْ أنبِيائهِ المَشهورين: نُوحًا، والذي أوحَى اللهُ إليكَ مِنَ القُرآنِ وشَرائعِ الإسلام، وما وصَّينا بهِ إبراهيمَ، وموسَى، وعيسَى، وأمرَهمْ بهِ أمرًا مُؤكَّدًا، وهوَ تَوحيدُ اللهِ وطاعَتُه، أنِ اعمَلوا بذلكَ وحافِظوا عَليه، وائتَلِفوا ولا تَختَلِفوا في دينِكم، شَقَّ وثَقُلَ على المُشرِكينَ ما تَدعوهمْ إليهِ مِنَ التَّوحيدِ وتَركِ عِبادَةِ الأصْنام. واللهُ يَختارُ لدِينِهِ مَنْ يَشاء، ويَهدي إليهِ مَنْ يُقبِلُ على طاعَتِه.
﴿وَمَا تَفَرَّقُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ الۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى لَّقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ﴾ [الشورى :14]
وما اختلَفَ أهلُ الكتابِ إلاّ بعدَ أنْ جاءَهمُ العِلمُ وقامَتْ عَليهمُ الحُجَّة، ووَضَحَ أمامَهمُ الطَّريق، بإرسَالِ الرسُلِ إليهم، وإنزالِ الكتُبِ عَليهم، فترَكوا الدَّليل، ولازَموا الخِلافَ والجِدال، حسَدًا وتَباغُضًا، وعِنادًا واستِكبارًا. ولولا وَعدٌ مِنَ اللهِ بتأخيرِ العَذابِ عَنهمْ وإنظارِهمْ إلى يَومِ القيامَة، لقُضيَ بينَ المؤمِنينَ والكافِرين، وأُنزِلَتِ العُقوبَةُ بالمُكَذِّبين، وإنَّ أهلَ الكتابِ المتأخِّرينَ في شَكٍّ مِنْ كتابِهم، وحَيْرَةٍ مِنْ أمرِهم.
﴿فَلِذَٰلِكَ فَادۡعُۖ وَاسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَيۡنَكُمُۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُۖ اللَّهُ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَاۖ وَإِلَيۡهِ الۡمَصِيرُ﴾ [الشورى :15]
فلأجلِ ما ذُكِرَ مِنَ التفَرُّقِ والاختِلافِ أيُّها الرسُول، ادْعُ النَّاسَ إلى الدِّين، وإلى الوَحدَةِ والائتِلاف، واثبُتْ كَما أَمرَكَ اللهُ أنتَ ومَنِ اتَّبعَكَ على التَّوحيدِ والطَّاعَة، وداوِموا عَليه، ولا تتَّبِعْ أهواءَ المُشرِكينَ الفاسِدَة، وآراءَهمُ الضَّالَّة، وقُل: صَدَّقتُ بجَميعِ الكتُبِ المُنزَلَةِ مِنْ عندِ الله، وأمرَني اللهُ بأنْ أحكُمَ بينَكمْ بالعَدل، في جَميعِ الأحوال.
اللهُ رَبُّنا جَميعًا، وهوَ مُتوَلِّي أُمورِنا، لنا أعمالُنا التي نُحاسَبُ عَليها، ونُثابُ أو نُعاقَبُ عَليها، ولكمْ أعمالُكمُ التي اكتَسَبتُموها ولا يَتعَدَّى ضَرَرُها إلينَا، لا مُحاجَجةَ ولا مُناظرةَ بينَنا وبينَكم، فقدْ ظهرَ الحقّ، وتبيَّنَ سبَبُ المُخالَفَة، وهوَ المُكابَرَةُ والعِنادُ مِنْ قِبَلِكم.
وكانَ هذا بمكَّة، قَبلَ نُزولِ آيَةِ القِتال، فهيَ مَنسوخَة. وقالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرين: مَعناها أنَّ الكَلامَ بعدَ ظُهورِ الحُجَجِ والبَراهينِ قدْ سقَطَ بينَنا، فلمْ يَبقَ إلاّ السِّيف. فعلَى هذا تَكونُ مُحكَمَة.
اللهُ تعالَى يَجمَعُ بينَنا يَومَ القِيامَة، وإليهِ مَرجِعُنا يَومَ الحِساب، فيَفصِلُ بينَنا، ويُجازي كُلاًّ بما يَستَحِقّ.
﴿وَالَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي اللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا اسۡتُجِيبَ لَهُۥ حُجَّتُهُمۡ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ وَلَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٌ﴾ [الشورى :16]
والذينَ يُخاصِمونَ في دِينِ اللهِ ويَصُدُّونَ عنهُ النَّاس، مِنْ بعدِ أنِ استَجابوا لنِداءِ اللهِ ودخَلوا في دِينِه، ليُشَكِّكوهمْ فيهِ ويَتركوه، ويَعودوا إلى ما كانوا عَليهِ مِنَ الكُفرِ والجاهليَّة، حُجَّتُهمْ باطِلَةٌ عندَ رَبِّهم. وجدالُهمْ لا حقَّ فيهِ أصْلاً، وإنَّما هوَ خُصومَةٌ ولَجاجَة، وعَليهمْ غضَبٌ وسَخَطٌ مِنَ الله، لعِنادِهمْ واستِكبارِهم، ولهمْ عَذابٌ أليمٌ يَومَ القِيامَة.
﴿اللَّهُ الَّذِيٓ أَنزَلَ الۡكِتَٰبَ بِالۡحَقِّ وَالۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٞ﴾ [الشورى :17]
اللهُ الذي أنزلَ الكتُبَ على أنبِيائهِ بالحقِّ والصِّدق، والعَدلِ والإنصَاف، فاغتَنِمْ هذهِ الدُّنيا بالعمَلِ الصَّالِح، قَبلَ أنْ تُفاجَأ بالمَوتِ أو البَعث، وما يُدريك، فلعلَّ يَومَ القِيامَةِ قَريب؟
﴿يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا الۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ﴾ [الشورى :18]
يَستَعجِلُ الكافِرونَ بالسَّاعَةِ تَكذيبًا وإنكارًا، ويَقولونَ استِهزاءً: متَى تَقومُ السَّاعَة؟ والمؤمِنونَ خائفونَ وَجِلونَ منها، ويَعلَمونَ أنَّها آتيَةٌ لا رَيبَ فيها، فيَعمَلونَ مِنْ أجلِها. ألَا إنَّ الذينَ يُجادِلونَ في السَّاعَةِ بالباطِلِ جاهِلونَ بَعيدونَ عنِ الحقّ.
﴿اللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ الۡقَوِيُّ الۡعَزِيزُ﴾ [الشورى :19]
اللهُ لَطيفٌ بخَلقِه، كثيرُ الإحسَانِ إليهم، فقدْ أكرمَهمْ وأمدَّهمْ بالعَقلِ والفَهم، وأنزلَ عليهمُ الكتُبَ ليَهتَدوا، ولا يأخذُهمْ بالعَذابِ فَورَ عِصيانِهم، ويَرزقُهمْ بما يَشاءُ مِنْ أنواعِ البِرِّ والخَيرات، وهوَ القادِرُ القَويّ، العَزيزُ الذي لا يُمنَعُ ممَّا يُريد.
﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ الۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ الدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي الۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ﴾ [الشورى :20]
مَنْ كانَ يُريدُ بأعمالِهِ ثَوابَ الآخِرَةِ أعطَيناهُ إيَّاهُ وضاعَفناهُ له، ومَنْ كانَ يُريدُ بأعمالِهِ مَتاعَ الدُّنيا وطيِّباتِها أعطَيناهُ منهُ نَصيبَه، وحرَمناهُ ثَوابَ الآخِرَة، فهوَ لم يَعمَلْ لها ولم يَطلُبْها.