﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ اللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ الۡفَصۡلِ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ الظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [الشورى :21]
بلْ إنَّ لهؤلاءِ المشرِكينَ شياطينَ مِنَ الجِنِّ والإنسِ زَيَّنوا لهمْ أشياءَ مُنكَرَةً في أنفُسِهم، فحرَّموا لهمُ الحَلال، وأحَلُّوا لهمُ الحَرام، كالشِّرك، وإنكارِ البَعث، وتَحليلِ المَيْتَةِ والدَّم، وغَيرِها، فالتزَموا بها وصارَتْ لهمْ شِرعَة، وهوَ ما لم يأمُرْ بهِ الله، وهوَ وَحدَهُ سُبحانَهُ الذي يَشرَعُ ويَأذَنُ لرَسُولِهِ بذلك، ولولا القَضاءُ الذي قضَى بهِ اللهُ بتأخيرِ حِسابِهمْ وعَذابِهمْ إلى يَومِ القِيامَة، لقُضيَ بينَ المؤمِنينَ والكافِرين، وعُوجِلَ الكافِرونَ بالعُقوبَة، ولهمْ في الآخِرَةِ عَذابٌ مؤلِمٌ مُوجِع.
﴿تَرَى الظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ الۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ الۡفَضۡلُ الۡكَبِيرُ﴾ [الشورى :22]
ترَى الكافِرينَ يَومَ القيامَةِ خائفينَ خَوفًا شَديدًا مِنْ أعمالِهمُ السيِّئةِ التي اقترَفوها في الدُّنيا، وما يَخافونَ منهُ مِنَ العَذابِ واقِعٌ بهم. والذينَ آمَنوا باللهِ وأخلَصوا لهُ في الطَّاعَةِ والعمَل، مَنازِلُهمْ في رياضِ الجنَّةِ وأطيَبِ بِقاعِها، ولهمْ ما يَشتَهونَ مِنَ المآكِلِ والمَشارِبِ اللَّذيذَةِ عندَ رَبِّهم، وذلكَ هوَ النِّعمَةُ الكبيرَة، والفَوزُ العَظيم.
﴿ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا الۡمَوَدَّةَ فِي الۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ﴾ [الشورى :23]
وهذا الفَضلُ الكبيرُ هوَ ما يُبَشِّرُ اللهُ بهِ عِبادَهُ المؤمِنين، الذينَ أحسَنوا العمَلَ في الدُّنيا.
وقُلْ أيُّها الرسُول: إنَّني لا أطلبُ منكمْ يا مَعشرَ قُرَيشٍ على هذا البَلاغِ والنُّصحِ أجرًا تُؤدُّونَهُ إليّ، إلاّ أنْ تَوَدُّوني في قَرابَتي منكم، وتَصِلوا ما بيني وبينكمْ مِنَ الرَّحِم، حتَّى أُبَلِّغَ رِسالَةَ رَبِّي. "ولم يَكنْ بَطنٌ مِنْ قُرَيشٍ إلاّ كانَ للرسُولِ صلى الله عليه وسلم فيهمْ قَرابة"، كما قالَهُ ابنُ عبَّاسٍ في صَحيحِ البُخاريّ.
ومَنْ يَكتَسِبْ حسَنةً نَزِدْ لهُ في تلكَ الحسنَةِ الأجرَ والثَّواب، ونُضاعِفْها له، واللهُ غَفورٌ لذُنوبِ عِبادِهِ المؤمِنين، ولو كانتْ كثيرَة، شَكورٌ لحسَناتِهم، فيُضاعِفُها لهمْ ولو كانتْ قَليلَة.
﴿أَمۡ يَقُولُونَ افۡتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ اللَّهُ الۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ الۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الشورى :24]
بلْ إنَّ المشرِكينَ يَزعُمونَ أنَّ محمَّدًا كذَبَ على اللهِ بادِّعاءِ نُزولِ الوَحي عليه! وإذا كانَ دَعواهُمْ صَحيحًا، فإنْ يَشَأِ اللهُ يَطبَعْ على قَلبِكَ ويَنتَزِعْ ما آتاكَ مِنَ القُرآن، بلْ همُ المُفتَرونَ في هذا الكَلام. واللهُ يَمحَقُ الباطِلَ ويُثبِتُ الحقَّ بوَحيهِ وقَضائه، إنَّهُ عَليمٌ بما تُخفيهِ الصُّدور، وما تُكنُّهُ الضَّمائر.
﴿وَهُوَ الَّذِي يَقۡبَلُ التَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَعۡفُواْ عَنِ السَّيِّـَٔاتِ وَيَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ﴾ [الشورى :25]
وهوَ التوَّابُ الذي يَقبَلُ التَّوبَةَ عنْ عِبادِهِ إذا تابُوا وأنابُوا، ويَعفُو عنهمْ ويَغفِرُ لهمْ سيِّئاتِهم، صَغيرَها وكبيرَها، واللهُ يَعلَمُ ما تَفعَلونَ مِنْ خَيرٍ وشَرّ.
﴿وَيَسۡتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَالۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ﴾ [الشورى :26]
ويَستَجيبُ اللهُ دُعاءَ الذينَ آمَنوا وعَمِلوا الأعمَالَ الصَّالِحة، ويَزيدُهمْ على ما استحَقُّوا مِنَ الثَّوابِ مِنْ فَضلِهِ الواسِع، والكافِرونَ مُبعَدونَ مِنْ رَحمَةِ الله، ولهمْ عَذابٌ أليمٌ في جهنَّم.
﴿۞وَلَوۡ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي الۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ﴾ [الشورى :27]
ولو وسَّعَ اللهُ الرِّزقَ لعِبادِهِ وأعطاهُمْ فَوقَ حاجَتِهم، لطغَوا وتجبَّروا، وأفسَدوا في الأرْض، ولكنَّهُ يُنَزِّلُ لهمْ مِنَ الرِّزقِ بقَدْرِ مَصلحَتِهم، كما تَقتَضيهِ حِكمَتُهُ تَعالَى، وهوَ أعلَمُ بما يُصلحُهم، فيُغني مَنْ يَستَحِقُّ الغِنَى، ويُفقِرُ مَنْ يَستَحِقُّ الفَقر. واللهُ خَبيرٌ بأمرِ عِبادِه، بَصيرٌ بما يَلزَمُهمْ وما يُصلِحُهم.
﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ الۡوَلِيُّ الۡحَمِيدُ﴾ [الشورى :28]
وهوَ الرَّحيمُ بعِبادِه، الذي يُنَزِّلُ المطرَ ليُغيثَهمْ مِنَ الجَدْبِ والقَحط، بَعدَما يَئسوا مِنْ نُزولِه، ويَبسُطُ رَحمتَهُ بهذا المطَر كذلكَ على السَّهلِ والجبَل، والنَّباتِ والحيَوان، وهوَ الذي يَتولَّى عِبادَهُ بالإحسَانِ إليهمْ والتفَضُّلِ عَليهم، وهوَ وَحدَهُ المُستَحِقُّ للحَمدِ بذلك.
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ﴾ [الشورى :29]
ومِنْ آياتِهِ الدَّالَّةِ على قُدرَتِهِ وعظَمَتِه، خَلقُ السَّماواتِ والأرْض، بتناسُقٍ مُحكَم، وشَكلٍ بَديع، ونِظامٍ دَقيق، وما نشَرَ فيهما مِنْ أحيَاء، صَغيرَةٍ وكبيرَة، مِنْ إنس، وجِنّ، ومَلائكة، وسائرِ الحيَوانات، بأنواعِها وأشكالِها، واختِلافِ صِفاتِها وطَبائعِها ولُغاتِها، وهوَ قادِرٌ على جَمعِهمْ يَومَ القيامَةِ في صَعيدٍ واحِدٍ للحِسابِ والجَزاء، عندَما يَشاءُ ذلك.
﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ﴾ [الشورى :30]
وما أصابَكمْ مِنْ بَلاءٍ ونَكبَةٍ في الدُّنيا، فبسبَبِ مَعاصيكمْ وسيِّئاتِكمُ التي اقترَفتُموها، ويَصفَحُ اللهُ عنِ الكثيرِ ممَّا بَدرَ منكم، فلا يُعاقِبُكمْ عَليها.
﴿وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي الۡأَرۡضِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ﴾ [الشورى :31]
وما أنتُمْ بمانِعينَ اللهَ مِنْ أنْ يُجرِيَ حُكمَهُ وقَضاءَهُ عَليكم، أينَما كنتُمْ في الأرْض، ومَهما تحَصَّنتُمْ فيها، فكلُّ شَيءٍ فيها مُلكُه، وحُكمُهُ وتَصَرُّفُهُ نافِذٌ في كُلِّ مَكان، ولا أحدَ يَقدِرُ على مَنعِ عَذابِ اللهِ إذا قدَّرَهُ عَليكم، ولا أنْ يَدفعَهُ عنكمْ إذا وقَعتُمْ فيه.
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ الۡجَوَارِ فِي الۡبَحۡرِ كَالۡأَعۡلَٰمِ﴾ [الشورى :32]
ومِنْ آياتِ اللهِ الدالَّةِ على قُدرَتِهِ أنْ سخَّرَ لكمُ البحرَ لتَجريَ فيهِ السُّفُنُ وهيَ كالجِبال، كالبواخِرِ ذَواتِ الطبقات، وناقِلاتِ النِّفطِ وما إليه، والأساطِيلِ الحربيَّةِ التي فيها مَطارات.
﴿إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ الرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ﴾ [الشورى :33]
إنْ يُرِدِ اللهُ يُوقِفِ الرِّيحَ التي تُسيِّرُ السُّفُن، فتَبقَى واقِفَةً في الماء. وفيما سخَّرَهُ اللهُ لكمْ مِنَ البَحرِ والرِّيحِ آياتٌ وعِبَر، لكُلِّ صَبورٍ في الشَّدائد، شاكرٍ لنِعَمِ رَبِّهِ في الرَّخاء.
﴿أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ﴾ [الشورى :34]
ولو شاءَ اللهُ لأغرَقَ تلكَ السُّفُنَ وأهلكَ أهلَها، بتهييجِ الرِّياحِ وجَعلِها نِقمَةً بدلَ تَسييرِها، بسبَبِ ما اكتسَبوا مِنْ آثامٍ وجَرائم، ويَعفو اللهُ عنْ كثيرٍ مِنْ ذُنوبِهمْ ولا يُعاقِبُهمْ بإسكانِ الرِّيحِ أو إغراقِ السُّفُن.
﴿وَيَعۡلَمَ الَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٖ﴾ [الشورى :35]
وليَعلَمَ الذينَ يُجادِلونَ في آياتِنا وأدلَّتِنا بالباطِلِ أنْ لا مَهربَ لهمْ مِنْ بأسِنا، ولا مَخلَصَ لهمْ مِنْ عَذابِنا.
﴿فَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ الۡحَيَوٰةِ الدُّنۡيَاۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الشورى :36]
فما حصَلتُمْ على شَيءٍ مِنْ زينَةِ الدُّنيا ونَعيمِها، فمَتاعٌ تتَمتَّعونَ بهِ مُدَّةَ حياتِكم، وتَزولُ عنكمْ بزَوالِكم، وما عندَ اللهِ مِنَ الثَّوابِ في الآخِرَةِ أفضَلُ وأدوَم، للَّذينَ آمَنوا برَبِّهمْ وأخلَصوا لهُ الطَّاعَة، ويَعتَمِدونَ عليهِ في أُمورِهمْ كُلِّها.
﴿وَالَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ الۡإِثۡمِ وَالۡفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ﴾ [الشورى :37]
والذينَ يَجتَنِبونَ كبائرَ الذُّنوب، وما تَفاحَشَ عمَلُهُ واستُنكِر. والذينَ إذا ثارُوا وغَضِبوا لم يَظلِموا النَّاسَ ولم يَنتَقِموا، ولكنْ أنابُوا إلى رَبِّهمْ وعَلِموا ما عندَهُ مِنَ الثَّوابِ فكظَموا غَيظَهم، وحَلُمُوا وعفَوا عنهم.
﴿وَالَّذِينَ اسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ الصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ﴾ [الشورى :38]
والذينَ أطاعُوا ربَّهم، واتَّبَعوا رُسُلَه، وحافَظوا على صَلواتِهم، وشأنُهمْ أنْ يَتشاورُوا فيما بينَهمْ ولا يَتعَجَّلوا في الأمُور. وفي الاستِشارَةِ فوائد، في الأسرَة، وفي العمَل، والتِّجارَة، والحَرب، والإدارَة، يَعودُ نَفعُها على الأفرادِ والجَماعاتِ والأُمَم، وما خابَ مَنِ استَشار. ومنَ الآراءِ الفَرديَّةِ ما تَكونُ الخَسارَةُ فيها كبيرَة، وخاصَّةً في القَضايا المَصيريَّة. فلا بُدَّ مِنْ مُشاوَرَةِ أهلِ الرأي والحَلِّ والعَقد، والاستِبدادُ بالرأي ليسَ مِنْ صِفاتِ المؤمِنين، بلْ هوَ مُخالَفَةٌ لأمرِ رَبِّ العالَمين.
ومِنْ صِفاتِهمْ أنَّهمْ لا يَنسَونَ المُحتاجينَ مِنْ إخوانِهم، فيَقضُونَ حَوائجَهم، ويُنفِقونَ أموالَهمْ في وجوهِ البِرِّ والإحسَان.
﴿وَالَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ الۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ﴾ [الشورى :39]
والذينَ إذا أصابَهمْ ظُلمٌ وإجحَاف، انتَصَروا لأنفُسِهم، وانتقَموا ممَّنْ ظَلمَهم، ولم يَكونوا عاجِزينَ أذِلاّء، وهمْ إنْ شاؤوا عفَوا، وغَيرُهمْ قدْ يَتَجاوزونَ في الانتِقام. والمؤمِنُ عَزيزُ النَّفسِ لا يُستَذَلّ، فإذا قَدَرَ عفا.
﴿وَجَزَـٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى اللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ الظَّـٰلِمِينَ﴾ [الشورى :40]
وجَزاءُ اعتِداءٍ هوَ المُماثلَةُ فيه، يَعني القِصاص {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة: 194]. فمَنْ عَفا وتَجاوَزَ عنْ حَقِّه، وأصلحَ بينَهُ وبينَ مَنْ أساءَ إليه، فلهُ جَزاءٌ عَظيمٌ عندَ رَبِّه، واللهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين، الذينَ يَبدَؤونَ بالسيِّئة، أو يَتَجاوَزونَ الحدَّ في الانتِقام.