﴿وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ﴾ [الحاقة :41]
وليسَ هوَ بقَولِ شاعِرٍ كما يَقولُ الجاهِلون، فالشِّعرُ مَعروفٌ بأوزانِهِ وقَوافيه، ونُقَّادُهُ يَعرِفونَهُ جيِّدًا، ومحمَّدٌ لا يُحسِنُ قَولَ الشِّعر، وأنتُمْ قَليلاً ما تُصَدِّقونَ هذا، تمَرُّدًا وعِنادًا مِنكم.
﴿وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة :42]
ولا هوَ بقَولِ كاهِنٍ كما تدَّعون، فإنَّ أحوالَ نبيِّكمْ وشَأنَهُ بينَكم، وكلِماتِهِ ودَعوتَه، لا تُوافِقُ شَأنَ الكهَّانِ الذينَ يُورِدُونَ الأخبارَ بالظُّنونِ والأباطِيلِ فيَكذِبون، وأنتُمْ قَليلاً ما تَتذَكَّرونَ هذا وتتَّعِظونَ به.
﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الحاقة :43]
إنَّهُ وَحيٌ مِنَ اللهِ أنزلَهُ على نَبيِّهِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بواسِطَةِ جِبريل(152) .
(152) عبَّرَ عن الجلالةِ بوصفِ {رَّبِّ الْعَالَمِينَ} دونَ اسمِهِ العلَم، للتنبيهِ على أنه ربُّ المخاطَبين، وربُّ الشعراءِ والكهَّانِ الذين كانوا بمحلِّ التعظيمِ والإِعجابِ عندهم، نظيرَ قولِ موسى لفرعون: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [سورة الشعراء: 26}. (التحرير والتنوير).
﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ الۡأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة :44]
ولو أنَّ النبيَّ افترَى عَلينا قَولاً، أو زادَ أو نقَصَ مِنْ وَحينا إليهِ شَيئًا،
﴿لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِالۡيَمِينِ﴾ [الحاقة :45]
لأمسَكناهُ وانتقَمْنا منهُ بقُوَّةٍ وقُدرَة،
﴿ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ الۡوَتِينَ﴾ [الحاقة :46]
ثمَّ لقطَعنا منهُ نِياطَ قَلبِه. والوَتين: الشِّريانُ الرَّئيسيُّ الخارِجُ مِنَ القَلب.
﴿فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ﴾ [الحاقة :47]
فلا يَقدِرُ أحَدٌ منكمْ على مَنعِنا مِنْ عُقوبَتِهِ إذا أرَدنا بهِ ذلك.
﴿وَإِنَّهُۥ لَتَذۡكِرَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [الحاقة :48]
وإنَّ هذا القُرآنَ مَوعِظَةٌ للمُؤمِنينَ الصَّالحين، يَنتَفِعونَ بهِ فيَهتَدون، ويَعمَلونَ بهِ فيَفوزُون.
﴿وَإِنَّا لَنَعۡلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ﴾ [الحاقة :49]
ونحنُ نَعلَمُ أنَّهُ يوجَدُ منكمْ مَنْ يُكذِّبُ بالقُرآن، معَ وضوحِ آياتِهِ وصِدقِ رسُولِه.
﴿وَإِنَّهُۥ لَحَسۡرَةٌ عَلَى الۡكَٰفِرِينَ﴾ [الحاقة :50]
وإنَّ التَّكذيبَ بهِ سيَكونُ حَسرَةً ونَدامَةً عَلى الكافِرينَ يَومَ الجَزاءِ والحِساب، بما يرفَعُ اللهُ بهِ منْ شأنِ المؤمِنين بهِ ويُثيبُهم، ويَحطُّ منْ قَدْرِ المُكذِّبينَ بهِ ويُعَذِّبُهم.
﴿وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ الۡيَقِينِ﴾ [الحاقة :51]
وإنَّهُ الحقُّ الثَّابتُ، والخبَرُ الصَّادِقُ المُتيقَّن، الذي لا يَعتَريهِ الشَّكّ.
﴿فَسَبِّحۡ بِاسۡمِ رَبِّكَ الۡعَظِيمِ﴾ [الحاقة :52]
فاذكرِ اللهَ باسمِهِ العَظيم، ونزِّهْهُ تَنزيهًا؛ شُكرًا لهُ على ما أوحَى بهِ مِنَ القُرآنِ العَظيم.