تفسير سورة المعارج

  1. سور القرآن الكريم
  2. المعارج
70

﴿سَأَلَ سَآئِلُۢ بِعَذَابٖ وَاقِعٖ﴾ [المعارج:1]


سألَ سائلٌ كافِرٌ عنْ عَذابِ الله، إنكارًا واستِهزاءً، وهوَ واقِعٌ لا مَحالَة، آمَنَ بهِ أمْ لم يُؤمِن.

﴿لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ﴾ [المعارج:2]


وهوَ مُعَدٌّ للكافِرين، لا يَقدِرُ على رَدِّهِ أحَد.

﴿مِّنَ اللَّهِ ذِي الۡمَعَارِجِ﴾ [المعارج:3]


أرادَ اللهُ كَونَهُ فهوَ كائنٌ لا بُدّ، سُبحانَه، صاحِبُ السَّماوات، أو الدَّرَجات.

﴿تَعۡرُجُ الۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ﴾ [المعارج:4]


تَصعَدُ إليهِ المَلائكة، وجبريلُ - إشارَةً إلى فَضلِهِ مِنْ بينِهمْ عليهِ السَّلام - في يَومٍ كانَ زمَنُهُ خَمسينَ ألفَ سنَةٍ ممَّا تَعُدُّون. وقيل: المقصودُ بالعُروج: الصُّعودُ إلى عَرشِهِ سُبحانَهُ وتَعالَى. ومُعظَمُ السَّلَفِ يَعُدُّونَ ذلكَ مِنَ المُتشابِه... فاللهُ أعلَم.

﴿فَاصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا﴾ [المعارج:5]


فاصبِرْ أيُّها الرسُولُ على تَكذيبِ قَومِكَ لك، واطمَئنَّ ولا تَضجَرْ ولا تَقلَق، وارْضَ بقدَرِ الله، وثِقْ بالعاقِبَةِ الحسنَة.

﴿إِنَّهُمۡ يَرَوۡنَهُۥ بَعِيدٗا﴾ [المعارج:6]


إنَّهمْ يَرَونَ العَذابَ الذي يَحِلُّ بهمْ بَعيدَ الوقوع.

﴿وَنَرَىٰهُ قَرِيبٗا﴾ [المعارج:7]


ونحنُ نَراهُ واقِعًا قَريبًا. وما هوَ آتٍ قَريب.

﴿يَوۡمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالۡمُهۡلِ﴾ [المعارج:8]


يَومَ تَكونُ السَّماءُ واهيَة، ويَكونُ لَونُها كعَكَرِ الزَّيت.

﴿وَتَكُونُ الۡجِبَالُ كَالۡعِهۡنِ﴾ [المعارج:9]


وتَكونُ الجِبالُ ضَعيفَةً مُتناثِرَةً كالصُّوفِ المَتفَرِّقِ بَعضُهُ عنْ بَعض.

﴿وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا﴾ [المعارج:10]


وكُلٌّ مَشغولٌ بنَفسِهِ عنْ غَيرِه، فلا يَسألُ قَريبٌ قَريبَهُ عمَّا هوَ فيه، وإنْ كانَ في شِدَّة.

﴿يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ الۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ﴾ [المعارج:11]


وهمْ يرَونَهم، لا يَخفَونَ عَليهم. يَتمَنَّى الكافِرُ يَومَئذٍ لو يَفتَدي نَفسَهُ مِنَ العَذابِ الذي ابتُليَ بهِ بأولادِهِ، وهمْ مُهجَةُ قَلبِه،

﴿وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ﴾ [المعارج:12]


وزَوجتِهِ التي كانَ يَحميها ويُدافِعُ عنها، وأخيهِ الذي مِنْ أُمِّهِ وأبيه،

﴿وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُـٔۡوِيهِ﴾ [المعارج:13]


وعَشيرَتِهِ التي كانتْ تَضُمُّهُ ويَلوذُ بها، وقدِ انفصَلتْ عَنه، وصارَ كُلٌّ لنَفسِه،

﴿وَمَن فِي الۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ يُنجِيهِ﴾ [المعارج:14]


وجَميعِ مَنْ في الأرضِ مِنَ الخلائق، يوَدُّ لو يَفتَدي بهمْ جَميعًا ليتخلَّصَ مِنَ العَذاب.

﴿كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ﴾ [المعارج:15]


كلاَّ، لا يُنجيهِ مِنْ عَذابِ اللهِ شَيء، إنَّها جهنَّمُ التي تَتلهَّبُ نارُها وتتَّقِد،

﴿نَزَّاعَةٗ لِّلشَّوَىٰ﴾ [المعارج:16]


ولشِدَّةِ حَرِّها تَنزِعُ الجِلدَ واللَّحم،

﴿تَدۡعُواْ مَنۡ أَدۡبَرَ وَتَوَلَّىٰ﴾ [المعارج:17]


تُنادي النَّارُ أبناءَها مِنَ المشرِكينَ والمُنافِقين، الذينَ أدبَروا في الدُّنيا عنِ الإيمَان، وأعرضُوا عنْ طاعَةِ ربِّهم،

﴿وَجَمَعَ فَأَوۡعَىٰٓ﴾ [المعارج:18]


وجمَعوا المَالَ وجعَلُوهُ في كَنوزٍ ولم يُؤَدُّوا حقَّهُ للمُحتاجين.

﴿۞إِنَّ الۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج:19]


لقدْ خُلِقَ الإنسَانُ شَديدَ الجزَع.

﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعٗا﴾ [المعارج:20]


إذا أصابَهُ بَلاءٌ وشِدَّةٌ فَزِعَ وتألَّم وانطوَى على نَفسِه!