﴿لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ الۡقِيَٰمَةِ﴾ [القيامة:1]
أُقسِمُ بيَومِ القيامَة، الذي يَقومُ فيهِ النَّاسُ لربِّ العالَمين، فيهِ إحقَاقُ للحقّ، وإثابَةٌ للمُحسِن، وعُقوبَةٌ للمُجرِم، بالقَضاءِ العَدل.
﴿وَلَآ أُقۡسِمُ بِالنَّفۡسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة:2]
وأقسِمُ بالنَّفسِ التي تَندَمُ لعدَمِ إكثارِها مِنَ الطَّاعَةِ وأعمَالِ البِرّ، وتندَمُ لأنَّها اقترَفَتْ شَرًّا.
﴿أَيَحۡسَبُ الۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ﴾ [القيامة:3]
أيَظنُّ الإنسانُ أنَّنا غَيرُ قادِرينَ على إعادَةِ عِظامِهِ المُتَناثِرَةِ إلى مَواضعِها، وجَمعِها مِنْ أماكنِها المتَفرِّقَة؟
﴿بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ﴾ [القيامة:4]
بلَى، سنَجمَعُها أينَما كانت، قادِرينَ على تَسويَةِ أناملِهِ وتَركيبِها في مَواضعِها كما كانت.
أو على جَعلِ أصابعِ يَدَيهِ ورِجلَيهِ شَيئًا واحِدًا كخُفِّ البَعير، فلا يَقدِرُ على القيامِ بأعمالٍ لطيفَة، كالكتابَةِ والخياطَةِ وغَيرِها.
أو تَسويَةِ الخُطوطِ المُتعَرِّجَةِ الدَّقيقَةِ في أطرافِها، التي تُميِّزُ كُلَّ شَخصٍ ببَصْمَتِه.
﴿بَلۡ يُرِيدُ الۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ﴾ [القيامة:5]
بلْ يُريدُ المُكذِّبُ أنْ يَكفُرَ بيَومِ الحِسَاب. أو أنْ يُقَدِّمَ المرءُ الذَّنبَ ويُؤَخِّرَ التَّوبَةَ حتَّى يأتيَهُ الموتُ وهوَ على شرِّ أحوالِهِ وأسوَأ أعمالِه.
﴿يَسۡـَٔلُ أَيَّانَ يَوۡمُ الۡقِيَٰمَةِ﴾ [القيامة:6]
ويَسألُ مُستَبعِدًا له: متَى وقوعُه؟
﴿فَإِذَا بَرِقَ الۡبَصَرُ﴾ [القيامة:7]
فإذا تَحيَّرَ البصَرُ ودُهِشَ مِنَ الرُّعبِ والفزَع،
﴿وَخَسَفَ الۡقَمَرُ﴾ [القيامة:8]
وذهبَ ضَوءُ القمَرِ ونورُهُ فأظلَم،
﴿وَجُمِعَ الشَّمۡسُ وَالۡقَمَرُ﴾ [القيامة:9]
وجُمِعَ بينَ الشَّمسِ والقمَر، واختلَّ نِظامُهما السَّابِق،
﴿يَقُولُ الۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذٍ أَيۡنَ الۡمَفَرُّ﴾ [القيامة:10]
يَقولُ الإنسَانُ إذا وقعَتْ هذهِ الأُمورُ المُفزِعَة: كيفَ المَخرَج، وهلْ مِنْ مَلجأ؟
﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾ [القيامة:11]
كلاَّ، لا مَلجأَ لكمْ تَعتَصِمونَ فيه.
﴿إِلَىٰ رَبِّكَ يَوۡمَئِذٍ الۡمُسۡتَقَرُّ﴾ [القيامة:12]
إلى اللهِ وحدَهُ المَرجِعُ والمَصير، والحُكمُ لهُ وَحدَهُ في العِبادِ يَومَ القِيامَة.
﴿يُنَبَّؤُاْ الۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۭ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة:13]
يُخبَرُ الإنسانُ عندَ وَزنِ الأعمَالِ يَومَ الحِسابِ بجَميعِ أعمالِه، قَديمِها وحَديثِها، أوَّلِها وآخرِها.
﴿بَلِ الۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ﴾ [القيامة:14]
بلِ الإنسانُ شاهِدٌ على نفسِهِ وأعمالِه، عالِمٌ بفِعلِه،
﴿وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ﴾ [القيامة:15]
ولوِ اعتذَرَ وأنكَر، وجادَلَ وحاجَج، فإنَّهُ لا يُقبَلُ منه.
﴿لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦٓ﴾ [القيامة:16]
لا تُحرِّكْ لسانكَ بالقُرآنِ أيُّها النبيُّ وتُسابِقْ بهِ جبريلَ قَبلَ أنْ يَنتَهيَ الوَحي، لتأخُذَهُ على عجَلٍ خَشيَةَ أنْ تَنسَاه.
﴿إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ﴾ [القيامة:17]
إنَّ عَلينا جَمعَهُ وحِفظَهُ في صَدرِكَ فلا تَنسَى منهُ شَيئًا، ونُيسِّرهُ حتَّى تقرَأهُ كما أُوحيَ إليك.
﴿فَإِذَا قَرَأۡنَٰهُ فَاتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ﴾ [القيامة:18]
فإذا تلَوناهُ عَليكَ بواسِطَةِ جِبريل، فكُنْ مُنصِتًا لهُ ومُستَمِعًا لقراءَتِه، لا مُسابِقًا.
﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ﴾ [القيامة:19]
ثمَّ إنَّ علينا تَوضيحَ ما أشكلَ عَليكَ مِنْ مَعانيهِ وأحكامِه.
﴿كَلَّا بَلۡ تُحِبُّونَ الۡعَاجِلَةَ﴾ [القيامة:20]
كلاَّ أيُّها النَّاس، إنَّكمْ تُحِبُّونَ الحيَاةَ الدُّنيا وحُطامَها الفَاني، وزينتَها السَّريعَةَ الزَّوال.