ولو شِئنا لرفَعنا دَرجتَهُ ومَنْزِلَتَهُ بتلكَ الآيات، ولكنَّهُ مالَ إلى الدُّنيا ولَذَّاتها، فغرَّتْهُ وألهتْهُ عنِ الحقّ، فانقادَ إليها وسايرَ هواهُ ومُناه، ورغبتَهُ وشهوتَه، ومَثَلهُ في ذلكَ كمَثَلِ الكلب، الذي إنْ زجرتَهُ ونهرتَهُ لَهَث، وإنْ لم تَزجُرْهُ بقيَ كذلكَ يَلْهَث! فهذهِ طبيعتُه، وكذلكَ الرجلُ الذي غَرِقَ في هواهُ وصُمَّ عنْ سَماعِ الحقّ، إنْ دعوتَهُ إليهِ أو لم تَدْعُهُ لم يَنتَفِعْ بموعظَتِك، أو ساءتْ حالهُ فكانَ مُضْطَرِبَ القَلب، دائمَ القَلق، كحالِ الكلبِ في لُهاثِه.
ذلكَ مَثَلُ أهلِ مكَّة، الذينَ كانوا يَتمنَّونَ هادياً يَهديهم، فلمّا جاءَهمُ الصَّادقُ المصدوقُ صلى الله عليهِ وسلمَ كذَّبوه، أو كمَثَلِ اليَهود، الذينَ كانوا يُبَشِّرونَ بمبعَثِ رسُول، ويَذكرونَ صِفاتِه، والقُرآنَ الذي معه، فلمّا جاءَهُمْ بتلكَ الصِّفاتِ كفَروا به.
فاذكرْ هذهِ الأمثالَ والقَصَصَ ليَتفكَّرَ الناسُ ويَتدبَّروا ما فيها، ليَعتبروا ويَنْزَجِروا عن الباطلِ الذي همْ عليه.