قاتِلوا أيُّها المؤمِنونَ أهلَ الكتابِ المنحرِفينَ عنْ دينِ اللهِ - وكانَ ذلك تَمهيداً لغزوِ الرُّومِ وعمّالِهمْ منَ النَّصارَى العَربِ - الذينَ لا يؤمِنونَ باللهِ ولا بيَومِ القِيامةِ إيمانًا صَحيحًا، كما سيأتي بيانهُ في آياتٍ تالية، فقدْ قالتِ اليهودُ عُزَيْرٌ ابنُ الله، وقالتِ النصارَى المسيحُ ابنُ الله، وهذا لا يكونُ إيماناً بالله، بل هوَ آراءٌ فاسِدةٌ وأهواءٌ زائغَة.
ولا يحرِّمونَ ما حرَّم اللهُ ورسُولهُ كما أوحَى اللهُ به، فأحلُّوا الرِّبا، وأكلوا أموالَ الناسِ بالباطِل، وأحلُّوا لحمَ الخنزيرِ، والخَمر...
ولا يتَّبعُون الدِّينَ الثابتَ الذي أمرَ اللهُ به، وهوَ الإسلام، فهمْ لا يَتعاملونَ بشَريعةِ الله، بلْ يتلقَّونَ الأحكامَ مِنْ أحبارِهمْ ورُهبانِهم.
فقاتِلوهم، فهمْ حَرْبٌ على دينِ اللهِ الصَّحيح. وهمْ مُعْتَدونَ حَقيقةً، فهمْ يَعتَدونَ على أُلوهيَّةِ اللهِ الخالقِ العَظيم، وهمْ يَعتَدونَ على عبادِ اللهِ بتعبيدِهمْ لغيرِ الله. والمُعتَدي يُقاوَمُ ويُحارَب.
فقاتِلوهمْ حتَّى يُعلِنوا استِسلامَهمْ ويَدفَعوا الجِزيةَ المُستَحَقَّةَ عليهمْ عنِ انقِيادٍ وطَاعةٍ وهمْ أذلَّةٌ مَقهورون، ومَنْ أسلمَ منهمْ عنِ اختيارٍ فلا تُؤخَذُ منهُ الجِزية، بلْ صارَ كأيِّ مُسلِم، لهُ ما لَه، وعليهِ ما عليه. وإنَّ فتحَ البلادِ الكافِرَةِ يُعطي مجالاً لبيانِ دينِ اللهِ الحقِّ ضدَّ الإعلامِ المُضَلِّلِ الذي يُثيرُ حولَهُ الشُّبهاتِ والشُّكوك، ثمَّ لا يُكْرَهُ أحدٌ على الإسْلام، فمنْ شاءَ آمن، ومَنْ شاءَ بقيَ على دينهِ ودفعَ الجِزية، وهوَ مبلغٌ قليلٌ يُؤخَذُ منهمْ مقابِلَ حمايَتِهم.
ويُبيَّنُ لهمْ دِينُ الإسلامِ ويُدعَونَ إليهِ قَبلَ بَدءِ القِتال.
وأمرُ الجِهادِ مَوكولٌ إلى الإمامِ واجتِهادِه، لأنَّهُ أعرَفُ بحالِ النَّاس، وبحالِ العَدوِّ ونِكايَتِهم.