ومِنْ كُفرِ أهلِ الكتابِ أنَّهمُ اتَّخَذوا عُلماءَهمْ ورؤساءَهمْ أرباباً يعبدونَهمْ مِنْ دونِ الله، بأنْ أطاعوهُمْ في تَحريمِ ما أحلَّ اللهُ وتَحليلِ ما حرَّمهُ.
وعندما قالَ عَدِيُّ بنُ حاتمٍ لرسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ اليهودَ والنصارَى لم يَعبدوا أحبارَهمْ ورُهبانَهم، قالَ لهُ عليهِ الصلاةُ والسلام: "بلى، إنَّهمْ حرَّموا عليهمُ الحلال، وأحلُّوا لهمُ الحرام، فاتَّبعوهم، فذلكَ عبادتُهمْ إيَّاهم".
وهذا تَفسيرُ نبيِّ اللهِ لمعنَى العِبادة، ولبيانِ أحَدِ أنواعِ الكُفرِ والشِّرك، فليُقَسْ عليهِ ما هوَ مِنْ مثلِه، منْ أوامرَ وأحكامٍ مُخالِفةٍ للقُرآنِ والسنَّة. وهي كثيرةٌ في عَصرِنا.
وكذا جعلَ النصارَى نبيَّ اللهِ عيسى بنَ مريمَ ابناً لله، واتَّخذوهُ رباًّ يَعبدونَهُ معَه.
وقد أُمِرُوا على ألسنةِ الأنبياءِ، وفي الكتبِ المُنْزَلةِ منَ اللهِ عليهم، ألاّ يَعبدوا إلاّ إلهاً واحِداً، ولا يُطيعوا إلاّ أمرَه، فهوَ الذي يَشرَعُ فيُطاع، وإذا حلَّلَ شَيئاً فهوَ الحلال، وإذا حرَّمَ فهوَ الحرام، هوَ اللهُ الواحِدُ الأحَد، لا ربَّ سِواه، فلا يُعْبَدُ إلاّ هو، تَنـزَّهَ وتَقدَّسَ عنِ الشُّرَكاءِ والأولاد.