وجاءَ قَومُ لُوطٍ إليهِ وهوَ في بَيتِهِ معَ أضيافِهِ مُسرِعين؛ مِنْ فَرَحِهمْ بوجودِ شَبابٍ عندَه، وكانوا أصحابَ سَيِّئاتٍ وفَواحِشَ قَبلَ ذلك، فيَأتونَ الرِّجالِ في أدبارِهم، وهوَ ما لم يَسبِقْهُمْ إلى هذهِ الفاحِشةِ الدنيَّةِ أحَد. فقالَ لهمْ لُوطٌ عليهِ السَّلام: يا قَومي، هؤلاءِ بَناتي فتَزَوَّجُوهُنّ، فإنَّهُنَّ أطهَرُ لكمْ وأنظَفُ مِنْ هذا الفِعلِ الفَاحِشِ الذي تَبغونَهُ وتُمارِسونَه.
وذُكِرَ أنَّ تَزويجَ المؤمِناتِ منَ الكفّارِ كانَ جائزاً مِنْ قَبل.
أو أنَّ القَولَ منهُ لم يَكنْ مَجرِيًّا على الحقِيقةِ مِنْ إرادةِ النِّكاح، بلْ كانَ مُبالَغَةً في التواضُعِ لهمْ ليَستَحيوا منهمْ ويَرِقُّوا لهُ إذا سَمِعوا ذلكَ فيَترُكوا ضُيوفَه.
كما ذهبَ بعضُهمْ إلى أنَّ المقصودَ ببَناتِ النبيِّ نِساءُ قَومِه، فإنَّ النبيَّ للأمَّةِ بمَنزِلةِ الوالِد... فأرشَدَهمْ إلى ما هوَ أنفَعُ لهمْ في الدُّنيا والآخِرَة.
قالَ لهم: فاتَّقوا اللهَ بتَركِ الفَواحِش، ولا تَفضَحوني في شَأنِ ضُيوفي ولا تُخجِلوني أمامَهم، أليسَ بينَكمْ رَجُلٌ فيهِ خَير، ويَهتدي إلى الحقِّ والصَّواب؟