قالَ يوسُفُ عليهِ السَّلامُ يُناجي ربَّه، وقدْ عَرَفَ إصرارَ امرأةِ العزيزِ على الفَاحِشة، وتَمادِيها في غَيِّها، كما تَدَخَّلتْ نِساءُ القَصرِ وخَوَّفْنَهُ منْ عاقِبةِ مَخالَفَتِها، أو أنَّهُنَّ دَعَونَهُ إلى أنفُسِهِنَّ كذلك، فقالَ وهو يَبغي الخُروجَ مِنْ هذهِ الفِتنَة: يا ربّ، إنَّ العُقوبةَ بالسَّجنِ أفضَلُ عِندي مِنْ إتيانِ الفَاحِشة، الذي يؤدِّي إلى سَخَطِك، وإلى الشَّقاءِ والعَذابِ الأليم. (والأَولَى بالمَرءِ في هذا أنْ يَسألَ اللهَ العَافيةَ مِنْ هذا وذَاك). وإذا لم تَدفَعْ عنِّي مَكرَهُنَّ وحَبائلَهُنَّ، ووكَّلتَني إلى نَفسي، أمِلْ إليهِنَّ وأكُنْ منَ المُذنِبين.
"وهيَ دَعوَةُ الإنسانِ العَارِفِ ببَشَرِيَّتِه، الذي لا يَغتَرُّ بعِصمَتِه، فيُريدُ مَزيدًا منْ عِنايَةِ اللهِ وحِياطَتِه، يُعاوِنُهُ على ما يَعتَرضُهُ منْ فِتنَةٍ وكَيدٍ وإغراء". قالَهُ صاحبُ "الظِّلال".