وسَطحُ الأرضِ أنوَاع، ففيهِ أجزاءٌ يُجاوِرُ بعضُها بَعضًا إلاّ أنَّها مُختَلِفَةٌ ومُتباينَة، ففيها ما يَصلُحُ للزَّرعِ وفيها ما لا يَصلُح، وبعضُها كثيرُ الإنتاجِ وبعضُها قَليل، وبعضُها رَخْوٌ وبعضُها صُلب. فمَنْ قدَّرَ لها أنْ تَكونَ كذلك؟
وفيها بَساتينُ كثيرةٌ منْ أشْجارِ العِنَب، وزَرْعٌ فيهِ أنواعُ الحُبوبِ والبُقول، ونخيلٌ: مُجتَمِعٌ ومُتفَرِّق، أو متمَاثلٌ وغيرُ متمَاثل. وكُلُّها يُسقَى بماءٍ واحِد، ولكنَّ الثِّمارَ مُختَلفَةُ الطَّعم... ونُفَضِّلُ بعضَ هذهِ الزُّروعِ والثِّمارِ على بعضِها الآخَرِ في الطَّعْمِ والفَائدةِ وغيرِ ذلك.
وقالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في قَولهِ تعالَى {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ}: " الدَّقَل، والفارسِيّ، والحُلو، والحامِض". وهوَ حَديثٌ حسَن. والدَّقَل: رَديءُ التَّمرِ ويابسُه، والفارِسيّ: نَوعٌ مِنَ التَّمر.
وفي ذلكَ آياتٌ وأدِلَّةٌ واضِحةٌ على قُدرَةِ الخَالقِ وبَديعِ صُنعِه. هذا لمَنِ استَعمَلَ عَقلَهُ وتفَكَّر، وابتعدَ بنفسِهِ عنِ التَّقليدِ والهوَى.