فإنَّ هذهِ الأصنامَ التي جعَلوا منها آلهة، تَسَبَّبْنَ في إضْلالِ كثيرٍ منَ النَّاس، حتَّى افتَتَنوا بهنَّ وعبَدوهُنّ، فمَنْ تَبِعَني فيما أدعو إليهِ منَ التَّوحيد، فإنَّهُ مِنْ أهلِ دِيني ومِلَّتي، ومَنْ عَصاني ولم يَتْبَعْني، فأفوِّضُ أمرَهُ إليك، فإنَّكَ قادِرٌ على أنْ تَغفِرَ لهُ وتَرحمَه، ابتِداءً، أو بعدَ تَوفيقِهِ للتَّوبة.
وهذا مِنْ خصائصِ إبراهيمَ عَليهِ السَّلام، فهوَ حَليمٌ رَحيمٌ لا يَدعو بالهَلاكِ على بَنِيه، وكأنَّهُ قال: ومَنْ عصَاني فلا أدعُو عَليهم، بلْ أكِلُهمْ إلى رَحمتِكَ وهِدايَتِك، فإنَّكَ غَفورٌ رَحيم. فهوَ لا يَستَعجِلُ لهمُ العَذاب، بلْ يَتركُهمْ لرحمَةِ اللهِ وهِدايَتِه، فإنْ شَاءَ هَداهُمْ ورَحِمَهمْ وغفرَ لهم، أو لم يَفعَل.
وللمُفَسِّرينَ تأويلاتٌ شَتَّى في هذا، ومَنْ فسَّرَ العِصيانَ هُنا بغَيرِ الكُفر، فلا إشْكال.