وسَخَّرنا الرِّياحَ لتَكونَ مُلقِحَة. وقدْ ثبتَ لدَى العُلماءِ أنَّ الغُيومَ لا تُمطِرُ بنَفسِها، ولو كانتْ شَديدَةَ الرُّطوبة، فإذا توَفَّرَ لها ذَرَّاتٌ مِلحيَّةٌ أو ثَلجيَّةٌ بالِغَةُ الصِّغَر، والتَقَتْ بالكُتلَةِ الهوائيَّةِ الرَّطْبَة (الغَيم)، حصلَ التكاثُف، ثمَّ هطلَ منها المطَر. والرياحُ هيَ التي تَجلُبُ هذهِ الذَّرَّات، فتَكونُ هيَ المُلْقِحَة، وهي التي تُشَكِّلُ السَّحابةَ الرَّعديَّة، في تَفصيل... وكُلُّ ذلكَ بأمرِ اللهِ وتَقديرِه.
فيُلقِحُ الريحُ السَّحابَ ليَدُرَّ المطَر، فأنزَلنا بسببِهِ الماء، فأسقَيناكُمْ منهُ ماءً عَذبًا، تَشرَبونَ منه، ونَسقي بهِ زُروعَكمْ ودوابَّكم. والمطَرُ في خزائنِنا لا في خَزائنِكم، وهيَ بأيْدينا لا بأيْديكم. أو أنَّ مَعناه: ما أنتُمْ بقَادرينَ على حِفظِ هذا الكَمِّ منَ المياهِ التي يُنزِلُها اللهُ لكم، فيَحفَظُها لكمْ في العُيونِ والآبارِ والأنهار، لتأخُذوا منها عندَ الحاجَة.