وضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَريَةً - هيَ مَكَّةُ - كانتْ آمِنَةً مُستَقِرَّة، لا يُغَارُ عَليها ولا يُؤذَى مَنِ التَجأ إلى البَيتِ فيها ولو كانَ قاتِلاً، ومَنْ حَولَهمْ منَ النَّاسِ في حَربٍ وهَيَجانٍ وفِتنَة. ويأتيها قُوتُ أهلِها مِنْ أنواعِ الأطعِمَةِ والثِّمارِ مِنْ جَميعِ النَّواحي بسُهولَة، وهمْ في وادٍ لا يَنبُتُ فيهِ زَرع، وحولَهمْ جِبالٌ جَرداء، فجَحَدوا نِعَمَ اللهِ بدَلَ شُكرِهِ عَليها، وعَبَدوا الأصنامَ معَه، فابتَلاهمُ اللهُ بالجُوعِ والقَحطِ سَبعَ سِنين، وجَهِدوا حتَّى أكَلوا العِظامَ والجِيَف.
وكانتْ بُعوثُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسَراياهُ تَطيفُ بهم، فكانوا يَخافونَ ويَتوَقَّعونَ الإغارَةَ عَليهم، فأُبدِلوا بأمنِهمْ خَوفًا؛ جَزاءَ بَغيهمْ وشِركِهم، وعَدَمِ تَقديرِهمْ لِما أنعَمَ اللهُ بهِ عَليهمْ مِنْ رِزقٍ وأمْن، لعلَّهمْ بذلكَ يتَذكَّرونَ نِعمتَهُ ويَدَعُونَ الشِّركَ ويؤمِنونَ بالإسْلام.